عرض مشاركة واحدة
قديم 16 / 04 / 2008, 53 : 11 AM   رقم المشاركة : [19]
ماهررجا
ضيف
 


رد: الاعلامي الفلسطيني ماهر رجا في حوار مفتوح ضمن مدارات اللغة..

اقتباس
 مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناهد شما
شاعر فلسطين الموقر \ حفظك الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عدتُ للإلتفاف حول صفحة شخصيتك الكريمة لأوضح لك ما أقصده في السؤال الثاني ؟ وهو

هل صحيح أن بعض المواقف السياسية تميت الشاعر وبعضها تولد شحنة لديه يود أن يخرجها للنور ؟

قصدتُ من هذا السؤال ..... بمعنى شحذ همة الشاعر وتعظيم ملكته الشعرية أو إخمادها نتيجة بعض المواقف السياسية التي قد تحبط الإنسان العادي , ( مثلاً بالنسبة لغزة الآن هل الشاعر يُفجر ما بداخله من حقد أم يأتيه الإحباط وتموت لديه ملكة الشعر ) ؟

هناك سؤالين أيضاً لحضرتك وهما :

السؤال الأول : كيف يرى شعراؤنا ونقادنا حاضر القصيدة في ضوء ماضيها ؟

السؤال الثاني : هل هناك حقاً شعر نثري ؟ وماهي إذاً قواعد كتابته ؟

فلك مني خالص الشكر وأطيب التحايا



الأخت ناهد ، شكراً
ما من حدث سياسي أو اجتماعي يمكنه أن يميت ملكة الكتابة والإبداع لدى الشاعر.. قد يلونها بمشاعر مختلفة عن تلك التي تظهر في النص في مناخ الاحداث المتفائلة، وقد يرحل المبدع إلى عالمه الداخلي في أوقات الخسارات العامة، لكن ملكة الإبداع لا تموت..
على العكس من ذلك، كثيراًَ ما تُكتب القصائد والنصوص المميزة وتظهر التيارات الإبداعية على خلفية حال الإحباط السياسي ..
تعرفين مثلاً أن أدب الأرض المحتلة بدأ بالظهور في الخمسينات بعد النكبة، وتلك مرحلة كانت موجعة للروح الفلسطينية وعرفت تراجعاً سياسياً عربياً كبيراً بعد ضياع فلسطين...
الانكفاء إلى داخل الجرح آنذاك أبدع أدباً رائعاً ، ومهد لشعر المقاومة...
إذاً، حين تنكسر روح الأديب بفعل أحداث سياسية، أعتقد أن شجرة أخرى تنمو على ضفافها.. الانكسار بهذا المعنى يصبح أفقاً للبحث عن حياة نص جديد وإبداع قد لا يقل أهمية عما قد يكتبه المبدع في مراحل الصعود السياسي.

............................
بالنسبة لسؤالك عن رؤية النقاد لحاضر القصيدة العربية في ضوء ماضيها ، أعتقد أنني أجبتك على سؤال مشابه سابق.. وعلى كل ، حال القصيدة العربية اليوم بتقديري لا يعكس ماضيها بنسبة كبيرة وملامح متعددة.. أي أننا لا نرى على الدوام خيط التواصل الضروري بين الحاضر والماضي..
لكن أولاً من المهم أن نوضح أشياء يجب ألا تلتبس علينا ونحن نتحدث في هذا الموضوع.. موضوع العلاقة بين الماضي والحاضر..
في كل مناحي الحياة ليس أمراً صحياً أن يستمر الماضي في الحاضر بكامل صورته.. التطور السليم والتواصل السليم بين زمنين برأيي هو الذي يعكس فيه الحاضر ملامح من الماضي دون أن يتحول هو نفسه إلى ماض، بحيث لا يصبح الحاضر ماضياً والمستقبل ماضياً بصفاته ورؤاه..
الأمر طبعاً ينطبق على الإبداع... يفترض بهذا الفعل البشري أن يحافظ على خيط التواصل مع الماضي، لكن أن يبدع ويقدم شكله الخاص ورؤاه الجديدة..
الشكل الخاص الجديد للإبداع ليس نبتاً في الهواء، فتربته فيها الكثير من جذور الماضي، لكن يجب أن يظهر الفارق المشهدي بين جذر الشجرة وسلاميات أغصانها التي تحمل الثمار...
للأسف في واقع القصيدة العربية الحديثة، كثيراً ما نرى أن هناك بنى منقطعة تماماً عن ماضي القصيدة العربية شكلاً ومضموناً.. هناك قصائد نشعر وكأنها ترجمت عن نصوص غربية وهناك ما تسمى بأعمال التجريب الشعري التي يتحدث بعض كتابها تعسفاً عن نوايا تدمير كل شيء في اللغة والرؤيا الإبداعية والسياق البلاغي.. تدمير الموسيقى وأحياناً النحو وإزاحات المعاني على نحو شامل انطلاقاً من هاجس أضحى مرضياً هو البحث عن الجديد..
من أهم أهداف الكتابة واعتباراتها مسألة البحث عن الجديد ومواكبة الزمن، لكن مفهوم التجديد اليوم يبدو مفهوماً لقيطاً في بعض الأحيان، وفقاعات تريد أن تنمو في الفراغ.
الموضوع يستحق المزيد من القول، وهو موضوع راهن بالفعل.
........................................

