عرض مشاركة واحدة
قديم 20 / 04 / 2008, 20 : 03 AM   رقم المشاركة : [26]
ماهررجا
ضيف
 


رد: الاعلامي الفلسطيني ماهر رجا في حوار مفتوح ضمن مدارات اللغة..

اقتباس
 مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تيسير محي الدين الكوجك
الأستاذ الأديب والشاعر / ماهر رجا .. مرحباً بك
لن أطيل عليك بمشاركتي هذه.. وإليك مباشرة الأسئلة التالية راجياً أن لا تتعبك في الإجابة عليها ..
1- ماهي المراحل الفارقة في مشوارك الأدبي ؟ وماهو مشروعك الأدبي الخاص ؟
2- برأيك كيف تنظر للأدب الحداثي بشكل عام ؟ وهل يلاقي اهتماماً كافياً في المؤتمرات الثقافية على المستوى العربي ؟
3- يرى البعض أن العولمة أثرت ومازالت تؤثر سلبياً قي الثقافة العربية ..هل تتفق وهذا الرأي؟ وكيف برأيك يجب أن يكون استثمار العولمة لصالح العملية الثقافية بوجه عام ؟
4- أخيراً وبعد هذه الرحلة الممتدة مع الكتابة الأدبية بشتى صورها هل تم أنصافك أدبياً ونقدياً ؟
أكتفي بهذه الأسئلة الآن وستكون لي عودة أخرى إن شاء الله..
شكراً لك شاعرنا الكريم لسعة صدرك ..
سلمت بخير

...............................................

شكراً أستاذ تيسير وتحياتي لك..
هناك اتجاهان للإجابة على سؤالك.
أولا: المراحل الفارقة قد تكون على صعيد شخصي، أي بنتيجة ظهور حدث أو تطور ما في حياة الكاتب كإنسان، وهذا أمر لا يقتصر على الشخص الذي يمارس فعل الكتابة ، فأي شخص مهما كان اهتمامه يتعرض لمراحل فارقة في حياته. مع فارق أنها لدى الكاتب تتمظهر في إبداعه.
وهناك ثانياً تلك المراحل الانعطافية أو لنسمها نقاط التحول في تجربه الكاتب الإبداعية البحتة وآفاق تطورها.. أعنى بذلك اغتناء أدواته ونصه وانتقاله إلى مستوى أفضل أو العكس..
بالنسبة للنقطة الأولى، طبعاً، كثيراً ما تكون هناك أحداث وتجارب شخصية تؤثر في في المرء تجربة الأسفار كانت تعكس نفسها بقوة مثلاً على أشعار "المتنبي"، والشاعر "الشنفرى" انقلبت حياته تماماً وكذلك عالم القصيدة لديه حين قرر أن يهجر الناس ويلتجئ إلى الصحراء.. و"إدغار ألان بو" تأثر إلى حد كبير بتعرضه للسجن في إيطاليا على يد الحلفاء، وكان في النصف الثاني من تجربته الأدبية.. وكذلك عكست رحلات "أرثر رامبو" الطويلة نفسها عليه بأن أدت إلى توقفه عن الكتابة..
الامثلة كثيرة، وبالنسبة لي هناك منعطفات حياتية كان لها تأثير مؤكد على الكتابة..
بيد أنني أظن أن الأهم هو الحديث عن المراحل الفارقة في النص والتجربة الإبداعية... أعتقد أن كل كاتب يواصل العمل على مشروعه يمر بمراحل .. في البدايات تكون رؤية العالم واستكشاف الأسئلة الإنسانية والجمالية والوطنية غائمة، ثم تبدأ التجربة بالنضوج شيئاً فشيئاً ، وتتضح أمام قلم الكاتب عوالم ومجاهل لم يكن يراها جيداً..
أظن أن المرحلة الفارقة الأساسية لدي كانت في المجموعة الأخيرة "الغريب وأنا" .. برأيي أن هذه المجموعة هي بداية لأسلوب جديد عندي في الكتابة ، لا أقول "أسلوب مبتكر" ، وإنما جديد على أسلوبي بالقياس إلى تجربتي السابقة وأدواتها.
في هذه المجموعة الأخيرة وجدت نفسي شغوفاً بالتأمل .. أن تكون القصيدة أشبه بقارب المحاربين الشعراء الضائعين في عرض البحر كما في أوديسة هوميروس، هناك حيث نرى التأمل كوظيفة من وظائف الروح والدهشة للحفاظ على البقاء وابتداع حلم الوصول إلى إيثاكا.. المدينة الحلم...

