الموضوع
:
الاعلامي الفلسطيني ماهر رجا في حوار مفتوح ضمن مدارات اللغة..
عرض مشاركة واحدة
24 / 04 / 2008, 44 : 03 PM
رقم المشاركة : [
32
]
ماهررجا
ضيف
رد: أهلا بك أستاذ ماهر من جديد
اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سامر عبد الله
في فترة الخمسينات والستينات ساد مايسمى بالصوت العالي والاتجاه الى المباشرة في الشعر بشكل عام والشعر الفلسطيني بشكل خاص,وقد قدر النقاد ان المباشرة في هذه الفترة كانت ضارة وتفتك بالقصيدة في رأيهم وقد توجهوا بالسلبيات التي أحاطت أطر القصيدة في ذاك الوقت. وبعد مرحلة 67 لجئ الشعراء الى الامباشرة في طرح الفكرة والاتجاه نحو المهموس الشعري وهناك من وازن بين الصوت العالي في القصيدة والتعمق في الهمس,وقد قلت أستاذ ماهر أن محمود درويش يشبه توفيق زياد في حين أن كلاهما يناقش هما وطنيا ومصيريا بتأمل كبير.
وأريد القول :
هل يوجد معطيات أو اتجاهات معينة تأخذ بيد الشاعر الى التوجه المعلن نحو المباشرة أو الهمس في الطرح الشعري؟ وكيف يمكن لنا أن نتوسط ذلك؟
وسؤالي الثاني:أستاذ ماهر
كيف ينتصر الشعر برأيك؟
..............................
شكراً أستاذ سامر
أولاً، لا أظن أن الخطاب المباشر في القصيدة في الخمسينيات والستينيات كان يفتك بالقصيدة ويسيء إلى القول الشعري.. نعم هذا كان يحدث ومازال ولكن لا مجال للتعميم هنا.
في المقابلة التي تشير إليها قلت كما أذكر ـ توصيفاًـ إن الإنشاد الجماعي والصوت العالي كان سائداً في قصائد الوطن والتحدي والثورة، ولم يكن ذلك خطأ، ولن يكون اليوم إن حافظت القصيدة على مستواها الفني..
بالتأكيد المباشرة والقول السياسي المباشر في القصيدة قد يكون فتاكاً إن جاء سطحياً وخارج المعتنى الشعري وأدواته الرافعة. ثم إن كل شيء جميل في مكانه.. وليس هناك من مرحلة زمنية تختص بنوع من القول وأخرى بنوع آخر.. ليست ثمة مرحلة لصوت القصيدة المرتفع ومرحلة أخرى لقصيدة هامسة.
الخسارات والآلام قد تجعل الشاعر ينطوي على نفسه ويرتكس إلى داخل ذاته فيقول شعراً خفيض الصوت وبإيقاع مهموس وكلمة متأملة هادئة، وقد تؤدي مرحلة الثورة في علوها والانتصارات في سموها إلى أدب جهوري الحنجرة.. لكن ذلك قد يحدث اليوم وغداً كما حدث بالأمس.. المهم في الحكم على ذلك هو في قيمته الجمالية، وكم من القصائد المباشرة في القول كانت أجمل في الماضي مما يكتب من مثيلاتها اليوم.
وهناك ملاحظة أخرى: بدقيق الكلام أنا لم أقل إن محمود درويش وتوفيق زياد يتشابهان.. أعتقد أن لكل منهما شكلاً شعرياً ورؤى أسلوبية مختلفة وتفاصيل اهتمامات مختلفة.. ما قلته أنهما مع القاسم وراشد حسين وأخرين، التقيا في البدايات على مسرح أدب المقاومة، حيث كان القول الشعري إنشاداً مباشراً (وجميلاً كما اعتقد) تراءت فيه ساريات التحدي للاحتلال وتمجيد الوطن والشهادة وبصوت سياسي مباشر ومرتفع في الكثير من الأحيان.
أما اليوم ، فلو نظرت إلى شعر درويش، لوجدته في صورة أخرى، لا أقول أفضل أو أسوأ ، أقول في صورة أخرى..
أما بالنسبة لسؤالك عن كيفية التوسط بين المباشرة من جهة وقصيدة الصوت التأملي الهادئ، فبرأيي أن السؤال لا يصح هنا..المسألة ليست مقادير كما تعلم، وليست حسابات مخبرية .. أنت حين تكتب تكون صدى لنفسك الحاضرة والماضية، ولرؤياك وحلمك وما تشعر به، والنفس محيط متلاطم حيناً ، وليلة ريفية هادئة حيناً آخر.. مرة تجدها موطناً للصخب والغضب، وأخرى تراها كوح ناسك منسي على قمة جبل..
تريد القصيدة حيناً أن تتخلص من الصيحة الداخلية فتقولها بقوة وعفوية مباشرة، وتريد أحياناً أن تحلق مثل غيمة أو كجناح طائر مسترسل في تأمل طويل الأناة للكون من حوله.
أخيراً تسأل إن كان الشعر ينتصر أم لا ؟
لا أظن أن الشعر يبحث عن الانتصارات..
ربما أنه يواجه أسئلة وتحديات، وقد تكون تلك معارك، لكنه ليس محارباً في الميدان.. لا يحمل سيفاً وإن كان في وسط الميدان ولا يرتدي درعاً تصد عنه الأسنة والجراح.. لا يسقط إن أصيب بل يزداد صوته شجواً، ولا يتباهى إن انتصر بل يمضي إلى التأمل.
قد تكون الحياة اختزالاً لحروب مستمرة بين القيمة واللاقيمة وبين الخير والشر وبين القبح والجمال وبين النفس والأسئلة الكبرى.. والشعر معني حقاً وبقوة بكل هذا المشهد، إلا أن دوره لا يكون مباشرة.. هو لا يقدم وصفة الانتصار ولا راية الهزيمة كما يحدث مباشرة في قضايا الكون العاجلة، لكنه يشبه الشبح السحابي الذي يحلق فوق ميدان ذلك الصراع.. لا يموت كالجنود لأن لديه مهمة أخرى، فعليه أن يصف الشمس التي ستطلع غداً وبعد كل فصل من فصول الألم.
ماهر رجا
ماهررجا