عرض مشاركة واحدة
قديم 03 / 04 / 2012, 41 : 11 PM   رقم المشاركة : [121]
حياة شهد
شاعرة و رسامة و كاتبة

 الصورة الرمزية حياة شهد
 





حياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud ofحياة شهد has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )

* الجزء الثلاثون *



[align=justify]... نقطة التقاء بيننا للتوّ اندثرت .. انتقاما من شجرة موسمية خائنة، داعبتهما حين كانا جالسين تحتها و كأنّ الشّجر أيضا يرفض الخيانة .. تلك السّيجارة اللّعينة الّتي رفضت الاستكانة بين شفتيّ .. و علبة الكبريت الّتي أخفيتها في سترتي منذ المساء و شرارة حاقدة توارت خلفهما .. فكانت الكارثة .. أحرقتُ شجرتي، و افتعلتُ قسوة شتوية كي أداري عنّي ألمين .. أحرقتها لأنّي كنت أريد أن ألقّنها ( هي ) تفاصيل الاحتراق و لو على بُعْدٍ زمني موثوق .. !! هو الفاصل بينها و بين قصيدتها المنثورة كزجاج بأعماقي .. تلك المسافة الّتي قضيتُ عمرا بحاله كي أقطعها .. مَزَّقَتْها في ثانية لعينة و بَعْثَرَتْها .. فكان صعبا لملمة حروفها الجارحة .
كانت قصيدة .. و عمر القصائد قصير جدا، يساوي الشّرعية الّتي تكتسبها ورقة بيضاء حين تتنصّل من دفتر مهجور .. كي ترتبك و هي تؤبّن امرأة داستها قاطرة النّسيان .. و لأنّ التأبين حفل متستّر بثياب حداد .. امرأة تختلف في طريقة موتها عن مجرّد العبور .. فوق سطر مسموم فماتت صدفة ( ككلمة )، موت يشبه الانتحار الصّامت .. بين ثانيتين .. الأولى هي عمر الحبّ المزعوم و ثانية هي فاجعة الانتحار كنتيجة لكلّ شيء مزعوم .. ! امرأة تتقن التلصّص على السّطور فتردعها عن قتلها .. لأطول وقت ممكن .. و لأكبر عدد من السّطور، حتىّ تقع ضحيّة لمكيدة سطرية من تلك الّتي يتبنّاها رجل شرقي .. بكلّ تفاصيلها، يرهن كلّ أناقته الرّوحية و الجسدية في سبيل دحض الزّيف عنها فتستسلم مقهورة .. بعدها تفقد الورقة شرعيّتها فجأة، أمام تعديل طفيف لمراسم الاعتماد .. لتستلقي منهكة تراجع هفوات القلم المتمرّد .. ثم تنتحر حرقا ..
حتّى الأوراق لها ميولها السّياسية أيضا .. !
كنت أجلس وحيدا تحت هيكل شجرة الزّيتون المحترقة .. و قد خفت عنها نورها و تداعت أغصانها ورسمت على حدود وجهي و على سترتي خطوطا سوداء تعكس تفحّمها .. تزامنا مع تفحّم أوراق امرأة .. أسكنتها قصري، يوم طردت أشباح نساء أخريات، و أشباه أنثاي المجهولة و وثّقتها في أوراقي الدّبلوماسية ببصمة أصبع متعجرفة .. فكان أن نقلت إليها عدوى التّعجرف ..
حتّى الشّمس اشمأزّت من منظرها المريع .. فرفضت في كبرياء أنثى .. أن تداعب شقوقها و تطلع من خلف الجبال راقصة متمايلة على أغصانها ..
شجرتي كانت تحفظ تاريخا بحاله و تشهد تفاصيل حياة و ممات و قرونا من أحاديث سمر، لا زالت تحمل بين ضلوعها ملايين البصمات من عهد ثورة التحرير .. كأنّها هواية جمع البصمات، بعضها مشبوه بخيانة وطن .. أيام كان المجاهدون يمرّون بها و يخطّطون تحتها و يعجنون خلفها و بين الأحراش .. خبزا يبقيهم على قيد الحياة ... و أيام جدّتي و العزف على النّاي و الدّف و الأعراس و الخيول .. و أيام الوشم المشهور المرسوم ببراعة أنثى .. تنتمي لجيل اندثرت آثاره، على الذّقن و على الجبين و على أطراف الأصابع و على المعصم .. أيام موضة تعصيب الرّأس و الحناء .. أيام الحشمة و الرّجولة المضاعفة ..
