عرض مشاركة واحدة
قديم 16 / 03 / 2012, 43 : 11 PM   رقم المشاركة : [74]
حياة شهد
شاعرة و رسامة و كاتبة

 الصورة الرمزية حياة شهد
 





حياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )

* الجزء السابع عشر *


[align=justify].... لذلك اكتفيت بحدود غربتي الضيّقة، المتربّعة على امتداد عشر شجرات زيتون، لو جمعناها بلحاف فستكون خارطة وطني الجديد .. الوحيدة الّتي لم تتخذ راية، تُسْكن بها عنجهيتها المتوارثة .. و بقايا وادٍ جفَّ منذ زمن، بعد فاجعتي .. !!و كأنَّ الأمطار الطوفانية الّتي ذَرَفْتُها من وحي جرحي، سحبت معها مياه كل المنابع و السّدود و ألحقتها ببحر شرقي يجهِّز نفسه من جروح الحزانى .. ليكون جسرا لهجرات غير شرعية، بحثا عن إقامة شرعية على ضفاف نهر أنثوي ... يمتاز بملوحته العذبة .. !! و بمراسيم تشييع قصّة حبّ كانت ستبدأ لولا ... أن هاجمتها مومياء فرعونية .. !!
اكتفيت بذاكرة سَلَخْتُها على جذع شجرة، فبقي جلدها النّاعم متشبثا به و كأنّه امرأة في بداية استكشاف لأنوثتها .. بعدها تغيّر الأفعى جلدها و تقرّر الوّخز لتقتل ضحاياها ..و كأنّها لا تستطيع التخلّي عن نزعتها العدائية لبني البشر من ذوي القلوب المرهفة .. و الأرواح النديّة .. هكذا النّساء بعد كل نكسة طفولة ...
اكتفيت بمساحة ترابية مجهولة النّسب و الشّكل، تحدّها شجرة زيتون من الشّمال و الجنوب و الشّرق و الغرب .. هي وطني الّذي سأشيِّد فيه منزلي الرّيفي، المعاصر المطل على شاطئ أشقر بخصلات سوداء .. لا هو بعربي و لا بأجنبي، لكنّه أكثر واقعية منهما .. و أقرب إلى الحقيقة الخالدة غير المهدّدة بالانهيار أو الاندثار .. لا جرح، لا عتاب، لا ألم، لا ضياع، لا مطر، لا ثلج، لا هجر، لا حصار .. كل ما فيه غيبي لا تدركه العقول و لا الأبصار ..
حين زرت قبره فيما بعد، صُدِمت من مفارقات الحياة و الموت .. و القدر العاصف ..
دفن في مكان يبعد عن المقابر الأخرى المتواجدة بنفس المقبرة ببضع مترات ... اتجاهاته الأربعة، تتوقّف عند ظلال شجرة زيتون .. رغم الخدش البسيط و الخطّ المائل قليلا، المرسوم بحنكة مهندس في بداية حياته التطبيقية ... و كأنّ قبر عزيز كان مشروع توسيع للمدافن .. و خارطتها الجديدة ..
كل هذه التّفاصيل .. ما كان لينتبه لها بشر و حتى أنا، لو لم يطلعني على آخر مشروع كان يناقش رسالته على مرأى من الطبيعة و مُقوِّم هو شجرة زيتون ..
حتى الانتحار لعبة حربية يجب التّحضير لها و رسم خططها .. بأدقّ التفاصيل .. لكأنّه رسم خارطة قبره بمسطرته، بخطوط هندسية مرتبكة ..كما كانت نفسي لحظة مثولي أمام حقيقة صنعها عزيز بكلّ فخر العروبة الّتي ينتمي إليها، مختلّة التفاصيل في بعض جوانبها و كأنّ الصّدف لا تكتمل بنسبة مئوية شاذّة ..كانت خيالية لدرجة الواقعية التّامة، تتطابق تماما مع عقل الإنسان النّسبي ..
و كنت قانونيا .. لا أجيد التسكّع بين الخيوط المتشابكة !!
لحظتها و أنا واقف، مشدوه .. أراقب تمثاله السّامق الّذي خلَّفته أبخرة تحوُّل ليلي لمقبرة كانت بالأمس القريب مجرّد مقبرة .. لتصبح قطعة أثريّة بعد أن شفرَّها بخطوط وهميّة ..كلّ جهة تحمل رسم حرف فارسي بنكهة عربيّة خفيّة، لذلك ظلَّت المعاني مدفونة خلف تشوّهات النّطق فقط .. تلك اللّغة كانت بمخارج صمّاء، لا تجيد ترتيب السّعرات لذلك كانت حارقة ...
تساءلت .. و أنا أبحث في قاموس اللّغة عن معاني مبهمة شرقية أو غربية .. ؟ للاتّجاهات الأربعة الّتي رمز لها بأشجار الزّيتون و جعلها بحكم التّاريخ شاهدة على حياديّة انتمائه .. علّني أفكّ لغز خارطة، كنت أرى جزءا منها و لو مجازا بحكم آخر تصريح ظننته عند أول وهلة رقصة جنون أو تسريب ذهول .. لكنّها بعد ذلك اتضحت كما لو أنّها الحقيقة الوحيدة الّتي تنتسب لشفافية الحياة .. !! و ما بعد الحياة .. و مع ذلك بقي الجزء الأكبر منها غامضا .. كنت كالمجنون أنتقل بجسدي و عقلي و بصري بين جهاته الأربعة المشفّرة، بجسد أنثى في صورة شجرة زيتون .. أبحث عن ملاذ لأفكاري، تلك الّتي عبرت رسم خارطته فأشعلت الحروف من حولي .. تلتهمني نيرانها حتى لا أكاد أخمد حركتها حتى أتيه في زوبعة الدّخان المتصاعد من أثر الاشتعال ..
هل كان انتحاره إنجازا لمشروع مموّله الوحيد مليوني أو ما يزيد من الدّيدان .. ؟؟ الّتي تجيد فنون الاستثمار ... و تحقيق الرّبح السريع بتناسلها العشوائي على الهياكل العظمية .. بطاقّة عقلية تسلّم بفرضيّة مفادها .. سلامة جيناته الفكرية من أيّ أثر للانتحار، فظلّ فكره فطنا، مشتعلا إلى ما بعد الموت تحقيقا لشرعية ترابية مجهولة .. بطاقّة عقلية نشلتها من رماد جمجمته و كأنّ الأفكار أيضا تخلِّف رمادا بعد أن يلهمها الشجن و تشعلها فيما بعد، حالات الإرهاق العصبي و الإحباط و الألم الشديد ..
[/align]
حياة شهد غير متصل   رد مع اقتباس