عرض مشاركة واحدة
قديم 28 / 03 / 2012, 48 : 10 PM   رقم المشاركة : [105]
حياة شهد
شاعرة و رسامة و كاتبة

 الصورة الرمزية حياة شهد
 





حياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )

* الجزء السادس و العشرون *



[align=justify]... العطور لحظة اجتياح قويّة .. لا تخفت و لا تملّ الانتظار خلف قطعة قماش متواطئة ..
رحلت أمال .. و تركت فوق طاولة الياسمين شيئا من زجاجها المكسور .. و كأنّها كسرتها للذكرى .. يوما حين علّمتها لأول مرّة كيف تحمل بين يديها مزهريّتي الجميلة .. تلك الّتي كانت تذكّرني بهزائمي، في كلّ مرّة أصفع ورودها و ياسمينها بكفيّ كلّما انهارت قدّيسة فوق دفاتري .. كلّما شعرت أنّي أفقد يوما عن يوم شواهد أنثى .. كلّما انتحل الغيب شخصية حبيبتي المجهولة .. حتى بعد أن وجدتها .. كنت أنهزم، لذلك كان من الصّعب تحطيم الهزائم .. لذلك حين رفعت أمال مزهريّتي بطريقة مقلوبة صحّحت .. بدهاء .. اعوجاجها ، كنت برغبة خفيّة أحثّها على أن تصفعها بكفّها الصغيرة .. حتى تنكسر .. لا شيء أرّق من قتل الذّكرى بأنامل طفلة صغيرة ببصمات أنثى .. فكانت الهزيمة مزدوجة الأنوثة .. !! لا تمتّ لي بصلة غير أنّي الدافع من وراء الاغتيال ..
ليلتها أصابتني لعنة إحدى النّساء .. المشفّرة بقطعة زجاج محطّم .. تمادت في جرحي ..
الزّجاج ينقل الرّسائل بشفافية صارخة .. قد تصل حدّ الانتقام في حالة النّشوز و التّمرد .. لذلك كان جرحه غائرا ..
حتّى الانكسارات تختار ملاجئها و توقيتها الرّسمي .. كي تشيّع ما تبقّى من فرح .. فكان أن مارست نزواتها على روحي بكلّ طاقات الشّجن .. تعلّمْتُ أنّ هواية الألم تتفقدّني و تحاصر كلّ الهوايات .. كلّما كان الدّمار عربيا .. كلّما كان الحصار عربيا .. كلّما كان الموت عربيا ..
أيّامها، أصابتني انتكاسة مفاجئة .. و انهيار تفرَّقت أسبابه و غرقت أسراره بجبّ طوّقنه المسافات الشاهقة .. ! بين منطقين .. أمن أحداث غزّة ... ؟ و لعبة الكبرياء العربي الّذي استوطنني بطريقة جعلتني أبكي حرقتي بدمعتين غير متشابهتين، لها .. للأنثى بوجهيها ( الطفلة الّتي ماتت و تركت على كفّيّ شيئا من بقايا عطر أوّل عناق لأوّل ثوان لميلادها .. و الأنثى الّتي ملكتني قبل أن تستردّ السّماء لهفتي الأولى .. و تساومني بعد ذلك عليها .. ) و لغزّة .. الجرح الّذي عبر المسافة المتبقّية بيني و بين الجنون، بحنكة مضاعفة .. فكان أن حرّك عنّي كلّ الأحجار و ترك طاولة اللّعب فارغة .. تصلح لأن تمارس عليها نوبات هستيريا .. تتخلّلها دموع أخرى، بمعانٍ مجهولة .. كأنَّه تحالف عسكري لقوى الدموع .. كنت أبكيهما .. أبكي غزَّة بشجنٍ مضاعف .. كنت أبكي ذاكرتي و ميولي الوطنيّة .. أبكي قصيدتي الأخيرة .. أبكي تضافرا مع بكاء ابنة شقيقتي .. و كأنّها مرّرت شيئا من حضورها فوق