[ميساء البشيتي]

ولا عزاء للسيدات
كم كنت أنوي التحرر من هذه المساحة الحزينة ..
هذه المساحة القاتمة ..
لكنها خيبات الأمل العديدة والمتكررة هي التي تعيدنا أدراجنا إلى أماكن أغلقناها
لنفتح أبوابها وننتحب فيها قبل أن ننفجر من الغيظ والقهر .
انقطعت جميع قنوات الاتصال بالآخر !
وهل هذا سبب يدعو للانفجار والنحيب وفتح أبواب العزاء ؟
وما هو العزاء ؟
الفقد بكل ما يعنيه .. أن تفقد .. وليس بالموت وحده نفقد الآخر
نفقده حين يضيع منا دون أن ندري ودون أن نحس .
نضيع من الآخر ..
يتوه عنا ونتوه عنه ولا نستطيع أن نمد له يداً ..
حتى لو كان يحتضر ..
حتى لو كانت تتنازعه سكرات الموت ..
نحن لا نستطيع أن نمدَّ له يداً وهو ذات الحال لا يستطيع أن يمدَّ لنا يداً ..
غرفة الإنعاش وما أقساها من غرفة والجميع يزيح النظر عن قرائتها حتى ..
ولكن هذه هي الحقيقة نحن نعيش داخل غرفة إنعاش
لكن من ينعشنا .. والآخر على سرير الإنعاش أيضاً ؟
هل نعد دمى كرتونية مثلاً تأتي بحركاتٍ بهلوانية ؟
هل نصنع دمى الثلج وسط هذا الصقيع ؟
ماذا نفعل كي ننعش الآخر وننعش أنفسنا ونحن نغرق في التيه ؟
لا شيء .. أنا واثقة أنه لا شيء وأنه لا أحد يستطيع أن يفعل شيئاً
لماذا لأنه وبكل بلاهة بنينا برزخاً بيننا وبين الآخر لا يستطيع هو تخطيه
ولا نستطيع نحن تحطيمه لذلك عليك طوال الوقت أن تسمع نحيب الآخر
وترى دموعه وهو يغتسل بها ولا تستطيع أن تمرَّ بأناملك على وجنتيه
وتقبل دموعه ..
كم هي قاسية هذه الحياة وكم نحن قساة حين تسيطر
مشاعر الغضب علينا وتتحكم بنا وحين نترك الآخر ممزقاً في غرفة الإنعاش
ولا تستطيع أن تمده بعدة أنفاس يقاوم بها هذه الحياة ..
فلتذهب الأشعار إلى الجحيم ولتذهب الخواطر إلى جهنم وما فائدة سلال البوح
إن كان الآخر أمياً لا يعرف القراءة ..
ما فائدة جميع أنواع وصنوف وألوان الكتابة
إن كان الآخر أمياً لا يعرف القراءة ..
ولا عزاء للسيدات .