عرض مشاركة واحدة
قديم 22 / 04 / 2008, 33 : 05 AM   رقم المشاركة : [28]
ماهررجا
ضيف
 


رد: الاعلامي الفلسطيني ماهر رجا في حوار مفتوح ضمن مدارات اللغة..

اقتباس
 مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طلعت سقيرق
[align=justify]
[frame="10 98"]
أخي الشاعر الجميل ماهر رجا
لك تحياتي وحبي
سأحاول قدر المستطاع الابتعاد عما يتقاطع مع ما أورده أخي الأستاذ تيسير محي الدين الكوجك من أسئلة تخص تجربتك الشعرية ..ولي هنا أن أشكر الشاعر سامر عبد الله مرتين مرة على استضافتك وربما يستحق الشكر مرات على هذا .. ومرة على ترحيبه ..
أخي ماهر
كنت أقرأ قصيدة " الغريب وأنا " وبالفعل استغرقتني جمالية التآخي ثم التضاد القصدي بين الأنا والأنا ، ليكون السؤال الشعري مشرعا باستمرار :
منذ زمان ٍ ثمة آخر أغرب مني
يسكن ارض أناي
يخرج من جسدي ليراني
يقبل حتى يصبح ابعد
يذهب كي أبصره أقرب
بين ضباب العين وبيني
ويعاتبني حين أكون "أنا"
الآمنَ والمكسوّ بريش الهدأة ِ
في أوقات هروب الكوكب
من أفلاك رؤايْ
ثمةَ آخرُ
أشعر ثمة شخص آخر
ليس خيالا أو أوهاما
طبعا لن أورد القصيدة كلها / ستّ صفحات من الديوان / لكن أريد هنا أن أسأل عن هذا الخيط الدقيق الذي يربط الأنا بالأنا مرة،و يجعل الذات تتشظى أو قلْ تتباعد عن الذات مرة أخرى..كل هذا يأتي بشكل رائع من التصوير وإشعال حركة الحوار الداخلي .. هنا تبدو الأنا الفلسطينية في أسئلتها الوجودية المفتوحة على تعدد افتراضي في الحياة .. السؤال يرتبط بكثير من قصائد الديوان ليقول : هل أراد الشاعر ما هر رجا أن يفتح صفحات الوجود والوجع والتطلع الفلسطيني كله ليقوله بشكل مغاير ولغة مصفـّاة من شوائب الخطاب المباشر ..؟؟..
كل هذا بخصوصية ماهر رجا الشاعر .. فهل أشبع الرغبة عنده/ماهر رجا في التركيز على ما هو فلسطيني وذاتي من خلال هذا التواتر المتدفق لقصائد تستغرق الذات والوطن واليوميّ وحتى هذا المتشابك/والمتشظـّي داخل الإنسان الفلسطيني ؟؟..
[/frame]
[/align]

........................

أخي وصديقي العزيز الأستاذ الشاعر طلعت سقيرق
لك تحياتي الحارة مجدداً
لست ناقداً كما تعلم، ولعله من الصعب أن يقوم الشاعر بالبحث النقدي في نصه ولو كان متسلحاً بأدوات نقدية ودربة في هذا المجال... هذا فضلاً عن أنه لن يكون محايداً.. تلك طبيعة الأشياء...
مع ذلك سأحاول..
أهمية سؤالك أنه يصدر من رؤيا شديدة الإصغاء للنص من الداخل. وأعتقد أنك أشرت بالضبط إلى العلامة الفارقة ـ الجامعة في سؤال انطوى على إجابته.. لقد كثفت الإجابة مسبقاً وإن جاءت في صيغة سؤال.
دعني أذهب أولاً إلى شيء من الإطالة ..
بالتأكيد أنت تعلم أن شأن الذات وأناها لا يمكن إلا وأن يكون حاضراً ولو بإيحائية ما في أي نص. ولا نتحدث هنا عن الشعر وحده. فالنص مرآة الكاتب أو ذاته الخارجية القريبة ولو ارتدى قناعاً في رحلته وراء السطور..
طبعاً / وأولاً، تجد في (الغريب وأنا) مخاطبات فلسطينية أو بمفردات فلسطينية مباشرة مثل (ليلة الشهداء) و(دقيقة صمت) و(مطر ويعود محمد) و(من أنا من أنت).. وغيرها..
هذه قصائد تبدو مخاطبات لمعتنيات خارجية.. على أنها في نفس الوقت، لا تغادر الشخصي أو الانتماء ولو بمفردة أو إشارة إلى الذاتي.. هي تحمل ملامح شخصية بشكل ما على الرغم من أن القول الشعري يبدو وكأنه يتحرك في الفناء الخارجي للأنا..

