موسيقى الشعر العربي
[align=justify]
يمكننا أن نتعامل مع موسيقى الشعر ببساطة بالغة تعتمد على قاعدتين موسيقيتين إن أدركهما المرء واستطاع تطبيقهما قطع من طريق كتابة الشعر مسافة تبلغ ثلاثة أرباعها:
القاعدة الأولى:
نتعامل مع كلمات العربية منطوقة ومسموعة لا مكتوبة، لأن الموسيقى تنبع مما نحسه بآذاننا من أصوات متحركة أو ساكنة سواء أكانت مكتوبة أم غير مكتوبة، أما ما لا يُنطق فلا قيمة له حتى لو كان مكتوبا.
وللتمثيل على ذلك دعنا نشاهد آلية التعامل مع بعض الكلمات في حالتي الكتابة والنطق:
(حتّى، حتتى)، (جبلٌ، جبلن)، (هذا، هاذا)، (داود، داوود)، (بهِ، بهي)، (عمرو، عمْر)، (ذهبوا، ذهبو)، (وانطلق، ونطلق).
لعل تطبيق القاعدة السابقة -دون تفاصيل ما يحذف وما يزاد من الحروف- كافٍ لتحقيق المراد، وأما من أراد التفصيل الدقيق؛ فيمكنه الاستزادة مما يلي:
الحروف المنطوقة غير المكتوبة:
1- الحرف المشدد: (رقّ، عدّ، حتّى...) تصبح في النطق: (رقْق، عدْد، حتْتى،...).
2- التنوين: (جبلٌ، شجرٍ، سبباً،...) تصبح في النطق: (جبلن، شجرن، سببن،...).
3- زيادة الألف: (هذا، هذه، هذان، هؤلاء، لفظ الجلالة "الله"، لكنْ، لكنّ،...) تصبح: (هاذا، هاذه، هاذان، هاؤلاء، اللاه، لاكن، لاكنْن).
4- زيادة الواو: (داود، طاوس،...) تصبح: (داوود، طاووس،...).
5- إشباع الضمير: (بهِ، لهُ، إليهِ،...) تصبح: (بهي، لهو، إليهي،... ).
6- إشباع القافية: (... ... ... وثوانِ) تصبح: (... ... ... وثوانيْ).
الحروف المكتوبة غير المنطوقة:
1- الواو الزائدة: (عمرو، أولئك، أولو، أولات) تصبح: (عمْر، أُلئك، ألو، أُلات).
2- ألف واو الجماعة: (ذهبوا، حضروا،...) تصبح: (ذهبو، حضرو،...).
3- الألف الزائدة في: (مائة، مائتان) تصبح: مئة، مئتان).
4- اللام من ال الشمسية: (الشمس، الصباح،...) تصبح: (أشْشمس، أصْصباح...).
5- ألف الوصل إذا لم تكن في بداية الكلام: (وانطلق، من القرية، وابن،...) تصبح: (ونطلق، منَلْقريَة، وَبْن).
6- الياء والألف من أواخر الحروف المعتلة عندما يليها ساكن: (في المنزل، إلى المسجد، على القمة) تصبح: (فلمنزل، إللمسجد، عللقمْمة). ولا يُحذفان إن جاء بعدهما متحرك: (فيْ منزل...).
7- ياء المنقوص وألف المقصور غير المنونين عندما يليهما ساكن: الساعي الأخير، الأسى الكبير) تصبح: (الساعلأخير، الأسلكبير).
القاعدة الثانية:
تتساوى الأصوات في ميزان موسيقى الشعر مهما كانت، فلا فرق بين السين والصاد والعين واللام وغيرهم إذا كانت متحركة سواء بفتح أو برفع أو بجر حيث يرمز للصوت المتحرك بإشارة الحركة: ( / )، والصوت الساكن بإشارة السكون: ( 5 ).
ومن ثَمَّ فإن الأصوات: (أَ، بُ، جِ،...) تصبح: (///)، والأصوات: (أْ، بْ، جْ) تصبح: (5 ، 5 ، 5)، مع مراعاة أنه لا يتم الجمع صوتيا بين ساكنين إلا في أواخر الأبيات في بعض الأحيان، أو في نهاية كل شطر في أحيان أخرى.
تطبيق القاعدتين السابقتين:
ننطق كلمات البيت ونسجل إشاراتها وفق ما سبق، حيث نأخذ بالاعتبار الصوت المنطوق وحسب، وندقق فيه مع مراعاة الربط بين الكلمات في النطق وعدم نطق الكلمة منفردة، ونضع للصوت المتحرك إشارة الحركة (/)، وللصوت المنطوق الساكن إشارة السكون (5).
من ذلك قول الشاعر عنترة:
وإذا صحوت فما أقصّر عن ندى
وكما علمتِ شمائلـي وتكرّمـي
نلاحظ أن الأصوات الثلاثة الأولى (وَإِذَ) متحركة فنرمز لها بإشارات ثلاثة: (///)، ويليها صوت الألف ساكناً فنشير إليها بالسكون: (5)، ونتابع لنصل إلى الشكل التالي:
///5//5///5//5///5//5
///5//5///5//5///5//5
ولا نريد أن نصل في المرحلة الأولى إلى أكثر من التطبيق الصحيح لهذا الترميز، والتدرب عليه بشكل جيد دون أخطاء، فإن تحقق لنا ذلك كنا قد قطعنا –كما قلت سابقاً- ثلاثة أرباع طريق كتابة الشعر!! ولكن حتى يتحقق ذلك من خلال أكثر من تدريب أحب أن ألفت النظر –مجرد لفت نظر- إلى شيء مهم في نتيجة ترميزنا للبيت السابق عندما نراه بالشكل التالي:
///5//5 ///5//5 ///5//5
///5//5 ///5//5 ///5//5
حيث نلاحظ هذا التوافق الغريب في تكرار (ثلاث حركات وسكون وحركتين وسكون)، هذا التوافق الذي يحقق عند المتلقي لبيت الشعر انسجاماَ موسيقياَ يمثل سر جمال موسيقى الشعر الذي نتحدث عنه... لكن فلنلاحظ هنا أننا لا نريد أكثر من رؤية هذا التوافق، فمن المبكر الحديث عن تفاصيله.
[/align]