رد: ولا عزاء للسيدات .
ولا عزاء للسيدات ..
ولا عزاء لهذه القلوب الأنثوية الحائرة ..
نصيرة اليوم قررت أنَّ عليها أن تكون مستبدة .. عندما تقرر فراشة ..
أو زهرة .. أو سنبلة .. أن تصبح فجأة امرأة مستبدة فهذا يعني أن القلب
تعب من مجاراة الأخرين .. وتعب من المسايرة ..
وتعب من المجاملة .. وتعب من كثرة العطاء بلا جدوى ..
لذلك نصيرة وربما كل امرأة نصيرة ترغب أن تكون مستبدة بعض الشيء .
هدى غارقة في حزنها .. كل يوم تغرق أكثر فأكثر .. إنها تمارس طقوساً
معروفة لنا جميعاً أنها طقوس الموت البطيء ..
هل نستطيع أن نقف في وجه هذه الطقوس ؟
بكل بساطة لا .. لأن هدى أكثر ذكاءً منا .. وتعرف جيداً أن من يرحل
لا يسكن مكانه أحداً ..
ولا يملأ مكانه أحداً ..
فكيف إن كان طلعت سقيرق ؟
هذا الرجل الذي أبكيه في كل يوم أكثر ..
كيف لم ننتبه أن هذا الرجل خلق ليموت باكراً ..
الأزهار الجميلة لا تقف على الطريق طويلاً .. والموت خطف منا هذه الزهرة
وهدى وحدها من كانت تدرك أن بين يديها زهرة لا تنبت في أي أرض
وربما حيفا اليوم لم تعد تستطيع إنجاب زهرة مثلها
وربما لم يعد بالإمكان الانتظار حتى تنبت زهرة تشبه طلعت سقيرق ..
من رحل رحل .. وما بقيَّ لنا إلا الحسرة نشربهاً أقداحاً في
الصباح والمساء
وعند كل كارثة
وبعد كل طعنة غدر من قلب كان في يوم يحمل لنا بعضّ الحب ..
ناهد تبكي دون صوت .. لم يعد صوتها مسموعاً ..
ربما كانت تصرخ ومع ذلك لم تحرك ساكناً في قلب أحد ..
لأنَّ قلوبنا أضحت كالصخر أو أقسى ..
يقولون دموع المرأة غالية ..
ودموع المرأة عزيزة ..
وناهد تجهش بالبكاء ولم أجد منديلاً واحداً تحرك لتجفيف دمعها ..
وأنا .. أنا ميساء .. صاحبة الفكرة ولا عزاء للسيدات .. حاولت أن أكون الصابرة
والمتفهمة وذات الإرادة الصلبة ..
وحاولت أن أنزع ثياب الحداد باكراً لأتصدى لكل من سولت له نفسه بالغدر والخيانة ..
وقفت على أقدامي وأشهرت قلمي بوجه الجميع ..
وبدأت أكتب على قلوب الآخرين وبدأت القلوب تنبض وبدأت أشعر أن الحياة
رسالة مهمة جداً وهناك الكثير ممن هم في حاجة لنا ..ومن منهم طلب مني البقاء قربهم ..
والسماع لمشاكلهم .. وكنا معاً كأصابع اليد ..
لم أتخلَ عنهم ولم يتخلوا عني ثانية واحدة ..
وهم رأسمالي في هذه الحياة ..
ولكني مع ذلك رغبت أن يكون لي عالمي الخاص ........
زرعت نبتة ..
نبتة تشبهني ..
أردت لها أن تكبر أمامي ..
أردت أن أغدق عليها كل ما في وسعي من حب وحنان وعطاء منقطع النظير
وكبرت النبتة جداً و.. تمايلت .. وزهوت بها ..
إلى أن فاجئتني ذات صباح أنها عوجاء ..
عوجاء وتنتظر قلعها من الجذور..
أحضرت الفأس وقطعتها ..
ولن أزرع غيرها ..
ولا عزاءَ للسيدات .
|