عرض مشاركة واحدة
قديم 29 / 07 / 2011, 08 : 09 AM   رقم المشاركة : [1]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

رسالتي تبحث عن ساعي بريد


أنت تعرفين بأنّ رسائلي قد كتبت لك، لم أجرؤ كعادتي وضع عنوانك فوق المغلّف. آه .. نسيت أن أخبرك بأن حاسوبي قد احترق فؤاده المعدنيّ الأحمق، كنت قد احتفظت بصورك في ملف الكتروني، لكنّه تمرّد دون سابق إنذار، ضاع عالمك الصغير الذي احتفظت به طويلا في الفضاء الافتراضي! لهذا عدت لعادتي القديمة، بدأت بكتابة رسائل ورقية، كان الحضور يشعر تجاهي بالأسى، قال لي أحدّهم هل أعيرك حاسوبي، تحدّث معها بالسكايب أو الفيس بوك. يمكنك أن تطلّ على عالمها بسهولة! لا، أرجوك دعني أغرق في عالمٍ تجهله أنت. هي تكمن بين أضلاع صدري المشتتة، كأنّها هي الأخرى تآمرت وتركت الفرصة سانحة لها كي تدخلني بكلّ عنفوانها الغادر. لا أقدر على البقاء بعيدًا عن عينيها اللتان تحملان لون العسل.

رسالتي تبحث عن ساعي بريد، يعرف عنوانها، لا يخشى أن يدقّ بابها ليخبرها بأنّ هناك من قرّر محاربة أوجه الحضارة من أجل لحظة جاهلية بصحبتها، رجل يقف عند أول الطريق المؤدية لقلبها، ينتظر دون أن يخشى المطر. سارعي فهو يكره المظلات والقفازات، حتى وإن أدى البرد إلى وقف الحياة في أطراف أصابعه التي تعشق الكتابة لك دون نساء الدنيا، لأنّك تحملين في جيناتك قوافل النساء منذ هارون الرشيد حتى مغيب نهار الغدّ.

حبل غسيلك مشنقة مشاعر، رأيت فوقه شارعًا حرابه قميص نومك، حمّالة الصدر، تنورتك القصيرة، قميصك الأبيض، أكمام الدنتيلا، حريرٌ أسود يكشف بعض الصدر، عشق غير متوقّع في ساعة متأخرة من الليل، ملاءات بيضاء ترفرف علم سلام، يشعل حربًا كامنة في نفوس الرجال. نحن كثرة نسعى خلسة نحو قلبك، لا نخجل، لا نملّ الوقوف لدهرٍ من الزمن تحت نافذة بيتك، اسقِنا نبيذًا، لا تبخلي علينا برجع الهوى قبل أن تشيخ المشاعر وتنتحر الكمنجة، قبل أن تتفتّق أوتار الجيتار حسرة.

يمتدّ البيانو حتى المدى باحثًا عن بافاروتي، وكان إلتون جون قد بكى في مأتم الأميرة ديانا، دودي الفايد دخل عالم العشق قتيلاً، وأنا لن أتنازل عن رسالتي حتى الربع الخالي، هناك سأجد ضالتي، اتبعني يا ساعي البريد.

لا أقوى على الوقوف أمام سلطة الناي، ذاك الذي تماهى مع غناءك. رأيت طيورًا تهاجر ضدّ غريزتها، حين أطلق الناي نغمة تسبق الولادة، تسبق الاحتضار، الانعتاق، الجنون. مدّد سرب الطيور أجنحته عاليًا، ارتفع فوق المحظور، ليجد نفسه قد وصل فوق تيار الهواء البارد. ارتطم بجدار غير مرئيّ، انحصر الهواء في حوصلة الطيور اليتامى قبل أن يتمزّق عند حدود التروبوسفير(1). فتات أجنحته البيضاء غطّى حديقة منزلك، حسبها الصغار شذرات ثلج هارب من القطب الشمالي فغنّوا عاتبين "ثلج .. ثلج ..عم بشّتّي الدنيا ثلج".


(1) التروبوسفير: الغلاف الجوّي الأقرب، يبعد حتى الكيلومتر العشرين ثمّ تبدأ بعد ذلك طبقة الأوزون.



نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس