عرض مشاركة واحدة
قديم 30 / 03 / 2012, 16 : 12 AM   رقم المشاركة : [112]
حياة شهد
شاعرة و رسامة و كاتبة

 الصورة الرمزية حياة شهد
 





حياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )

* الجزء السابع و العشرون *



... لم يزعجني جلوسها رفقة رجل، بقدر ما آلمني احتكاكها المشبوه بفؤاد .. و هو المهووس بالتسكّع الحر في الشّوارع و المدن النّسائية للتّرفيه المؤقت فقط .. و هي أنقى ما في الدّنيا .. و أصدق شيء لامسته مخيّلتي واقعيا .. حتّى انكسر الواقع فجأة، على إثر مزحة خريفية متنكّرة .. و تبعثرت شعاراته أمامي، فكان صعبا أن أرفع الحروف المتكرّرة بشرعية معدومة .. لأعيد كتابتها فوق جزء منسوخ عنها، أتلفته فرضيّة الاستنساخ .. لذلك كان التّقليد جريمة عظمى ترتكب في حقّ الأنوثة .. !!و عقابها، أن تموت الذّكرى شنقا .. بالرّسمية الّتي يرفضها فؤاد .. و توقّرها سذاجتي المصلوبة على حائط غربي .. ترفّع يوما ليعلّمني كيف تمارس الرّجولة رغما عنّي .. بأشيائي .. و عطوري .. و امرأة تنكّرتُ لها بزيّ الجنون حتّى عشقتها لحدود الموت .. فكان أن قتلتني بأسلحتي ..

كان صديقي و كنت أحبّ فيه وداعته و تنّصله من الجدّية، الّتي يلبسها دوما بذلة رسمية، في حين هو يتبرّأ من كلّ ما هو رسمي، مولعا بكلّ ما هو مستورد من السّترات الجلدية السوداء و النّظّارات الّتي تذَّكرني حين أراه، بمافيا الأفلام السّينمائية، لكنَّها مع ذلك تُكسبه وقارا خاصا و جاذبية صارخة،كان متمرّدا على كلّ ما له صلة بالعادات و التّقاليد الكاتمة على النّفس ..

لا يمرّ يوم دون أن يضع في حقيبته و بين أشيائه الخاصة، رقصة لأنثى محنّطة .. و كأنّ النّساء عنده، أشياء للاقتناء و المساومة، لمن يملك أكثر جاذبية و قدرة على تشفير الأنوثة بطريقة يصعب معها تصميم رقم معيّن من جسد الصفر .. !!

مع كلّ سيجارة كان يشعلها .. تتشبّث أنثى بدخانها لتعود إلى نَفَسِه، يعيد طرحها بدخان مفصول الأجزاء .. يستحيل فرز السّقيم منه عن ما تبقّى من كبرياء محموم .. و كان الدّخان متطرّفا جدا، لا يقبل فصل معانيه .. يرضى فقط بالدّفعات المشبوهة بانتقام مجهول ..

حين سألته عنها ابتسم .. ابتسامته الماكرة، الّتي اعتدت رسم انعراجاتها على وجهه الوّسيم، اللّئيم، بطريقة يمكنني معها تحديد مناطقها الآهلة بزهو مخادع و مكامن انتصار .. و منطقة غامضة .. تفضح انكسارا داخليا، مجهولا ممسوح المعالم .. إلّا من ذرّة غبار ..

قال :

مجرّد صفقة نسائية يا صديقي .. ستنتهي بمجرّد التّمويل الكامل ..

و كنت أعلم تماما مقاصده الدّنيئة و أهداف صفقاته المشبوهة .. جيّدا .. خاصة إذا تعلّق الأمر بصفقة نسائية خالصة، حتّى البّوليس الدّولي، لن يكشف خارطة ألاعيبه المقنّنة و المدروسة بحنكة رجل قانون مقتدر ..

فكلّ زبوناته يوقّعن على عقود نزع للملكيّة، بإدراك تام و أهليّة قانونية و رغبة مستميتة في قبض ثمن البّيع نقدا .. ( بحرقتين ) .. !لكنّه بعدها يتوارى و تخلفه أوراقه الموثّقة و مساعيه السّلمية من أجل قضايا نسائية .. !!

