11 / 06 / 2011, 46 : 03 AM
|
رقم المشاركة : [1]
|
جامعة بيرزيت ، رئيسي الكيمياء / فرع التسويق، تكتب الخواطر والقصص القصيرة
|
أمهلني حتى أعبئ أطفال سني في صفي .....
أمهلني حتى أعبئ أطفال سني في صفي .....
بقلم : فاطمه البشر
طفل بعمر الزهور يلعب مع أصدقائه في ساحة المنزل ، يتراكضون ويضحكون ، لم لا فالحياة مازالت طويلة أمامهم .
الجد كان يتمشى ويتفقد تلك الأشجار التي زرعها والده ، لقد ساعده والده في زراعة الأشجار ، كان يضرب بالمعول ، وينقل الماء في بعض الأحيان .كبرت تلك الأشجار وزينت الأرض التي لفت المنزل من جانبيه . شرد بفكره بعيدا ، مرت ذكريات حياته أمام عينيه ، تذكر أمه التي ضربت على رأسها حتى الموت ، استطرد قائلا : ولم لا ؛ فهي عارضت رغبة العظماء – قالها ساخرا- بل الأدنياء . وتذكر تلك الطلقة التي اخترقت فخذ والده ، كان يصرخ منها كلما وضع رأسه لينام ، استطرد قائلا : ولم لا ؛ فهو حاول الدفاع عن زوجته . تذكر تلك البيارة التي لطالما لعب فيها هو وأطفال سنه ، لعبوا وضحكوا وربما ناموا في أفياء أشجارها في بعض المرات .
اشتاقت روحه لتلك البيارة ، وأخذ يسأل نفسه : ماذا حل بها ؟ أيا ترى مازالت قائمة حتى الآن ؟ ماذا حل بأشجار البرتقال ؟هل مازالت تذكرني تلك الشجيرات ؟؟!! وشجرات الليمون الخمس ، أما زالت تعطي ثمارا كل شهر ؟ أم أنها يبست ؟
نفض رأسه وكأنه يريد التخلص من تلك الأفكار ، دخل المنزل متوجها إلى غرفته ، فتح ذلك الصندوق الخشبي القديم ، لقد كان هذا الصندوق لوالده أهداه إياه والده عندما كان صغيرا ، والآن هو ملكه ، فتحه وبدأ يعبث في أغراضه . كان الصندوق ممتلئا بالأوراق التي اصفرت مع مرور الزمن ، وفي أسفل الصندوق عثر عما كان يبحث ، خبأه في صدره وأعاد الصندوق إلى مكانه ، ثم خرج ينادي حفيده .
جاء الحفيد إلى جده يسأله ماذا يريد ؛ فرد الجد : سأعطيك أمانة ، لكن الحفيد قاطع جده قائلا : يا جدي أنا مازلت صغيرا ، وقد لا أستطيع حملها !! ، ربت الجد على كتف حفيده وتبسم ، ثم قال : لا وقت للطفولة يا بنيّ ، أنتم صغار لكن هنا – وأشار إلى صدر حفيده – تحملون قلبا أقوى من قلوب الرجال ، ثم إن أنتم لم تحملوا الأمانة فمن سيحملها إذا ؟؟ هل سيحملها كهلا أم شيخا لا يريد سوى أن يموت اليوم قبل الغد ؟!!
وضع الحفيد راحته على ظهر كف جده وقال : أنا لها ، سأحملها مهما كانت ، أعطني إياها ...
فأدخل الجد يده إلى صدره ثم أخرجها وهي قابضة على شيء ما - لم يستطع الحفيد معرفته - ، فتح يد حفيده ووضع ما كان يحمل فيها ، ثم أغلقها وقبض على يد حفيده بكلتا يديه وقال : هذا أغلى ما أملك ، ولم يعد هنالك ما أملك في هذه الدنيا سوى هذا ، عدني أن ترعاه جيدا ، وتضعه في صدرك حتى يحين اليوم الذي ستفتح فيه ذلك المنزل . نظر الحفيد إلى جده فوجد عينيه قد اغرورقت بالدموع ، فقال الحفيد : سأرعاه وإن كانت روحي الثمن . تبسم الجد قائلا : الآن اطمأننت على أملاكي ، ثم أفلت يد حفيده ودخل المنزل ....
فتح الحفيد يده ، فإذا هو مفتاح صدئ .... رفع الحفيد المفتاح إلى قرص الشمس بسبابته وإبهامه ، وقال : سأعيد أملاكك يا جدي ، لكن أمهلني حتى أعبئ أطفال سني في صفي ......
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|