[align=justify]
طبعاً أنا لم بالكاد أعرف والدي وأختي كانت رضيعة حين رحل
ومثل كل الأبناء نجد ولد قطعة من الأب وآخر قطعة من الأم
والحقيقة أني جئت أشبه والدي ليس شكلاً فقط بل حتى بالتفاصيل ورثت عنه حتى تفضيل ألوان طعام عن ألوان أخرى
كان أبي فرح بي جداً وشعر ربما منذ اليوم الاول أني نسخة عنه ومنذ بداية تشكل الوعي عندي وردود أفعالي وبحسه هذا شعر أني لن أكون بعيدة عن عالم الأدب وأني سأرث هذه الشفافية العالية والقيم التي تؤلم وتوجع صاحبها في عالم قاس وصلب
الغريب أنه أوصى طلعت بي وبي تحديداً ، وكان طلعت دائماً يحدثني كيف اختصه وليس أحد أخواله بأن بلهجتنا العامية " يدير باله عليّ "
ربما لأنه شعر بحدسه هذا أني سأتجه للأدب والكتابة
بالنسبة لي منذ تشكل وعيي كنت أعرف أن طلعت غير الجميع وحين أذكر طلعت وطلعت فقط أشعر بأبي يملأ الوجدان
لكن حادثة معينة كان لها التأثير الكبير وسبق لي ورويتها في أحد الملفات وأظن علق عليها شاعرنا الغالي:
كنت ربما في التاسعة أو العاشرة من عمري جاء اهل الشام كما كنا نقول ونعني فيه أهلنا الذين يسكنون في دمشق
اشترى لي عمي سيف الدين ( ثوب البحر المخصص للسباحة ) وحين دخلت وارتديته وخرجت متجهة إلى البحر لأسبح، غضب طلعت جداً وأمرني أن أعود لارتداء ملابسي ورفضت بإصرار الأطفال ولعلي هاجمته للتدخل بأمري
كاد يومها أن يضربني لولا أن احتميت بعمي، لكنه فعلا لم يتح لي الفرصة لأسير في ملابس البحر إلخ..
عدت إلى بيت جدتي أم نور الدين غاضبة وضعت رأسي على صدرها فيما يسمى بدلع الأولاد وأنا أقول لها:
أنا أكره طلعت
انتفضت جدتي وهي تقول لي مقولتها التي لازمتني كل عمري بعدها:
إلا طلعت!!
اكرهي من شئت أنا أوأعمامك أو من تريدين إلا طلعت
طلعت هو روح نور الدين وأنت قطعة من نور الدين
وحفظت للعمر وعلى العمر
إلا طلعت
إلا طلعت
دقائق وأكمل هو التأثر فقط يجعلني أقطّع
[/align]