هذا ما آلمني جدا، لحدِّ البّكاء المغترب .. بين أسوار مدينة غير مدينتي، تلك الّتي علّمتني كيف أتنّصل منها .. كما أتنّصل من امرأة خائنة ، حين استَرْجَعَت منّي شيئا لي و وزّعته على الأرصفة، كي تنتعله الفصول كلّما مرّت قُبالة جرحي، بجانب الوّادي الّذي جرى يومها من عروقي و جفّ على حدودها ، أبكي على مشارف خريف غير ذاك الّذي داعبت رياحه خصلاتها يوما و هي جالسة، بين فكّي رجل آخر .. ذئب آخر .. رمزا آخر من رموز ديكتاتوريات الحبّ الملفّق .. أكثر جرأة على ترويض الجموح و الجروح .. قصيدة لا تمتّ لعربيّتي بصلة، غير أنّها جاءت ملثّمة .. بعبرية دنيئة .. كأنّها أعادت تشكيل لغتي بحركات جديدة لا أفقه منها شيئا غير أنّي أخرسٌ أمامها .. حاورتني في وقت تبعثر فيه لساني بين شاهدين .. الخريف و جثّثي .. و شيئا من كلمات مبهمة خرساء ..

الخريف في قريتي .. يعتزل طقوسه و يفنّد أقاصيص انهمار الأوراق التّالفة .. و يرشو السّماء كي تمطر، فتغفو مع سحر أمطارها، كلّ رغبة مستعرة في البّكاء ..

وحدها المشاعر العاصفة تُبكي غيوم الشّتاء و تعزف لحنها الممزوج برقصات خريفية خفيفة لأشجار الزّيتون العارية، في موسم جني الزّيتون ... موسم قطف الثّمار لا سقوطها المنهار على حواف الوادي .. فكلّ ما تحبطه شرعيّة ساكنة لا يصلح لأن يتبنّاه الوطن و لا الحبّ .. كلّ شيء توثّقه قوّة السّيف و التّصديات .. لذلك كانت الثّمار المتساقطة من تلقاء نفسها .. شمسا محذوفة من تاريخ الشّروق المرفوع قهرا على كتفيّ الجبل .. عارا على قدسية الزّيتون .. خدشا على ملامح العروبة ..

الخريف في قريتي يستنطق المرايا .. بتغريد عصافيره و هي في أعشاشها مختبئة، موقّرة للرّسائل المشفّرة الّتي يبعث بها عاشق ما، لتلتصق بشجرة زيتون ..كلّ حبّة زيتون مناضلة في سبيل قصص العشق البريئة .. تتصفّح كلّ رسالة ثم تشهق و تتأوّه .. الجني هو اغتيال صريح للأسرار المدفونة ..

الخريف في قريتي، يدّق الطّبول قبل كلّ فاجعة إنسانية .. حتّى تختفي الجرذان .. و تتسلّل الأرانب خلف الأحراش .. و تداري الورود انسكاب عطرها بجرح من شوكها المسموم ..

كلّ غارة جوّية تسبقها صفّارة إنذار .. و وقت معلوم للانصراف اللّيلي .. يتوقّف القصف المزعوم فجأة .. لتختفي المجوهرات و خرائط الكنوز المدفونة في الممرّات السّرية و تحت أرض الأبنية القديمة و الجرائد التّاريخية و المجلّات الإباحية، الّتي تحلّل لك سربا من جرائم الأموال و النّفوس و القلوب و حتى سرقة الأفكار و الخواطر .. و الحفلات الغنائية على عزف قذائف الجمر و القهر و حتى الشّعر ... المصطلحات المسخّرة خدمة للقضايا الإنسانية و العاطفية، قد تتبادل كلماتها هنا لتصبح غارة فقط .. فكلّ الاحتمالات ممكنة و صائبة في مدلولها العام ..
حياة شهد غير متصل   رد مع اقتباس