رد: مدونة المختار الأحولي
تحياتي القلبية أخت فاطمة . في البداية أرجوا منك رفع الكلفة وناديني بالأخّ أو الصديق . فذلك أجمل من كلّ الصفات وأرقى وأبقى .
أختي العزيزة . جميل ما يدور بيننا من جدل مهمّ لكلينا فهو يكشف لي تفاصيل ما أكتب وينبّهني إلى ثغرات ربّما أفلتت مني في غفلة ما . وينير لك طريق معرفة .
قرأت بكلّ فرح فيّا ردّك على رسالتي . وتبيّن لي أنني لم أفلح في تبليغ صورة أردتها وهي التالية :
الأرض فانية . وهذا ما ذكرته الأديان في جانبها القصصي والوعظي . وأكده العلم وينبّه الآن وبشدة على اقترابنا من كارثة النهاية بفعل ما يتركه العالم المصنّع من سموم ثقبت طبقة الأوزون مثلا ودون حصر لبقية الكوارث الأخرى التي تقرّبنا حثيثا لنهاية باتت تكون حتميّة. ورغم أن القصيدة من المفترض أن تنطلق من الذاتي نحو الموضوعي أي من أميّ الحقيقية إلى الأم بمعناها الشمولي القديم الجديد . إلاّ أني من خلال ما أكّدته أراني لم أتوصّل "ربّما" إلى الإفهام والتبليغ .
وعزائي أن القصيدة نهجها في الواقع الكتابي : تخطوا من ثابت إلى متحوّل ومن المركز نحو محاور تدور في فلك المركز . ومن الواقع إلى سحر الواقع في متخيّله . لذلك صحيح أنني ذكرت أمّي وحبّي المفرط وغرامي بها محاولا بلوغ أمّ أرحب هي أيضا "وهنا يكمن سرّ الحياة" فانية لكن أسباب الفناء وهو ما حاولت أن أبلغه أننا نفنى لكن ليس مثلها فهي وإن أطالت حياتها فذلك لتعطينا المدى الكافي لنثبت لنا أننا ربّما التقينا في عالم افتراضي تخيّلي أو متخيّل لكن هي أيضا "أي هذه الأم الأرحب" فانية وبفعل الإنسان ذاته الذي رتّب خياله منذ زمان على تخيّل عالم آخر يلتقي فيه ليؤسس حياة أخرى يراها أبقى وأطول من الحياة فوق الأرض هذه التي لها قوانين لعبة محددة بفترة زمنيّة محدّدة مسبقا .
وهنا نصل إلى مدخل عالم السكر الذي لا يحرّر المتكلّم فقط بل يمدّه بالحلم "المتخيّل" الذي يحمله بعيدا في التأكيد على لقاء ما في عالم ما . بطريقة ما تفرحه ولو إلى حين صحو يشدّه إلى ضرورة الانتماء إلى حلّ جذري. –إمّا أن يصبر ويعيش كما الناس كدحا وتعبا وحلما سكران- أو أن-يحمل أوزاره ويرحل إلى حيث تكون هي ويسكنها وتسكنه في تلازم الحبّ-. وهذا الحلّ ليس بشرطه الموت العضوي بل ربّما يكون الموت في الحياة هو أحد الحلول المطروحة والتي يهبها التوحّد والسكر في غربة الذات في غربة في البلاد لأنّ الإنسان كوني قبل أن يفعل الاستعمار فعله ويحدّد مسافة ومساحة خطاه فوق الأرض وتحتها .
أختي العزيزة أنا ممتنّ لك ليس فقط على إثارة الحوار والجدل بيننا ولكنني منذ زمن لم أحاول قراءة ما له صلة بالنقد الأدبي رغم أنني كنت على وشك الردّ على دراسة للناقد والشاعر أيضا الأستاذ حاتم الصكر . والتي أجهضتها في سبيل الإلتحام وجنوني الثوريّ من ناحية وجنون الثورة التونسيّة التي فرضت عليّ طرح الطرح في مقالات أسبوعيّة بجريدة "الشعب" التونسيّة . لكنّي وبعد هذا الجدل المثمر والبناء الذي ليس فقط أنا شاكر لك إثارته بل وممتنّ. وأتمنّا أن يتواصل في نصوص أخرى والتعاون في التفاعل والتواصل لإنتاج النصّ الأرقى والخارق لي ولك .
ألف شكر أختي العزيزة فاطمة .
|