[عبد المنعم محمد خير إسبير]

إخوتي وأخواتي .... أبنائي وبناتي الأعزاء على قلبي جميعاً شكراً لكم ، لقد أعطيتم في منتداكم للآخرين أنموذج بناء الأمّة والدولة التي يجب أن تكون ، وتقوم على أسس الحق والخير والجمال.
اسمحوا لي أن أقدم لكم بعض رسائلي في حياة أخي التي تلقي ضوءا على خصوصيتة ونضالاته في ساحات الوطن الكبير.


أخي الأكبر ،محمّــــد فاتـــــــح إسبــــــير :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ

محامٍ متقاعد ، كانٍَ من المحامين المشهورينَ الّذين يُشهد له بالبراعة في ممارسة مهنة المحاماة ، سَوِيّ المسلك فيها ، مخلِصاً لموكّليه ، رحيماً بموكّليهِ من ذوي الدخلِ المحدودِ ، ياخذ منهم القليل من أجره أو يسامح .

بعدَ رحيلِ سيّدي الوالد عن الحياة الدّنيا في أوائل العام 1971، أصبحَ أخـــــي راسَ العائلـــــــــة .



سيرتُـــــه الذّاتيّـــــــــة

( مأخوذة من موسوعة " مئة أوائل من حلب" )

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

*ولد في حلب / سورية في العام 1341 هـ ـــ الموافق 1922 م ، وبعد إنجاز دراسته الجامعية بكليّة الحقوق في سورية.
*في العام الدراسي 1949 ــ1950 وفي العام 1951م انتسبَ لمهنة المحاماة وظلّ فيها حتّى تقاعد في العام 1998م .
*كانَ من منظّمي المقاومة الشّعبيّة للمحامين المثقّفين ، وعمل على تأليف لجنة الوحدة بين (مصر وسورية والأردن).
* في أوائل الخمسينات ، توجه مع فريق من المثقّفين لتأليف (جبهة التحرّر العربي ومكافحة الإستعمار) للدفاع عن سورية والوطن العربي، وشعوب العالم المضطهدة ،

* وأصبح سكرتيراً عاماً للجبهة منذ العام 1953 حتّى العام 1975،

*وقد أسهمت الجبهة في مؤتمرات التّضامن الآسيوي الأفريقي .

*ونشط من أجل الدفاع عن حريّة واستقلال الجزائر ، وشعوب شرق الجزيرة العربيّة ،

*كما أنّ له بحوثاً سياسيّة وطنيّة قوميّة ، كان قد قدّمها إلى مؤتمر اتحاد المحامين العرب الذي انعقد في الدّار البيضاء ما بين 20 إلى23 أيار من العام 1993م ، وإلى المؤتمر نفسه الذي انعقد في سوسة/ تونس مابين27 إلى 31 أيار مايوللعام1997م .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ

في أواخر العام 2003 م ، علمتُ أنّه ينوي إجراء عمليّة جراحية له في الشرايين التي
وجد انسداداً في بعضها ، فاتصلتُ به للإطمئنان ، ثم نظمت له قصيداً تطمينيّاً بخصوص
مرضه ، وأرسلته له في بداية العام 2004 م ، تضمّن الاتي :


أبياتٌ شعريّة مُهداة إلى أخي أبي الخير ، عافاه الله وشَفاه .
ــــــــــــــــــــــــــــ

