المحبة التي جمعت بيني وبين شاعرنا أعمق من أن أحصرها
ما لها أبعد من العمر ومن ألف عمر باقية على المدى وكما قال رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم:
" الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر اختلف "
كيف كانت ولماذا هذا القرب الشديد حتى يحدثني عن وجعه؟
لعلها بدأت بالشقيقين نور الدين وحورية الخطيب
كانت عمتي من بين جميع اخوته قطعة من روحه وكانت أقرب الناس له وما بينهما كان علاقة رائعة وكانت أكثر الناس قدرة على قراءته وأقربهما شكلا وطباعاً لبعضهما البعض، وعمتي صنف فريد من النساء في داخلها مخزون من الحنان من الصعب أن تجده في شخص واحد
تزوجت عمتي من ابن خالها والعم محمود وأحد أشقاءه كانا أقرب وأحب الناس لأبي
طلعت وربما بداية لأنه ابنها وابن حبيبه المحمود ولأنه أول حفيد في العائلة وأقصد الأشقاء أي أحفاد جدتي ، عشقه أبي بصورة خاصة جداً خصوصاً أنه لم يكن غيره لبضع سنوات وإلى أن ولدت شقيقته رجاء، فزواج الأشقاء الذكور تأخر سنوات غير قليلة عن زواج الشقيقة وهذا غالباً ما يحصل فالبنت تتزوج بعمر أصغر وهذا معروف طبعاً
كان أبي شاعراً وأديباً نابغاً وإن لم يكن الشاعر الأول في الأسرة وقد سبقه الأخ الأكبر غير الشقيق بد الدين
كان والدي شديد الشفافية ويمتلك حدس غريب وعالي و قد لازمه الاحساس أن عمره سيكون قصيراً
في أحد الأيام وكان طلعت لم يزل طفلاً أوقفه أبي أمامه وقال له:
" أنا سأرحل مبكراً ولن أستطيع أن أكمل رسالتي وأنت ستكبر وتصبح شاعراً وأنت من ستكمل هذه الرسالة في مسيرة الشعر والأدب "
وهذا ما كان فعلا فقد صدق نور الدين ورحل مبكراً وتفجرت مواهب طلعت الشعرية والأدبية وكان أشبه الناس بخاله طبعاً وموهبة ونقاء وضمير وطني وإنساني حي لا يستكين واحتمالا للأذى وصفاء ومحبة وتسامح تجاه كل الناس
أكمل....