تلك الشّجرة المنتحرة، المقتولة .. ! تبنّت جيلا من خِراف، عُلّقت عليها في مناسبات كثيرة أهمها حفلات الزّفاف و الموت .. و الآن تصرّ على الرّحيل قبل أن تشهد مراسيم زفافي .. بل تصرّ على تأبين كلّ أنثى تجاهلت ثقافة الأوراق المتساقطة و تشبّثت فوق جذعها امتدادا لها، بأعماقي .. امرأة كانت تدرك أنّ الشّجر قضيّة وطن تلبّستني حتّى الموت .. فكان أن اصطنعت لنفسها أغصانا أحاطتني بها و علّقت راياتها العربية فوق كلّ غصن .. حتّى صارت خارطة موحّدة .. هزمت في لحظة أنوثة، كلّ الاضطرابات و كلّ الانتكاسات و حطّمت كلّ الحواجز المفضوحة منذ قرون فوق صفحات المساء الباهتة .. امرأة ذكية حدّ المستحيل، الّتي استغلّت حمق الشّجرة لتثبّت نفسها و بعمق ساحق بين آهاتي و تزامنا مع وجع مكرّر حدّ الصداع .. و لأنّها أذكى و أذكى، استغلّت وطنيّتي لتلبسني وطنا جديدا كنت بحاجة لرسم حدوده كي أتناسى جرح العروبة .. و لأنّها أنثى بمفاهيم عديدة، دفعتني لأن أتحرّش بشجرة و أحرقها ثم أدّعي فيما بعد أنّها انتحرت قبل أن يقتلها حبّ امرأة غيرها .. أشرس أنواع الموت .. ثمّ لأصبّ نزوات غيرتي على جذعها النابذ للخيانة .. تكرارا لمأساة جسّدتها المدينة ..
أحقا تغار من امرأة قلَّدْتُها ذات مساء شاعريّ تاج مملكتي .. ؟ فقرَّرَتْ ( برغبتي ) الانتقام منها و لو بحرق ذكراها و ملامحها المرسومة بشوقي ثمّ بحرقتي، فوق جذعها .. و محو آثار الحبر العالق منذ سنين، حين أضعْتُ مخبأ رمزي المدفون لتصاميم أنثاي، و وجدته على حين غفلة بين أشيائها .. فأضاعته بسذاجتها .. و دوّنت بعده شيئا مزيّفا لا يمتّ للرّموز بصلة غير أنّه شيء مشفّر .. ذلك آخر نَفَسٍ لحبر صُدِمَ على إثر حماقتها .. رغم أنّها أذكى أنثى سارت على شفرة شرقيّتي و لم تمزّق حدّتها شيئا من قدميها الحافيتين .. سارت محمومة بين تنهيداتي المتتالية دون أن تشتعل حمّتها بضعف الدّرجات فتحترق .. سارت تضافرا مع قلمي، حين كنت أجهده و أجبره على الكتابة لها و عنها .. نكاية في صورتها الممزّقة ( كخريف أنثوي ) فوق رصيف مكسور ..
انتقم الكلّ منّي، يوم أعلنت أمام الجبال حبّها و أشهدت شجرة الزّيتون على عهد كنت سأطلب منها توقيعه يوما و لو بطريقة خداع للبصمات .. بطريقة تزوير توقيع عاشق .. يومها كنت سأنسبه لها .. و أعلن للتاريخ أنّها وطن يصلح لأن تتصدّره الصّحف و المجلّات كعنوان لعنفوان جديد .. !! لكنّي أدركت أنّ التّاريخ رجل منافق يتصالح مع كلّ الأجيال و يتبنّى كلّ الأوطان .. فقط حتّى يملأ صفحاته .. ثمّ يخذلها فيما بعد، بأن يقلب الصفحات .. و يدوّنها كمرجع لزمن مضى .. لا يصلح إلّا للتّطفّل لما بين الحقبات التاريخية المعتمدة ..
لذلك حذفتها حرقا من تاريخي .. !!
[/align]
حياة شهد غير متصل   رد مع اقتباس