تحياتي أستاذ محمد
أعلم وأعتز بمدى غيرتك على لغتنا العربية العريقة
يكفي اللغة العربية فخراً أنها لغة القرآن الكريم والملائكة وأهل الجنة وفضلها على كل لغات العالم قاطبة
اللغة العربية ومهما حاول المتعصبون إبعاد شعوبنا عن لغتهم تبقى واحدة من أهم اللغات الحية في العالم وأحد أكثرها انتشاراً واستعمالا واللغة المقدسة عند كل مسلمي المعمورة
وإحدى أجمل اللغات وأكثرها عذوبة وموسيقية وأغنى لغات العالم على الإطلاق بالمفردات والقدرة في التعبير عن المعنى المقصود تماماً
في بحور الشعر وفنون الأدب والإنشاء...
يعرف أهل الغرب من المتخصصين في اللغات قدرها ومكانتها ويسمونها لغة الطبيعة في علم الأصوات، وقد شرح لي يوماً أحد هؤلاء الأساتذة وهو أميركي الجنسية غير متعصب ويعلّم في إحدى جامعات كندا كيف تتناغم الحروف العربية مع أصوات الطبيعة، ومما قال لي:
اصغِ إلى صوت هدير المياه في الشلال وستجدينه يصدر الأصوت المشابهة تماما لاسمه ومعناه في اللغة العربية
لقد أجروا وقاموا بتجارب وإنصات ميداني للأصوات التي تصدها الطبيعة أثبتت لهم أنها بالفعل لغة الطبيعة، وبينما هو يحدثني سرحت بفكري وضحكت فسألني عما أضحكني فأخبرته عن أغنية غناها مطرب قديم يسمى " سيّد مكاوي " تقول كلماتها: " الأرض بتتكلم عربي " فعلق قائلاً : " بالضبط فعلا الأرض وطبيعتها تتحدث العربية ولغتها عربية " وهذا سبحان الله من الإعجاز في صدق ما حدثنا عنه الصادق الأمين عليه أفضل وأتم الصلوات
من المفيد أن نتعلم اللغات وننقل إليها ومنها ما يفيدنا، لكن المشكلة في قشور حضارة العولمة التي فرضت علينا وشوشت عقول شبابنا
الأسباب كثيرة وعديدة في الاستهانة باللغة العربية، والاستهانة بها لعله بدأ مع الاستعمار الغربي لبلادنا وافتتاح الإرساليات وإرسال علية القوم أولادهم للدراسة فيها، فجعلوا بسخفهم وسطحيتهم وخبث المستعمر العربية لغة الرعاع والفلاحين ولغة المستعمر هي لغة المجتمع المخملي والطبقة الراقية!
بتنا ربما نحتاج أن يرسلوا لنا من عندهم إرساليات عربية في بلاد العرب!!!
للأسف نحن لدينا مرض عضال اسمه الغرب وفق المثل الشعبي المعروف عندنا في بلاد الشام : " الفرنجي برنجي " وزاد الطين بلة قداسة اللغة الانكليزية وأهلها في الخليج العربي خاصة والانبهار المرضي الذي كان يجب دق ناقوس الخطر من كل غيور، الموظف إن يكن غربيا عامة وانكليزيا أو أميركيا خاصة له مكانة في الخليج لا يحلم بها أي عربي.
للأسف نحن نعاني لأننا ضعفاء وما زلنا تحت ربقة الاستعمار، واسترضاءه والانبهار به والشعور بالدونية أمامه، لغة وحضارة وحتى في مقاييس
فعلنا كما فعل الغراب حين قلد مشية الطاووس!! مع أننا بالتأكيد لسنا غربانا ولعلنا نحن الطاووس هنا الذي قلد الغراب
كل ما لدينا أجمل ويكفي أن لغات الغرب تستعمل أحرف كان أجدادنا صنعوها وصدروها لهم وأرقام ما زالت تحمل حتى اليوم اسم الأرقام العربية، فكان هنا رد فعلنا أن استغنينا عن أرقامنا وتركناها لهم واستعملنا الأرقام الهندية!!
