[هدى نورالدين الخطيب]

[align=justify]نبحث في الدفاتر والأوراق والقلوب عن كلمة يمكن أن تقي فلسطين من تشرذم الإرادات وتحولها إلى سكاكين تطعن القلوب والظهور ، فلا نجد أفضل وأجمل وأكثر قربا من الحب ، حب البلد ، هذا الحب الذي يعطينا ترياق المناعة ضد أي تفكير يمكن أن يجعل من أهلنا ومواطنينا وأحبائنا ، في وقت من الأوقات ، مجرد دمى تتحرك على وقع غريب لتتقاتل ويمزق بعضها بعضا ، مما يجعلنا نصب مباشرة في خدمة عدو لا يريد أفضل من هذه الحال إذا وقعت لا سمح الله .. فهو بذلك يحقق غايته في تصوير الفلسطينيين على أنهم إن تركوا وحدهم يتقاتلون ويتناحرون.. مما يعني ضرورة وجود الاحتلال الذي يؤمن لهم الأمان من أنفسهم ويحميهم من القتال والتقاتل!!..
كلنا في حب البلد واحد .. وكلنا في الإخلاص لفلسطين واحد ، وكلنا في الشهادة دفاعا عن أرض فلسطين واحد، ولأننا كذلك يبقى الإسرائيلي متطلعا إلى تناحرنا محرضا على تقاتلنا دافعا لأن نكون منهكين جراء هدر قوانا في مواجهة بعضنا لا مواجهته ، وهو في النهاية سيكون الحكم والمخلّص والمنقذ والساعي إلى وقف سيلان الدم .. ويا لها في مثل هذا الزمن إن أتى من مهزلة تضحك وتبكي معا .. فالجلاد بين ليلة وضحاها يصير قاضي الضحية ومنقذها من نفسها .. وربما يجوز له أن يطالب عندها بتصفيق العالم له وتدبيج الخطب والقصائد في مدح ما قام به من مجد تليد !!..
هل أسخر ؟؟.. أقول بصراحة نعم بل أوغل في السخرية لا تشاؤما أو ضعفا وخوفا ، بل كي ننتبه من قادم يهيأ لنا بكل السبل والطرق.. إن رسم طريق الخراب ووضعنا على أوله الآن أو في الغد لعبة تأتي بعد فشل العدو في تحقيق مآربه من خلال حروبه ومذابحه وهمجيته .. فشعب فلسطين الشامخ حير هذا العدو الباغي وطير النوم من عينيه بعد أن جرب كل السبل لهزيمة هذا الشعب وما استطاع ورأى الآن أن الفرصة مواتية لإشعال حرب فتنة تقوم بين الأخ والأخ لتأكل الأخضر واليابس وهي الحرب الوحيدة التي لا ينفع معها سلاح شعبي وخبرة شعبية .. فحين تقوم الحرب بين الأهل لتكون حربا أهلية طاحنة يضيع كل شيء ولا يبقى من البلد التي نحب أي شيء .. فالخراب يعم ، والإبادة ترفع رأسها ، وحقول الدم تفيض ، والغالب هو المغلوب ، والمغلوب هو الغالب. والخاسر الأوحد هو فلسطين وشعبها وأرضها وكل شيء فيها لأن الحرب الأهلية إن وقعت لا سمح الله فلا شيء يبقى معها ، ولا تترك لنا ما نقوله في خسران يعم وهزيمة نكراء بالجميع تحل !!..
أجل ليكن حب البلد هو السياج الذي يحمينا من فتنة يعد لها وحرب أهلية يعمل العدو على تأجيجها وبذر الجو والأرض ببذورها .. نعرف وعي شعبنا، ونعرف أن من قدم الكثير لهذه البلد لن ينجر لوأد كل شيء من اجل لا شيء .. لكن هي صرخة تنبيه نطلقها: يا أهلنا إنه حب البلد فإياكم أن تنسوه وإن للحظة لأن قوامه ومبناه ومعناه منطلق من حبنا لبعضنا البعض ولفلسطين حتى النهاية ..

طلعت سقيرق
[/align]