عرض مشاركة واحدة
قديم 30 / 03 / 2012, 10 : 11 PM   رقم المشاركة : [115]
حياة شهد
شاعرة و رسامة و كاتبة

 الصورة الرمزية حياة شهد
 





حياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )

* الجزء الثامن و العشرون *



[align=justify]... كما استباحت هي .. على نفسي و أوراقي ليلتها غارة شعرية .. مدمّرة ..
قريتي الّتي تشحن ذاكرتها .. قبل أيّ ممارسة خريفية، حتّى لا تقع في براثن يُتْمٍ خاص .. يفرغها من محتواها و يصادر عنها ترياقها .. الّذي يجب أن تأخذه لعمر خاص، جرعة .. جرعة مع الفصل بين الجرعات .. حتّى تتوالى بعد ذلك الانتكاسات و الأشجان، دون أن تلملم عنها كلّ أوراقها .. و أزهارها .. و تتركها عارية .. في حين أنّ فصل الدّمار لم يحن أوانه بعد .. فكيف ستجابه خافقاته الملتهبة .. ؟ و في حضنها انتكاسة صيفية ..
يحدث أن تقع مشادة كلامية بين فصلين .. فصل ألّح على معاقرة داره طيلة موسمين، نكاية في تعاقب الفصول المشبوب بعدالة مجروحة .. و فصل كان يجهّز حقائبه للعودة للوطن .. فتنقلب قوى الطبيعة ضدّي و ضدّ كلّ متيّم بأشجار الزّيتون .. اليتيم إلّا من ظلّ شجرة .. فأتساءل عن أحقيّة الانتماء .. ؟ و أيّ فصل أجنبي .. ذاك الّذي يرضى أن يتكفَّل بيُتم الطبيعة .. ؟ إلّا لدوافع إجرامية، ديكتاتورية.. ساعتها ستفقد الطبيعة ألوانها و تقتفي السّواد .. و تلاحقني به ..
أصبحت المدينة دون ملامح ( تماما كما هي الآن .. فاقدة لملامحها بوشاية حجر كان يتصنّت عليهما صدفة، حين مرّرت شيئا من شواهدها فوق سكونه فأيقظته .. و استرسلت تمدّه بالذكرى كي يستشهد بها حين يراني متكئا قبالتهما .. أتجرّع ألمين .. ) .. أضاعت القرية معالم فصولها و اختفيت أنا خلف عباءة مطرّزة بأنواع الأوراق المتساقطة و المبتلّة و الجافة و الهرمة و المتيّبسة و المزهرة و الخجولة و الجريئة في تنصّلها المرغوب من جدودها لأجل رجل .... !!! ( و كأنّه احتياط النّفط العالمي !!!!! ) لتدفئة الفصول الباردة بنفحات ليلية مكيّفة لأجل الحار منها ...
وحده الشّتاء يحمل قسوة خاصة .. و دفئا خاصا تستدعيه القسوة أحيانا ليتربّص بعودة محتملة و حنان لمعاودة تجربة قاسية .. على أعتاب صفعات للمطر و الثّلج و البَرَد و أصداء الرّعد المخيفة المصطدم أيضا بجذع شجرة زيتون عتيقة بأوردة جافة ..
وحده الألم يدعوني لاستدراج أمسية خريفية لتبادلني اشتياقي الرّهيب لإعصار مدّمر .. كي تمارس شذوذها على وجنتيّ و تبكيني رغما عني ..
و حده الشّجن القاتم يطفئ انسكاب النّور من قمر مسلوب البزوغ الحر ..
تفاصيل أيلول في تلك المدينة شوّهتها تصاميم متطابقة بصورة خاطئة .. فانتقم الخريف و وزّع موجاته الكهربائية على أنهار العالم ليكون التّشبّع قويا .. و الحريق مهوّلا .. ناحية الشّرق يرقد تواطؤ رهيب .. يرفض أن يحمّلني شيئا من شراراته كي أحرقها .. و أحرق صفحة من صفحاتها .. كفيلة بأن تحرقها في كلّ الصفحات .. فالاحتراق القاتل لا يتكرّر مرتين .. كي أسترجع شيئا منّي فقدته على خلفية غيرة حارقة، كتلك الّتي قلّدتني إياها تحت شجرة خائنة .. خلَّفتني بذاكرة مفحّمة .. و جسد مصلوب ..
فنجان قهوتي لتلك اللّيلة .. قهر مرارته و أشعل طيفها فوق رغوته المجنونة .. ذابت كقطعة سكّر مستسلمة .. لم أشربه .. لكنت متّ من سمّها المدفون بلياقة شديدة، تحت تلك الغيمة السوداء المخادعة .. رقدت لهفتي و بثّتني على بعد ارتشافتين من عمر زمنها، كلّ السّم و كأنّ أفعى سكنت قعر الفنجان و اختفت في متاهة عملية الإذابة .. سمّها المهجور من زمن آخر حبّ .. يصلح لأن يعبّر جدّيا عن مشاعر نبيلة ..
عدت لقريتي .. بعدهما بساعتين .. كانتا هديّتي للصّاعقة، كي تتسلّى بسحق ألوانها على جسدي .. ثم أتفرّغ بعد ذلك، لمحو خربشات طفولتهما من على جدار شعوري .. عدت لقريتي كي أداوي جرحا خلّفته ورقة جارحة، من خريف صديقتي و رفيقها ... !!! و حتى أستجير بخريف قريتي .. علّه يثأر لي من لحظة شجن لقنّني إياها خريف المدينة الظالم .. القاسي ..
تحت شجرة أوراقها غيورة جدا .. ترفض كأنثى أن تداعبني ورقة شجر متمدّنة .. و كأنّي أقتصّ منها ومن فصلها الكلاسيكي التّافه .. و من طقوس الحبّ الأيلولية الممارسة بإسراف شديد تحت غيمة متواطئة .. و شمس غائبة مرشوّة .. و حضور أقل ما يقال عنه أنّه الجنون بحاله ..
امرأة حشدت كلّ أناقتها .. لتراهن على أنّي رجل سهل أن أهزم بتواطؤ خريفي و شجرة فقدت شاعريتها .. و رجل هو صديقي .. و هفوة رياح مشّطت شعرها أمامه و أسدلت خصلاته الممشوقة، لتغطّي حنقي و غصّتي، حتّى تلطمني بموج تجاهلها ..
عدت إلى قريتي لأنّي فقدت وعيي على إثر إطلالتها المشرقة ( أكثر مما ينبغي )كأنّها شمس طلعت محترقة، لتنتقم من مُدَخّن سجائر أجبرته امرأة على تدخين عشر علب فانفلت الدّخان منها بشكل تطوّعي .. ليُغلّف السّماء بسحب مدمنة، أرهقتني من فرط إدمانها .. فهاجرت .. انفرجت لي حدود الوّطن كي تطوّقني و تسلّمني شبه ميت لعهدة أشجار الزّيتون كي تتكفّل بعلاج قُرحتي و تُلطّف جرحي، بغصنها الّذي تبرّأ فجأة من خريف ظالم و تحالف مع الشّتاء ..
[/align]
حياة شهد غير متصل   رد مع اقتباس