[align=justify]
تحياتي وعميق تقديري لهذا الحوار المتعمق الراقي
الأستاذة منجية اسمحي لي بتسجيل إعجابي الشديد بطرحك وثقافتك وإن كنت أختلف معك إلى حد ما بالتعميم بشأن قصيدة النثر والقصة القصيرة جداً ولعل هذا يحتاج لمزيد من البحث.
لا شك أن ثقافة العولمة ( القيم الأميركية وثقافتها ونمطها الفكري ) تشكل خطرا على تراث الشعوب الأصيلة، وحتى في أوروبا نفسها من يخافون منها وكثير يحاولون ويعملون للتصدي لها من مختلف الجوانب، ومعظم ثقافات العالم القوية منها والمتوسطة القوة تحاول التصدي لحماية لغاتها وثقافتها وآدابها وتراثها الإنساني.
هيمنة ثقافة معينة تختلف إختلافاً جذرياً عن التبادل الثقافي والمعرفي
التلاقح الثقافي / الأدبي الندّي بين الشعوب إن ارتكز على دعائمه الوطنية القوية شخصياً أعتبره إيجابياً، وإن كنا اليوم أمة ضعيفة تعجز عن حماية ثقافتها الوطنية وفرض هيمنة ثقافة المستعمر على بني جلدتها ونعيش عصر الردّة إلى البداوة وقيمها حتى نكاد نحن ننسخ حضارتنا ومفهوم الحضارة يغدو لدينا الحضارة الغربية وما يمثلها، فعلى مر الأزمنة ومنذ نشأة المجتمعات كان هذا التلاقح موجوداً بين الناس ونحن عبر التاريخ الإنساني أعطينا الكثير والكثير جداً إن لم نقل كنا أساس كل الحضارات أو الجزء الأكبر منها في الدين والعلوم والأدب وفنونه وحتى اللغات، ففي كل اللغات الحية تجد العديد من المفردات الأساسية في كل لغة تعود لأصول عربية.
بعيداً عن التزوير الذي أحاق والسرقات التي تمت
الانسانية كلها كانت وما زالت تستعمل أحرفنا التي صدرناها لهم وأنشأها أجدادنا وترتكز على علومنا وتتوسع فيها
صدرنا لهم الأحرف الأبجدية وعلمنا العالم كله الكتابة حيث ابتكر أجدادنا أحرف للتصدير وأحرف لنا ووحد الأرقام والتي ما زالت تعرف حتى اليوم بالأرقام العربية وتجدها في هذا الاسم حتى على جهاز حاسوبك فما كان منا إلا أن تخلينا عن أرقامنا العربية واقتبسنا الأرقام الهندية ( هذا مجرد مثال)
وفي الدين نحن أساس الديانات وتهذيب مفهوم الألوهية وإعلاء شأنه، وموضوع التوحيد الذي سرقه من جمع في التوراة المزيف تراثنا ولغاتنا عرفه أجدادنا الكنعان في مدينة القدس وغيرها ونادى به ملك القدس الكنعاني الفلسطيني " ملكي صادق " وعلمه للنبي الأرامي / العراقي " ابراهيم عليه السلام، وعرفه ونادى به الملك المصري "أخناتون" إلخ.. ونحن نفهم جيداً أننا نحن فقط مصدر الديانات السماوية وتوضيح مفهوم واجب الوجود الذي على مساحة الكرة الأرضية ارتقى بالبشرية وعبر بها إلى الإنسانية وأنقذها من تخلف عبادة الحجارة والأخشاب والنجوم والأجداد ووحشية الطقوس والذبائح البشرية إلخ..
وأرجو معذرتي إن ابتعدت في لمحتي هذه عن الموضوع المطروح واستكمالا لجولتي ولأننا هنا نتحدث عن أثر المناهج الغربية على الدرس النقدي العربي
بين ابن رشد وملوك الطوائف ما زال السوس ينخر في جسد الأمة، والتجربة تستحضر وتنفذ!
وبالعودة إلى الأندلس وما قبلها، ولكوني أعيش في الغرب وتعمقت في دراسة المذاهب الأدبية والمجتمعات الغربية، نجد المذاهب الأدبية اقتُبس بعضها عنا مثل المذهب الابتداعي ( الرومانسي ) ..الفناء في المحبوب وعشق الموت ونهلت من نبع " أدب التصوف الإسلامي عند العرب " ولم يزل الغرب مفتون بأدب التصوف الإسلامي ويقتبس ويتعلم منه، حتى المذاهب الدينية الجديدة اليوم كلها تنهل من نبع التصوف وتبني عليه تصدياً للكراهية والزمن الجاف الذي تئن روح الغربي تحت سياطه
طبعاً نحن في زمن ضعفنا وردتنا نتصدى للتصوف وأدب التصوف ونعمد إلى تشويهه ونقده نقداً تكفيرياً جاهلا.
وقبل أن أختم لمحتي هذه لا بد لي من الإشارة لقوانين تنظيم الضرائب في الدولة والتكافل الاجتماعي الذي اقتبسته تماماً الدول الغربية عن المسلمين ويعملون به بعد أن توقفنا عن استعماله
لي عودة بالتأكيد
هدى الخطيب
[/align]