الموضوع
:
سوريا وأزمة أعداء النظام !
عرض مشاركة واحدة
24 / 12 / 2011, 37 : 02 AM
رقم المشاركة : [
45
]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )
رد: سوريا وأزمة أعداء النظام !
اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيماء البلوشي
اينك استاذي ؟؟
نفتقدك .. عسى ان تكون بخير وبصحة وعافية ..
تتسارع الاحداث ايها الغالي .. نتمنى ان يكون بردا وسلاما على اهل سوريا الحبيبة ..
إني بخير ايتها الغالية الشكر لك من القلب على سؤالك
ولكني كما السوري الأرامي القديس " توما " كان عليّ أن أضع اصبعي لأتأكد بالرغم من إيماني
ولكن قد يعاتبني ابن الشام ويقول : أهل لأنك رأيت وسمعت ! ف ( طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا)
كما قال سيدنا المسيح عليه السلام .
أنا لم أكن على دراية كاملة لما يدور من أحداث داخل سوريا فعزمت على زيارتها حتى أكون على يقين
أو على إطلاع واسع لأكمل موضوعي الذي طال بطول الأزمة هناك.
قطعت المسافة من لبنان إلى قلب العاصمة السورية دمشق بسيارتي وأنا متوجس بعض الشيء خاصة
وأن أم العيال ترافقني في رحلتي التي استمرت ثلاثة أيام بلياليها وكنا كلما اقتربنا من الحدود يزداد قلقنا
فكيف نزور بلدا هي كما نسمع على شفير حرب أهلية تذيع القنوات أخبارها وتِنْصب دول الجوار في تركيا
ولبنان والأردن خيام إيواء للاجئين مفترضين هاربين من نظام يقمع ويقتل وينكل بمعارضيه بل ويقال بالشعب كله ؟!
إجراءات الحدود عادية جدا ولم تدم سوى دقائق معدودة استغربت جدا عدم تفتيش سيارتي واكتفى رجل
الأمن بسؤالي عن جهازي المحمول وماذا أعمل ؛ لا بصمة إصبع ، ولا بصمة عين ولا أي أجراء آخر،
ومثلي مثل أي عربي لا أحتاج إلى إذن مسبق لدخولي البلد غير جواز السفر الذي لا تحتاج زوجتي إليه فهي
مثل جميع اللبنانيين تدخل وتخرج بواسطة بطاقة الهوية فقط .
لم أكن أتوقع غياب أي مظهر عسكري أو أمني على طول الطريق من حدود لبنان حتى قلب دمشق حيث الفندق
أبو أربع نجوم هو فندق " عمر الخيّام " الذي أهوى النزول فيه منذ أكثر من أربعين عام ، وعمر هذا الفندق
بحسب سجلاته 200 عام تقريبا وهو يطل على أقدم " ساحات دمشق " ساحة المرجة " قلب العاصمة ولا تبعد
عنك الأسواق العريقة سوى عشرات الأمتار ولا يبعد عن الجامع الأموي الكبير سوى 250 مترا وسعر الغرفة
بسريرين 70 دولار متضمنة كافة الضرائب .
ركنت سيارتي في الموقف وحملت أغراضي الخفيفة وصعدنا إلى غرفتنا باستعجال لأننا / كما خططنا / نريد كسب
الوقت حتى لا نتأخر عن صلاة الجمعة في المسجد الأموي وهكذا كان .
انتهت الصلاة وتلاقيت مع زوجتي في المكان المحدد وخرجنا مع جموع المصلين بحشد كبير حيث تعمدت
الإبطاء في العودة إلى الفندق لعل بعض المصلين يأتون بحركة كالتي نسمع بها بعد الصلاة فلم يحدث شيء
من هذا القبيل ؛ ركبنا السيارة للذهاب إلى بيت صديق لي في مخيم اليرموك ومررنا بعشرات المساجد ولم نلاحظ
أي شيء غير مرور الأشخاص بهدوء لافت ، وصلنا لبيت صديقي القديم فرحب بي كعادته ثم تناولنا طعام الغذاء وتحدثنا طويلا .
قال لي : يمكنك الذهاب إلى حيث شئت ولن يسألك أحد باستثناء ريف حمص وريف إدلب فالسلاح يتدفق على هاتين
المنطقتين من لبنان وتركيا بشكل كبير ولو شئت لذهبت معك إلى مدينة درعا ساعة تشاء !
المظهر في دمشق وريف دمشق كما شاهدته ينفي كل الأخبار التي نسمعها بالأخبار، فالمطاعم الكبرى
والمنتجعات السياحية معظمها في ريف دمشق فقمنا بزيارتها وتمتعنا بالطعام الشامي ما لذ وطاب وتبضعنا
بسلع أسعارها أرخص من السلع الصينية.
