* الجزء الواحد و الثلاثون *
.... كنت أفكر " قبل ذلك" أن أطلب منها الزّواج ... !!
أحقا كنت سأفعل ذلك ... ؟ .. كيف لم يخطر ببالي " مصادفة " ..؟ كتلك الّتي تفقدّها طيشي تلك الثّانية .. و كأنّه مع ميلاد الجرح تُجهض الأحلام البريئة، تلك الّتي تخفّت كي لا يكيد بها الجنون .. و تقتلها الحقائق التّاريخية من عمق ألمي .. بصدفة غريبة .. أبدا ما كانت لتحدث لو لم أقرّر النّسيان .. تلك هي الحقيقة .. بل كلّ الحقيقة .. !!
هل هي تداعيات ذكرى لوّحت فجأة من بعيد .. ؟ و حتّى تجد لنفسها العذر، لتفنّد مزاعم رجولتي أمام قسوة أنوثتها .. اتّكأت على مطلع جرحي كي تشرق هي .. ذكرى تشبه أنثى في جبروتها .. استنطقت نقطة ضعفي ببراعة، ثم صبّت فوقها قطرتيْ حبر استكمالا لحتمية الاستمرار .. و انصرفت .. و تركتني فيما بعد شريدا بين ( قوسين ) .. و بين جسدين تفصلهما مزاعم رئاسية، على حدود الرّسم المختلف ..
أم هي مجرّد تطاول على ماضٍ .. ؟ كان يحمل رسمها و شيئا منّي .. بل منّا .. كان أقسى منها .. لدرجة الامتداد الزّمني بينهما حتى تواصلا و انفجرا متخاصمين على صدري .. مجرّد الذّكرى جعلتني أفكّر في نحر خاطرتي قبل أن أألف تواجدها بين طقوس الارتياب الّتي كنت أمارسها يوميا و منذ أكثر من عشر سنوات .. و كأنّي خفت أن يُشْهِر الألم سلاحه في وجهي من جديد .. ليعيد فتح الدّفاتر القديمة و يعانقها .. كقصيدة رثاء جميلة .. ! يحدث أن أدوّنها رغما عنّي .. فوق تقاسيم وجهي .. ثمّ يربت على كتفيّ بحنان مريب، قبل أن يدسّ سمّه و يرفع رشّاشه ليفرغه على جسدي و أنا في استسلام تام ... و كأنّي في ساعة قيلولة ربيعية جميلة ..
كانت أحجية .. أجل، كانت أحجية .. اختتمتها شرعيّة الاحزان .. بعلامة استفهام ضخمة بحجم الظِّلال ساعة الغروب .. يومها ارتَسَمَتْ هي فوق كلّ الظِّلال، كي تجسّد شرعيّتها كأنثى افتتحت تاريخا بلقطة واحدة .. !! ثمّ أقْفَلَتْهُ على تاريخ يصادف جرحا قديما .. تنبّهتُ له فجأة و أنا أحاور طفلا صغيرا كان يلعب بالتّراب .. ثمّ بعدها بفارق طفولة بائسة بحثْتُ عنه بين التّواريخ الّتي تحمل لعنات شريط أحمر منذ أزّل الجّراح .. فلم أجده إلّا هو .. !! و صورة قديمة لطفل مفقود .. و شبه أنثى ..
مارلين مونرو المرأة السّعيدة .. بتلفيق قدر .. الأسطورة السّينمائية و التّاريخية الّتي استعملت يوما كمحفّز للجيوش، حين رُشّحت لتقدّم عروضها أمامهم .. كمثال لامرأة جميلة تطيح بعالم بحاله .. و كانوا في أشدّ حالات الملل و الضّجر و الارتباك النّفسي .. أن تعرض ( أنثى ) توافرت فيها كلّ المواصفات .. لتكون أنثى .. باذخة الجمال و السّحر و الإغراء .. على جنود يتربّص بهم الموت و الحنين .. فذلك أشهى حالات الانتحار و الموت .. على فرضيّة مسمومة .. !! تنفرج أسارير السّماء الّتي تظلّلهم، في محاولة لتصوير سينمائي .. بكامل ألوانه الطبيعية و بابتسامة مصطنعة .. كتلك الّتي تعلّمت فنونها أنثى التّاريخ تلك .. حين دارت ابتسامتها الحقيقية بأمر من نجوميّتها .. و كان عليها التّضحية بتقاسيم وجه، لتدخل التّاريخ و لو بأخرى مزيّفة ..
حتّى في ظهورها المباشر، المتبرّئ من أيّة عملية جوسسة، كادت أن تشعل فتيلة حرب مصغّرة بين الجنود .. رغم وحدتهم العسكرية و الحربية .. رغم أنّ مارلين مونرو كانت من أتعس النّساء على وجه الأرض .. و هي الأسطورة الّتي لا يزال التّاريخ يستشهد بها و كأنّها معلم تاريخي أو قطعة أثرية نادرة .. قد تجلب السّعادة لكلّ رجل عثر عليها في قطعة أرض تابعة لملكه الخاص .. و الآثار في زمن أصبح كلّ شيء فيه اصطناعي حتّى التّنفس .. لها مكانتها الشاهقة و المصنّفة ضمن شواهد ضوضاء العالم .. !!
يكفي أنّ مارلين انتحرت و هي بعد في ريعان شبابها و قمّة شهرتها .. لتثبت للكون أنّ السّعادة كنية لكلّ تعيس، أراد أن يتخفّى حتّى لا تدوسه سخرية الآخرين .. فتحرّض فكرة الانتحار لديه ..
لست أدري لماذا تذكّرتها فجأة .. !!كأنّها تشبهني في جوانب غامضة .. في تعاستها المعجونة بنوع من الغرور الآسر .. في شجنها المصبوغ بقطعة رياء .. في جنونها المحظور في لحظات الحزن .. و كأنّ الحزن بأنانيّته القاتلة، يرضى فقط بحالات الصّمت المشبوب ببكاء متقطّع و صحوة غزل على أصوات النّحيب .. !!