أما الجزء الثاني من سؤالك، فلم أعرف بما أجيب عليه...
بالمعنى الكبير للكلمة ليس لي مشروع.. مشروعي داخل القصيدة، ولا أنتظر الكثير من خارجها...
مع ذلك هناك إجابة بسيطة: أود دوماً أن أتمكن من كتابة نص لا يموت .. نص يعرف كيف يراوغ الزمن ولا يستسلم لتياره الجامح الذي يصب في الماضي...
....................................
سؤالك الثاني المتعلق بالعولمة ، يأخذني للحديث قليلاً عن الظاهرة للوصول إلى الإجابة..
انفتاح واتساع عوامل التواصل الكوني اليوم أسهم في إطلالة نوافذ الشرق على شرفات الغرب والعكس صحيح... لكن ليس إلى الحد الذي يجري تصوره..
ربما أن العولمة الإعلامية والاقتصادية هي الأشد حضوراً ، وتعرف ما يقال اليوم عن تلاشي احتكار الإعلام، وتراجع دور الاقتصادات الوطنية لصالح اقتصاد عالمي...
لكن مع ذلك، هذه العولمة لم تخلق تأثيراً حقيقياً يحقق التبادل والتمازج الثقافي الإنساني.. الآداب الإنسانية تبدو حتى الآن خارج هذا السياق، بما في ذلك صنوف الإبداع المختلفة من شعر ورواية ومسرح.. الخ
ما يحدث حتى الآن هو أن وسائل الاتصال الهائلة التي هي الذراع الأهم للعولمة، تُستخدم من جانب الامبراطوريات والقوى الكبرى للهيمنة الثقافية والهيمنة الاقتصادية على العالم..
وحتى حين نتحدث عن هيمنة ثقافية أو تصدير ثقافي من الغرب إلى الشرق، فنحن نتحدث هنا عن ثقافة قشرية لا غير.. أميركا مثلاً تصدر إلى العالم ثقافة الفيلم السينمائي الهوليودي وأسلوب الحياة الأميركية ومزاج الأطعمة والمشروبات والألبسة الأميركية كالهمبرغر والـ "تي شيرت" والكوكا كولا..
لست ضد الهمبرغر والكوكا كولاً.. أعني ليست هذه هي مشكلتنا هنا، لكن أقصد أن أقول إن ما تطرحه العولمة من مفردات (ثقافية إن جاز التعبير) هو برأيي في هذه الحدود.. ثقافة السلعة لا أكثر..
السؤال إذاً هو ما الذي أضافته هذه العولمة ثقافياً حتى الآن؟... قبل طرح مفهوم العولمة وتحركه في العالم كنا في العالم العربي نقرأ أدب أميركا اللاتينية.. كنا نقرأ غوغول ودستويفسكي وجيمس جويس وتشيخوف ورسول حمزاتوف وفوكنر وإليوت.. كنا نعلم عن وجود البنيوية والتفكيكية والتعبيرية والسوريالية .. الخ.. ماذا تغير؟!.. الذي تغير برأيي هو قدوم ثقافة استهلاك اقتصادي واستفحالها لا أكثر ومن أجل عولمة سياسية واقتصادية وحسب.. أما التقاطب الثقافي الحقيقي فهو كما أرى ليس موجوداً بحال أفضل مما قبل العولمة..
أريد أن أقول إن العولمة هي وضع مثالي للثقافة والأبداع وتبادل التأثير في ثقافات وإبداع الشعوب ، لكن هذا لم يتحقق حتى اليوم، والأمر مازال وهماً أو أحاديث باردة في الصحف أو في الندوات.
و بالتالي، لعل المجتمع العربي، وبعض القيم قد تأثر سلباً وليس الثقافة والإبداع في صميمهما، كون الثقافة والإبداع بمعنى الكلمة مازالتا خارج الصورة غرباً وشرقاً.. وطبعاً ليس هذا موقفي من العولمة، ولكنه موقف من العولمة السائدة.
............................

أما عن سؤال الإنصاف، فإنك لو سألت أكثر الكتاب الآن لقالوا لك إنه لم يتم إنصافهم أدبياً ونقدياً.. ولكل لأسبابه..
أنا سأقول لك أيضاً لا ، ولو سألتني عن الأسباب فلن أستطيع أن أجيبك بدقة،... إنما أنظر معي قليلاً إلى المشهد النقدي، هل تجد الحركة النقدية الكافية التي تواكب ما يصدر من إبداع؟.. كم عدد النقاد الحاذقين العارفين لدينا كما في بدايات القرن الماضي ومتنه من أمثال العقاد وطه حسين وإحسان عباس ومارون عبود ورجاء النقاش وغيرهم؟..
الأسباب أيضاً قد تكون كامنة في مستوى كثير من الإبداع الذي يكتب هذه الأيام، وعلى كل حال العلاقة تبادلية بين النقد والإبداع فإن غاب النقد تراجع الإبداع والعكس صواب..
وفي النهاية قد تكون الأسباب تتعلق بالكاتب نفسه... وبالنسبة لي، بطبعي لا أميل إلى الضوء، وإن كنت مثلك أحب الشمس، لكن الكثير من الضوء يعمي كما يقول شاعر فرنسي..!




ماهر رجا