جسدي فتلبّسني قبل الرّحيل .. تلك المقطوعات المحفورة في الرّوح .. الّتي كانت تداخلني في سويعات الصّمت القاتلة .. أبكي قصيدة شرّحتها المنارات البعيدة .. أبكي ضفّة تاهت خارطتها عن عالم الحسّ و الشّعور .. أبكي حدسي المهووس بصدف التّلاقي .. أبكي آخر يوم خريفي .. امتطى قرميد بيتنا الرِّيفي بلهفة وداع .. أبكي الشّتاء القادم بتعمّد الهطول .. و الثّلج الّذي توعّدني بعاصفة ثلجية تنطلق من شريانها المكسور .. لتصل حدّ الكلمات .. و كانت الكلمات مقصلتي و دافعي الوحيد للانتحار بشفرة ورقة .. كنت أبكي و أبكي و أبكي .. دون أن أبحث في آخر معنى لدموعي .. حتى لا تنتهي الأسباب فجأة فأصعق .. مع آخر دمعة قد تولد يتيمة ..
دمعة الشّمال غير دمعة الجنوب .. تلك الرّغبة المزدوجة الاتجاه .. تلاقت عند خطّ الاستواء .. بين شرعيّتين، فوشّحتني أحزان العالم بأسره .. بتواطؤ شديد و غرور رجولة كانت بداخلي .. رفضت الإدلاء وقارا لانتكاساتي المتتالية .. و حفاظا على شعرية الحزن .. و صونا لكرامة البَّوح الشّفيف .. حتى لا أكذب، فتخفق شرعيّة أنثى .. !!
في زمن قياسي .. انحدرت على جثماني أنواع الكوارث، كتمت على أنفاسي و تركتني شبه ميت بدقّات قلب متناثرة الزّوايا .. قد تخرس و قد تعود لطوافها المجنون، خلف ذاكرتي الملّغمة .. لتستلقي على صدري بعد أزمة تنفّس شديدة، فيمتقع لوني و يعاود استرجاع تدرّجات اللّون الوردي .. كأنّه دخيل بين حياة و موت ..
كلّ شيء في ذلك الزّمان كان مجبولا على القسوة .. كلّ شيء .. حتّى هي ..
رأيتها ذات يوم .. رفقة صديقي جالسين تحت مظلَّة الخريف يتحدّثان و الأوراق الصفراء تعصر ما تبّقى على حوافها من خضرة شاحبة .. لتنتحر على عتبات باب حبيبين .. !!و كان المنطق يساوم عليهما في يوم كذاك .. كان يفترض أن يوقّرني و يدعوني لتأبين شجرة بليدة على مشارف مدينة غارقة في بكاء خريفي عاصف .. و نعش يحوي جسديهما ..
آلمني جدا مشهدهما .. كانا كلوحة عُلّقت بعشوائية تامة بين أشجار ذابلة فشوّهت جمال المدينة و أدخلت أزقّتها في حداد خريفي شاهق الطوابق الصوتية ... كناطحات سحاب، امتد الحزن يُطوِّق سمائي، ما عدت أبصر الغيم المتطاير من سجائري بفعل التّصاعد المميت لطبقات الغصّة بحلقي ..
صديقي فؤاد شاب وسيم جدا .. يهتم بمظهره لحدود غير معقولة، تصل لدرجة صقله لشعره و تمشيطه على آخر صرخة للموضة، تماما كنجوم السّينما، مع حفاظه على سمرة خاطفة للأنظار و غمازتين، عينيه عسليّتين بمداعبة خفيفة لخضرة ساحرة، شفتيه مرسومتين يتوسطهما صفين من اللآلئ المصطفّة .. كأنّها معزوفة موسيقية مخبّأة، قد تبرق بمجرّد طلوع شمس من مبسمه الفاتن، قلّما تنصرف عنه نظرات أنثى .. قلّما تتجاوزه رغبة في الانتحار على عتبات وسامة كتلك الّتي يملكها ..
[/align]
حياة شهد غير متصل   رد مع اقتباس