ما زلت حتى اليوم لا أفهم سبب عدم استعمالنا للأرقام العربية المتبعة في كل العالم!!
على فكرة أنا منذ طفولتي وأيام الدراسة الابتدائية وما أن عرفت أصول الأرقام رفضت استعمال الأرقام الهندية واستعملت دوماً الأرقام العربية، وكان لرفضي وإصراري حين كنت أسال من قبل هيئة التدريس هذا ما كان يروى بين المعلمات والتلميذات وحين عملت بالصحافة كتبت أكثر من مرة عن هذا الاستسلام السلبي الذي يبدو في ظاهره تافها وفي حقيقته يكشف أحد وجوه السلبية التي نحن عليها
ألوم كثيراً مجامع اللغة العربية بأداء واجباتها في تطوير وتوليد مفردات لكل العلوم الحدثية وعدم تحجير العربية
جزء كبير من المشكلة يعود لآلية فرق تسد التي فرقت شملنا منذ سايكس بيكو، كانت العربية تجمعنا وبات للأسف هناك تعصب تجاه اللغة العربية من جهة ومن جهة أخرى طفى التعصب القطري على السطح فأصبح الناس يهتمون باللهجات المحلية على حساب اللغة الأدبية الراقية بقواعدها التي تشملنا وتجمعنا،وكثيراً ما بت أسمع من يطلق اسم لغات على اللهجات!!
على سبيل الطرفة التي تنضوي تحت بند الكذب والإدعاء للحصول على وظيفة، أخبرني منذ سنوات أحد مدراء مركز الهجرة في إحدى المدن الكندية عن مهاجر عربي تقدم للعمل كمترجم، وأثناء اللقاء سأله المدير عن اللغات التي يجيدها، فعدد له 22 لغة ( مصري، جزائر ، مغربي، سوري، لبناني إلخ.. )
كم يؤلمني حين أود البحث عن شيء ما على السيد غوغل، فتفتح أمامي مواقع أكاد لا أفهم حواراتهم، يكتبون باللهجات المحلية بآليات ركيكة شبه أمية
الغريب أن الانترنيت وفتح مواقع عربية غير هادفة وبشكل عشوائي ساهم كثيراً بالإساءة إلى اللغة العربية فبات من الطبيعي أن نقرأ على سبيل المثال إضافة الياء بعد تاء التأنيث وكاف المخاطبة ( أنتي، لكي، معكي ، حبكي إلخ ) بدلا من: ( أنتِ، لكِ، معكِ، حبكِ ) ونسيان ما يفترض أن يكون تعلمه المرء في المرحلة الابتدائية وحدث ولا حرج في أخطاء الهمزة والخلط بين التاء المربوطة والهاء في آخر الكلمة حتى في كتابة اسم الجلالة، الله تكتب ( اللة) اللاة والعياذ بالله أحد آلهة الجاهلية قبل الفتح الإسلامي وهدم الرسول صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة صنم اللاة ، فإلى أين نحن سائرون؟!
أساساً نحن هنا نجاهد بمالنا وجهدنا ووقتنامن أجل القيام بواجبنا وتجاه أمتنا ولغتنا وآدابها
هذه رسالتنا وهذا ما يجب أن تكون عليه رسالة المواقع المتخصصة
أستاذ محمد سأستغل المناسبة وأنت العربي الغيور على اللغة العربية وأرجوك أن تكمل ما كنت قد بدأت في دروس اللغة العربية خصوصاً وأنك رأيت مدى تعطش الشباب الموهوب في نور الأدب لمتابعة دروسك وعدد القراءات التي كان يحظى بها كل درس من الزوار
هذه رسالة عظيمة الشأن كنت بدأت بها وأستحلفك بالله أن تتابعها وتكملها
كل الشكر والتقدير وعميق الامتنان
هدى الخطيب