لن اتحدث عن تفاصيل رحلتي الرائعة هناك ولكني أريد ذكر ما يتعلق بالوضعين الأمني والسياسي فتحدثت
مع الكثير من المواطنين حول مختلف الأوضاع وخرجت بانطباع لثلاث آراء مختلفة أولهما وهو رأي واسع
يجمع عليه معظم الناس وهو أن الشعب يريد التغيير وأن الرئيس والحكومة قد أقرّت بالفساد والمحسوبيات
ويتحدثون عن أكثر من 20 مدير عام صاروا بالسجن ويتحدثون عن محاسبة بعض ضباط الأمن خصوصا
أولئك الذين تورطوا في قمع التظاهرات السلمية في اول الأحداث خصوصا في درعا ؛ وهذا الرأي على قناعة
بأن الأزمة اقتربت من نهايتها خصوصا وان الإصلاحات طالت بنية النظام القائم وبأن لا عودة إلى ما كان عليه
الوضع سابقا ، وهم يعترفون بان النظام قد تغيّر بالفعل عندما أقرت السلطة بتعديل الدستور وخصوصا المادة
الثامنة التي تقول بأن " حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع " وقد تبين بالفعل من واقع انتخابات السلطات
المحلية التي جرت الأثنين 12/12/ والتي كانت لأول مرة منذ اربعين عاما غير معلبة ويشرف عليها القضاء .
أما الرأي الثاني فهو رأي يستقطب عددا لا بأس به من الناس وهو رأي مشكك لا يؤمن حتى يطمئن قلبه ؛
وما بين هذان الرأيان قاسم مشترك وهو تأييده للرئيس والنهج السياسي خاصة في السياسة الخارجية .
أما الرأي الثالث فينقسم إلى طرفي نقيض وهما طرفان متطرفان إلى أبعد حدود التطرف ؛
طرف يؤيد النظام ويعشق الرئيس ويقول أنه " ومهما قسىت يده علينا ستبقى أرحم من يد الأجنبي
والأعراب المتآمرون " وهم على استعداد للموت في سبيل الدفاع عن سوريا ويعتريهم غضب شديد
من الأتراك والأردنيين واللبنانيين خصوصا ومن كل العرب عموما ويصرخون بعتب على الرئيس ويلومونه
لعدم إقفال حدود سوريا في وجه الأردن ولبنان ولعدم انسحابه من جامعة الدول العربية " العبرية " على
حد وصفهم .. والأغرب بأن معظم الذين يتبنون هذا الرأي هم من جيل الشباب المتعلم والمثقف . شاهدت
مسيرة في قلب العاصمة تضم حوالي 300 شاب وصبية لا تتجاوز أمارهم سنّ العشرين يهتفون بأنهم همّ
" الشبيحة " الصفة التي تطلقها وسائل الإعلام خاصة العربية والجزيرة . هرولت باتجاه تلك التظاهرة
وكانت في الثامنة مساء السبت واعتقد في بادئ الأمر بانها للمعارضة لأنهم لا يحملون سوى الأعلام السورية
ولما اقتربت منهم ضحكت على ما يطلقونه على أنفسهم " نحن الشبيحة القوية يا جزيرة ويا عربية " مازحت
بعض الشباب وقلت سأصوركم في هاتفي قال أحدهم وهو يضحك : " أخي ، نصف أفلامهم نحن منرسلها "
وهؤلاء على عكس الطرف المتطرف الثاني الذين يجاهرون بإسقاط النظام ويرفضون الإصلاح ولا يوافقون
على الحوار بل ويتهمون من يحاور النظام بأنه " خائن " وهؤلاء لو أردنا التوصيف لقلنا بأنهم " الشبيحة
" الفعليون من طرف المعارضة ، فهم الذين يحرقون مؤسسات الدولة ويحرقون المحّال التي لا تنصاع لأوامرهم
بالإقفال ، وهم الذين يقفون في وجه تلامذة المدارس ليمنعوهم من التعليم وهم على أي حال الذين تمتلئ السجون بهم .
إذا كان الشبيحة رقم واحد ، يغالون في تأييد النظام ويحملون عصي الترهيب ، فإن الشبيحة رقم 2 يغالون في
عدائيتهم ولا يفرقون ما بين الحفاظ على مصالح الناس وأرزاقهم وبالتالي مصالحهم وبين معارضتهم الصارخة للنظام
أفقهم ضيق وفي معظمهم من الجهلة والفقراء المعدومين باستثناء الذين ينتمون لأحزاب تسعى للاستيلاء على السلطة .