سَلِمْتَ (فاتحُ) ولْيَسْلَمْ بِكَ الأمَـلُ
فربُّك الله يُشْفي مَنْ بِهِ عِلَـــــلُ
واللهُ أَرْحَمُ مِنْ نَفْسِ امْرئٍ دَمَعَتْ
مِنَ اليَئاسةِ فاعْتَلَّتْ بها المُقَــــلُ
خلائقُ اللهِ تَحْيـا في مَراحِمِـهِ
إنْ عَمَّ يأسٌ فلاأرضٌ لها ظُلَــــلُ
لَو يَيأسُ الرّوضُ مِنْ صُبْحٍ يُنَوّرُهُ
مِنْ بَعْدِ لَيْلٍ لأذوَى وَرْدَهُ المَلَـــلُ
لََو يَيأسُ البَدْرُ مِنْ نورٍ يُعانِقُـهُ
مِنْ كَوكَبِ الشّمْسِ لَمْ يُضْرَبْ به المَثَلُ
لاتَيْأسَنَّ إذا ماعِلّـةٌ وَصَبَـتْ(1)
مادُمْتَ أنْتَ على تَقْــوَى بها عَمَـلُ
قِفْ يا(أبا الخَيْرِ)بِاْسْمِ اللهِ مُتَّكِلاً
ففيكَ خَيْــرٌ معَ الإحسـانِ يَعْتَمِـلُ
وفيكَ حِلْمٌ ، وصَبْرٌ أنتَ مالِكُـهُ
على المَكـارِهِ مَهْما أمْـرُها جَلَـلُ
فارْفَعْ يَدَيكَ لِرَبٍّ أنتَ تَعْبُــدُهُ
واسألْ رحيمـاً (سُجوداً) تَلْقَ ما تَسَلُ
ماخابَ عَبْدٌ بِتَقْوَى اللهِ مُنْشَغِلاً
ماخـابَ عَبْـدٌ على الرّحمانِ يَتَّكِـلُ
إنّا جميعاً نُمَنّي النّفْسَ مَغفِـرَةً
لِيَسْلَمَ القَلْـبُ والإيمـانُ والأمَـــلُ
ــــــــــــ
(1) وصَبَت : دامت وثبتت .

مكّة المكرّمة: 27 ذو القعدة 1424 أخوك/ عبد المنعم
كانون الثاني 2004

***********************


وفي اغترابي المتواصل في مكةَ المكرّمة ، وقبلها في السّودان ، لم أعلم بهيئته التي أصبح عليها في عمرهِ الّذي ناهزَ الثّمانين ، فأرسل إليّ رسمه ، فتأمّلْتُهُ مليّا ، فوجدتُهُ مازالَ الرّجلَ القويّ الذي تحدّى شيخوخته ؛ حسنَ السّمات ، منتصبَ القامة , لاانحناءَ فيها ولاالتواء ، برغم ما ناء به المَرَض ، وحَمَلَ أعباءَ مسئوليته وواجباته العائليّة والمعيشيّة بإخلاصٍ وصبْر ، كأبٍ وربِّ أسرةٍ .

فاستَوحَيْتُ رؤيً من رسمهِ ، وأرسلتها شعْراً في قصيدةٍ سميتها :

سيــــرةٌ تحكيهــــا صـــورة
لأخي أبي الخير: محمّد فاتح
ــــــــــــــــــــ

رأيْتُ رَسْمَكَ إنسا ناً بلا وَهَـــنِ
رَغْمَ المَشيبِ ، شُموخاً قاهِرَ المِحَنِ
فهيئةُ العِزِّ تَبْدو فيـكَ غالبـــةً
على سِماتِ جميلِ الصَّبْرِ في الحَزَنِ
فالشِّيْبُ(1) تَبقى بِعِزٍّ تَحتَ شَيبَتِهــا
حينَ الشّتاءِ ولاتَخْشَى من الزّمَــنِ
قد كنتَ فِكراً طَموحاً غَيْرَ ذي سَفَـهٍ
مَنْ يَحْمِلُ الفِكْرَ يَحيا أجمَلَ السَّنَـنِ(2)
كنـتَ النِّضـالَ بِساحـاتٍ مقدَّسَـةٍ
وفي نِضالِـكَ تاريخٌُ مِنَ العَلَــنِ
لاتـأسَ يوماً على خُسْرٍ لَبِسْتَ بِـهِ
قدْ كنتَ حُرّاً،فما قايَضْتَ بالوَطَـــنِ
لوكنتَ تَرْضَى بما الأصفارُ قدْ فَعَلوا
نِلْتَ(انتِصاراً..!)ولكنْ بِئسَ مِنْ ثَمــَنِ
فانْظُـرْ إليهِمْ ومـا آلـوا لِعاقبـةٍ
وانْظُرْ مآلَكَ طَلْقاً(3)غيْرَ مُرْتَهَـــنِ
قد كنتَ تسْعَى جِهاداً لا رِياءَ بِــهِ
قدْ كنتَ تَحْني لِرَبٍّ لا إلى وَثَـــنِ
ـــــــــــــــ
(1) الشّيْب : الجبال التي ابيَضَّتْ من الثّلج.(2) السَّنَن:النّهجُ والطريقة.
(3) الطَّلْق: المُطْلق غير المقيّد


مكّة المكرّمة : 15 أيّار 2004 م أخوك : عبد المنعم / أبومنار