رد: رسالة إلى صديقة
نعم نصيرة كل ما تفضلتِ به صحيحاً .. هناك عشق يسمو فوق جميع
أنواع وأصناف وأطياف العشق هو عشق الوطن الأم والأم الوطن .
كنت دائماً أقول أن أمي وطني وبعد أن رحلت أمي أعلنت نفسي
عصفورة الشتات ..
كانت عيناها هي وطني وهي مرفأي وهي جنتي وهي ملاذي ..
كانت الكلمة منها تذيب الجراح وتغسل القهر ..
كانت اللمسة منها بمثابة صكوك الغفران ..
كانت النظرة منها تعمدني من جميع الأخطاء والخطايا
وتعيدني طفلة تتربع على حضن الأم .
حين فتحنا أدراج سريرها بعد الوفاة وجدت أوراقاً لي ..
"ضيعت الأماكن "
" هناك روحي "
و"رسائل إلى أمي "
لكنها لم تقرأ منها إلا رسالة أو رسالتين لظرفها الصحي الذي ساء جداً ..
كانت أمي بالنسبة لي هي سيدة الأبجدية ..
منها هي كنت أستقي حروف الفرح التي كنتِ ترينها تزين نصوصي ..
كانت ترفض الحزن وترفض أن يلبس أولادها ثياب الحزن والقهر والانكسار .
كانت بين الحياة والموت وكان عليَّ أن أودعها لأعود إلى بيتي ..
من كان يدري أنه كان آخر لقاء ؟
قلت لها وكانت تئن حينها وأحياناً تصرخ من الوجع ..
وكانت تراني واقفة أمامها أغتسل بدموعي وهي كأنها لم تعد تراني من الوجع ..
قبلتها وقلت لها : لا تكسرينا يا أم ..
فتحت عينيها بقوة وكأنها عادت من رحلة بعيدة وقالت " ما عاش من يكسركم "
وغادرتُ ......
وأسلمت هي الروح .. دون أن نتجاذب أطراف الحديث ..
أو حتى نقول كلمات الوداع ..
لكنها ردت عليّ يا نصيرة وقالت " ما عاش من يكسركم "
وقد كانت تعاني في حينها من سكرات الموت ..
من يا نصيرة يعود من سكرات الموت لأنه خاف من كلمة تلفظ فيها أحد أبناؤه ؟
أنا واثقة أنها قد تعود من الموت لأجل أن تقول لي "لن أكسركم يا ميساء "..
نصيرة
شكراً لكل حرف كتب هنا وربي يقدرني أن أقف إلى جانبك في الفرح والمسرات
قبلاتي لك أيتها الغالية
وربي يحفظ لك جميع أحبتك .
|