أما الطرف الأكثر عدائية فهم القلّة القليلة من المتحزبين المتعصبين دينيا والمسيرين من أجهزة مخابرات متعددة ،
وهم الذين كانوا بالأصل يحملون السلاح قبل الأحداث ، فاستخدموه عند حدوثها وهم ( كما روي لي من أكثر من طرف )
كانوا يطلقون النار على التظاهرات السلمية وقوى الأمن معا الأمر الذي تأخر لتفهمه الناس ، هؤلاء مطاردون
ومعروفون بالأسماء ، يختبئون بين الناس بل ويقبضون على بعض أحياء حمص وادلب والسكان في حوزتهم
كرهائن ؛ يقول لي أحد المثقفين : " قوى الأمن في حمص وادلب عالقة ، لا يستطيعون اقتحام تلك الأحياء ويعرفون
بأن سكانها بمثابة رهائن لدى تلك العصابات المسلحة ولا يستطيعون الصبر والسكوت وهم يشاهدون الذبح على
الهوية في تلك المناطق "
يضيف آخر : " إذا لم تحسم السلطة خيارها فإن كل يوم يمر هو ورقة رابحة بيد المعارضة الخارجية
تستفيد دعائيا مما يؤدي إلى إعطاء ورقة ضغط جديدة تضاف إلى أصحاب مشروع دمار سوريا "
يقول شخص كبير في السن : " التعبئة والغلو والحقد قد دفع بالجهلة إلى تكفير سيدنا عثمان رضي
الله تعالى عنه فقتلوه .. ومنذ ذلك التاريخ
كانت وما زالت فرق الموت التي قتلت ثالث الخلفاء
تعيث فسادا وإجراما باسم الدين والعدالة ، وهي نفس الفرق التي تقتل وتذبح في سوريا اليوم "
قال أحد السائقين : " أخي من لا يرى أن هناك مؤامرة على سوريا لا يفهم بالسياسة وأكيد أن رأسه لا يحمل عقلا "
وقال سائق آخر : " أخي لماذا على سوريا أن تحمل السلم بالعرض فلتسترجع الجولان على الطريقة المصرية لنتفرغ لبناء دولتنا "
وعندما قلت له : وقضية فلسطين ؟ قال " لا تواخذني ،سوريا ليست كل العرب ، فلماذا يهنأ الآخرون بمواردهم
ونحن نشدّ الحزام ، وبعدين أخي الفلسطينيين أنفسهم تصالحوا مع إسرائيل فهل نحن ملكيين أكثر من الملك نفسه ؟! "
هذه مجموعة آراء مطروحة ويتم نقاشها علنا لم أعهده من قبل " فالمجتمع السوري بمعظمه ذاهب إلى
" السَّوْرَنة " بعد شعوره بأن العرب شعوبا ونظم تعاقب الشعب السوري وليس النظام " كما قالت لي إحدى
موظفات الفندق .. ولما حاولت مناقشتها صرخت وقالت : " أخي نحن لا نحتاج العرب في شيء "
ثلاثة ايام بلياليها جعلتني على قناعة راسخة بأن النظام أقوى بكثير مما يعتقد البعض ، وأن الأخبار التي تنشرها
كبرى وسائل الإعلام 5% فقط هي صحيحة كما ال 5% فقط هم المُغالون في عداءهم للنظام ، وجعلتني تلك الأيام
على قناعة بأن بشار الأسد أكثر الرؤساء العرب شعبية لدى الجمهور العربي خاصة المثقفون منهم ، التقيت بوفود
لبنانية وأردنية ومصرية وعراقية من الممثلين والصحافيين والمثقفين
حضروا إلى دمشق تأييد للنظام ، في قلب البرلمان الكويتي نواب يتضاربون من أجل النظام السوري
وكذلك الأمر في الأردن ولبنان والعراق وحتى داخل تركيا نفسها ، الأحزاب الشيوعية في العالم وعددها
حوالي ثمانون حزب في ثمانين دولة أجنبية وعربية يؤيدون النظام أضف إلى قوتي الصين وروسيا والهند
والبرازيل أقوى اقتصاديات العالم ، أعجبنا هذا أم لا ، لكنها حقيقة من يتغافل عنها فهو غبي أو أعمى كما قيل لي !
ثلاثة أيام جعلتني على قناعة بأن سوريا بنظامها الحالي سوف تكون قِبلة جميع العرب بإرادة البعض أو
مجبرا اخاك لا بطل كما يقول احدهم.
توقيع
رأفت العزي
"
كل ومضة نور في وسط الظلمة تدفع السائرين إلى الأمام خطوة !
وكل تصويب لمسيرة النضال على الطريق تقدم للنجاح فرصة !
" !!
رأفت العزي
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع رأفت العزي المفضل
البحث عن كل مشاركات رأفت العزي