رد: الاعلامي الفلسطيني ماهر رجا في حوار مفتوح ضمن مدارات اللغة..
أستاذة هدى الخطيب شكراً لك ...
لعل أصعب ما يكون لدى الكاتب هو أن يتحدث عن كتاب له .. أن يقول نثراً ما يقول الكتاب شعراً.. لكنني طبعاً استطيع التحدث عن فضاءاته وعناوينه، ومصادفات قصائده..
كتبت هذه الديوان على مدار فترة طويلة نسبياً ، بعد إصدارات ثلاثة سابقة، ولذلك فهو يبدو أكبر حجماً بعدد الصفحات والقصائد من سابقاته..
العنوان "الغريب وأنا" ، لا يقصد الإشارة إلى علاقة المواجهة بين الفلسطيني والعدو. لم أقصد بكلمة الغريب إشارة إلى المحتل، وإنما إلى ذات الغريب في ذواتنا .. وبهذا المعنى الغريب وأنا شخص واحد أحياناً ، وأحياناً أخرى يبدوان كشخصين مفترقين يعودان إلى زيارة ذات واحدة من حين لآخر .. ذات فلسطينية، ولكن أيضاً كونية بلا ملامح وهوية.
لكن بالتأكيد ستجدين في قصائد المجموعة ، ما بين صفحة وأخرى ملامح لمفارقات وآلام حياة الشتات والغربة الفلسطينية كما أراها من تجربتي الشخصية وعبر ملامح أشخاص وأحداث تركت صورها في حياتي..
يضم الديوان إثنين وأربعين قصيدة أكثرها يتعلق بتلك الهواجس الفلسطينية لكن ليس على نحو مباشر دائماً.. وأعتقد أن الشاعر يكتب غالباً حين تلتقيه مصادفة غريبة ما ، في الطريق، في التأمل، في اكتشاف ما كان واضحاً أمامه دائماً ولم يره إلا في لحظة عابرة، في صعود غربة ما إلى ذروة النداء، في الحنين المفاجئ الذي يهبط على الروح حين يرى مقعداً فارغاً في الحديقة، في شتاء يبدو له ذات مساء أنه أول شتاء يراه في حياته، مع أن الأمر ليس كذلك طبعاً، وهذه المصادفات ليست حقيقية بالمعنى الدقيق لكلمة مصادفات، لكنه تكون بهذه الصورة في لحظتها وفي عين الشاعر وتأمله.
....
أما عن البدايات الشعرية، فقد كانت في أوائل الثمانينات.. أتحدث هنا عن البدايات الشعرية المكتملة نسبياً، فأنا كتبت قبل ذلك الوقت، لكنها كانت تجارب ومحاولات استكشاف وتعلم (طبعاً التعلم لا يتوقف)
نشأت على نحو ما في مناخ كان فيه من يصغي إلى قيثارة الشعر القادمة أصداؤها من أرض بعيدة.. فأخي الأكبر فتح باب بيتنا أمام ديوان المتنبي وابن الفارض وطرفة ابن العبد ومحمود درويش وأمل دنقل..
أول مجموعة لي كانت نتاج ثلاث سنوات من الكتابة وقد نشرتها عام 1991 بعنوان "هواجس الفتى الغافي" وفازت حينها بجائزة أدبية عربية.
ولا أبوح بسر إن قلت إن سحر البدايات يبقى أكثر حضوراً ، فهي أكثر صدقاً وتوهجاً وعاطفة وإن بدا ما بعدها أشد حنكة ودربة ومقدرة وثقافة ربما..
ماهر رجا
|