في مناسبات قول شعريةأخرى داخل المجموعة أظن أن (الأنا) الكاتب أكثر وضوحاً كما أشرت أنت .. ربما أن الموضوع يفعل ذلك.. أو ربما لأن الكاتب يريد أن يقارب موضوعاً خارجياً بطريقة مختلفة
لكن أيضاً هناك حالة أكثر جدلاً، وهي تتبدى حين تقوم المحاولة الشعرية باستعراض العالم عبر أنا الشاعر وحسب.. هناك نواجه تورطاً أكبر أو كلياً في مشهد القصيدة..

بالنسبة لما قلته، أرى أنك محق في تصورك.. وأصبت تماماً.. ففي بعض قصائد الغريب وأنا كنت أحاول أن أتلبس تشابكاً خفياً بين الذاتي والفلسطيني.. أردت للقصيدة أن تبدو آمنة تبحر على متنها هواجس (أنا) خاصة ، لكنها في الحقيقة مصابة في صميمها بالمفارقة الفلسطينية وطبائعها...
بكلمة أبسط أردت (وربما ليس من الصواب أن أقول أردت وأنا أتحدث عن كتابة القصيدة ) إذاً لأقل وجدتني أنظر من شرفة الذاتي والخاص إلى مساحة المشهد الأوسع محاولاً أن لا يكون ذلك قصدياً أو مستعاراً من المنجز، إذ أننا نعلم أن هذا الأسلوب أو السياق ليس جديداً أبداً على الأدب بشكل عام..
ما كنت أحاول أن يكون مختلفاً لدي هو أن أطلق لأناي عنان التطواف في عالمها وأسئلتها إلى أبعد مدى في بعض قصائد الديوان.. وكنت أكتشف أن إستغراق المعتنى الشعري في الذاتي والتفاصيل الذاتية الصغيرة لم يكن عائقاً أمام ظهور التشابك التلقائي بين الذاتي والفلسطيني، والأمر ببساطة لأن لا أحد ولا شيء يفقد هويته لمجرد أنه لا يردد اسمها ولا يمارس أفعال انتمائها... الأمر هكذا بالنسبة للطائر ..فهو حين يسير لا يفقد فكرة التحليق، والغيم حين يهبط على أديم الجبل لا ينقطع عن التوق إلى مكانه الأثير في السماء..


ذكرت في إشاراتك قصيدة الغريب وأنا الت ييحمل الديوان اسمها..
نعم هذه القصيدة هي الأكثر وضوحاً حين يتعلق الأمر بفكرة الأنا وعلاقتها بالعالم المحيط.... لكن صدق أنا لم أفكر بها على هذا النحو.. لم أفكر وأنا أكتبها بأنني أكتب إشكالية ذهنية مثلاً أو نقدية تتعلق بتعدد الأنا..
القصيدة تقول إن هناك صوتين في داخل المرء.. .. واعتقد بصورة ما أن ذلك حقيقي وليس شعرياً فقط.. أنت تصادف شخصاً في الطريق يتحدث إلى نفسه.... باللغة الدارجة (بيحكي مع حاله).. يفعل ذلك في الغالب بسبب استحواذ هاجس أو هم أمر عليه.. لاحظ أنني قلت يتحدث إلى نفسه، أي أنني في لحظة فصلت بينه وبين نفس أخرى في الدواخل..
شيء من الفصام غير المرضي.. الفصام الإبداعي إن شئت، هو ما دفعني إلى كتابة هذه القصيدة.. اشتباك بين ذات شخصية وإخرى ابداعية، بينهما خيط دقيق..حوار بين طرفي (أنا) كل منهما يحاول أن يحمّل الثاني خساراته وأحلامه.. وجدت ذلك مدخلاً ممكناً لأتحدث عن إشكالية أن الشاعر يحمل في داخله (أنا) لإنسان عادي، وأخرى لمبدع حالم..
شيء من المرض الإبداعي كما قلت.. وبالمناسبة أرجو أن تسمح لي بالقول إن الإبداع الفلسطيني أو المبدع الفلسطيني مريض باحتمالاته ..... أكثر الكتاب غير الفلسطينيين يعيشون بذكريات سليمة.. حزينة حيناً ومفرحة حيناً آخر.. خضراء أو زرقاء أو قاتمة، لكنها سليمة بالتشخيص السريري الشعري، ، لكن أنا وأنت أصبنا ذات يوم بغرابة الوردة البرية على جبل الكرمل، فمنحتنا ذاكرة مصابة بجرح بليغ، ورحنا نشعر في دواخلنا بصوت آخر، وبـ "أشباح في ذاكرة غائمة" ـ كما يقول عنوان إحدى رواياتك ـ أشباح تتملكنا فنكون هي وتكون نحن ، وتكون في مواجهتنا إذ تخرج منا لتأتي إلينا..!!