سؤالك الثالث كما فهمت يتعرض لقصيدة النثر... بعضهم يسميه شعراً نثرياً، وأحياناً نراه كنثر شعري تغلب عليه صفة النثر قبل الشعر..
نعم ، برأيي هناك شعر نثري أو قصيدة نثر، وقد ظهرت إرهاصات قصيدة النثر في الشعر العربي في الستينات بشكل جدي... عدد من الكتاب العرب ونقادهم تأثروا بنزعة غربية للتحرر من الوزن والأسلوب البلاغي في إنتاج وتكوين الصورة الشعرية والسياق الشعري.. والحقيقة أن هذه النزعة الغربية قديمة بالمقارنة مع زمن ظهورها في نصوص عربية.. هذا التيار ظهر في فرنسا أول الأمر في أربعينيات القرن التاسع عشر.. راوده كانوا شعراء مثل شارل بودلير وآرثر رامبو وإدغار ألان بو الوافد إلى أرض القصيدة الفرنسية آنذاك..
هؤلاء كانوا يحاولون التمردعلى الرومانسية والاتباعية معاً في كتابة النص الشعري كما قالوا في رسائلهم.. التمرد شكلاً ومضموناً على بناء القصيدة وإيجاد بنى حديثة وفق تصوراتهم.. وقد كان هناك نقاد جاؤوا بعدهم وحاولوا أن يضعوافلسفة نظرية لهذا التيار، أبرز هؤلاء النقاد سوزان برنار التي رصدت هذه الظاهرة في كتابها "قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا".
يهمني هنا أن أقول إن الكثير من الشعراء العرب والنقاد الذين قرروا السير على خطا هذا التيار الغربي، نسخوه بالكامل.. أخذوا عنه نسخة منجزة بحذافيرها وأرادوها نسخة عربية..
طبعاً هم يتحدثون عن قواعد وسمات يجب أن تدخل إلى النص الشعري منها مثلاً توسيع مساحة النثر في النص الشعري ، والتكثيف دون أن يعني ذلك الاقتصاد في اللغة، والتخلي عن الوزن والعروض التقليدية في القصيدة العربية ، والبحث عن وسائل مجازية اخرى في التعبير... والنزول إلى تفاصيل الحياة اليومية والنفسية للكاتب ابتعاداً عن القضايا العامة أو مناقشة هذه القضايا بمعزل عن ذات الشاعر..
يمكنك أن تتفقي مع بعض هذه الأسس.. كلنا قد يوافق على التجديد في موسيقا القصيدة ولكن ليس على نسف الموسيقا.. كلنا يوافق على ضرورة أن يقوم الشعر بإيجاد وسائل مجازية وتعبيرية مختلفة ولكن شريطة أن يبقى ما يقال شعراً حقاً وليس نثراً... كلنا مع التكثيف الشعري ومع النزول إلى التفاصيل اليومية لكن دون أن تتحول القصيدة إلى تهويمات وطلاسم تفصلها تماماً عن هواء وشمس وصور العالم الذي يحيا فيه كاتبها..
هناك كتاب قصيدة نثر مجيدون لكنهم قلة الكثرة....المشكلة الكبيرة أننا نرى اليوم تحت مسمى الاشتغال بقصيدة النثر مئات بل آلاف ممن يسمون بالشعراء في العالم العربي، من أولئك الذين وجدوا فرصة للدخول إلى هذا (المهرجان)..
معظم أولئك ليسوا بشعراء ولا يعرفون حتى أبسط قواعد النحو وتكوين الجملة العربية السليمة، لكنهم وجدوا في قصيدة النثر مكاناً يخفي عوز قدراتهم وعوراتها.. !
مئات الأميين الذين لا يعرفون شيئاً في أي شيء يقدمون أنفسهم على أنهم كتاب قصيدة نثر.. والأمر بسيط فإذا سألتهم (أين اللغة؟) يقولون لك: نحن متمردون على اللغة!
وإذا سألتهم (أين البنية الموسيقية؟) يقولون لك نحن متمردون على الموسيقى..!
وإذا سألتهم (أين الفكرة والمعنى في ما تكتبون؟) يقولون لك نحن من أتباع نص اللامعنى...
ترجم ما يعني ذلك إن استطعت!!!!