عرض مشاركة واحدة
قديم 09 / 04 / 2012, 31 : 03 PM   رقم المشاركة : [34]
منجية بن صالح
كاتب نور أدبي مشارك

 الصورة الرمزية منجية بن صالح
 





منجية بن صالح is on a distinguished road

رد: أثر المناهج الغربية على الدرس النقدى العربى



علاقة الدين بالفكر

يدعو البعض لفصل الدين عن الدولة و لفصل الدين عن الفكر فمنطقيا هل هذا ممكن ؟
الإنسان متدين بالفطرة فعندما يولد يعرف في لاوعيه أن هناك خالقا لوجوده المحدد في الزمان و المكان تجاهل وجود الخالق على مستوى الوعي الإنساني و إن صدقنا به يبقى موجودا في الاوعي الذي أحببنا أم كرهنا له تأثير كبير على سلوكنا و تفكيرنا و كتاباتنا من حيث نشعر أو لا نشعر إذا فصل الدين عن الفكر مهما كان سياسي إقتصادي أو أدبي هو مجرد تنظير و مهما ألغينا وجود المعتقد الديني من تشريعاتنا و من أدبيتنا تبقى له خلفية تشكل نسيج ما وراء الكلمة و الخطاب بصفة عامة لأن نفس هذا النسيج يشكل الغيب الإنساني الفطري فعندما يولد الطفل يتجه فورا لصدر أمه و لا أحد علمه الرضاعة و أقول أيضا أن لا أحد يستطيع أن يحصر ما يوجد في أعماق البحار فجهلنا بذلك لا يلغي وجود عالم كامل متكامل فيه حياة أخرى نجهل الكثير عنها

النص هو مرآة كاتبه ليكون صورة مصغرة منه يعكس لنا حالته الشعورية و أيضا مستواه الثقافي المعرفي الأدبي كل هذه العناصر تكون منظومة متماسكة تتخللها مرجعية دينية و التي هي في حد ذاتها فكر منظم للحياة لأن الدين هو معتقد مبني على فكر واضح في عالم الشهادة يؤمن بمعلوم مجهول في عالم الغيب فمهما حاولنا الوصول إلى الحقيقة عن طريق العلم تبقى الحقيقة المطلقة غائبة عنا لأن ما عرفناه هو ظاهرها المادي فقط و ما تمكن العقل البشري المحدود التوصل إليه

و أقول أن للدين علاقة بالفكر مهما حاولنا فصله أو عقلنة هذا الفكر في أدبياتنا يبقى للدين وجود فاعل فهو النسيج الداخلي الذي يشكل هويتنا و أنتمائنا إلى أرض و مبدأ و قيمة ندافع عنها لأنها عنصر أساسي في تكوين المجتمع و إثبات أحقية الإنسان في الحياة الكريمة فالقناعات و القيم و المباديء هي أساس حياة وهي التي تشكل التوازن الداخلي للإنسان و أيضا توازن المحيط الإجتماعي وتماسك نسيجه فالأدبيات مهما كانت لا تخلو من مرجعيات لها إنتماء عقائدي لديانات سماوية أو طقوس دينية إخترعها الإنسان لأنه في حاجة إليها فمن دونها يفقد توازنه و يعيش فوضى فكرية سلوكية تؤثر على الحياة الفردية و الجماعية بصفة عامة

في زمن ثورة الاتصالات و تأثر الحضارات ببعضها البعض فقد الأدب و النقد هويته فأصبحنا نتواجد بين تيارين لا ندري أيهما نتبع الأول يتبنى الفكر الغربي ليجنس الأدب و يعتمد مدارسه النقدية و الثاني يأخذ ما لذ له و طاب من الساحة الأدبية العالمية فمنهم من يعتمد الفلسفة أو النظريات الإشتراكية و الماركسية في التحليل و النقد ليطعمها بما جاء في المدارس الغربية الأخرى لنجد أننا أمام فسيفسفاء يصعب التواصل معها كمتلقي يجهل ماهية النظرية المعتمدة في النقد و مهما حاول فهو لا يستطيع أن يدرك مرجعية الخطاب الذي يعتمد مشارب مختلفة ليُكون منها نظرية متفردة في النقد ليقول لنا قال فلان و قال علان و على هذا الأساس أقول.............و بين فلان و علان كما بين السماء و الأرض و أيضا باستعمال مفردات موغلة في الرمزية على مستوى المقال ليكون هناك العديد من المصطلحات التقنية التي لا يدركها غير المتمكن و المتخصص في الميدان لأقول هل الغرض من النقد هو استعراض ما جاء في النظريات مهما كانت مرجعيتها ؟ أم محاولة إدراك ما جاء في النص و توضيح أبعاده اللغوية و الفكرية و تقديم صوره الجمالية التي تحتوى على فكر و ذوق يستفيد منه المتلقي لبناء كيانه الأدبي المستقل ليعبر به عن ذاته ؟

كلنا يعرف أن الاستيراد مهما كان نوعه مادي أو فكر يقتل قدرة الإنسان على الإبداع و الخلق لأنه يجد كل ما يريده متاحا و بلا ثمن مادي لكنه يدفع ثمنا آخر باهظا جدا من تبعيته و موت قدرته على التفكير و الإبداع ليدخل حلبة النقاشات العقيمة و المفتعلة و التي تتصارع حول المرجعيات الدينية و الهوية و الإنتماء و التاريخ و الجغرافيا و التي من المفروض هي مسائل محسومة ليست في حاجة لنقاش لأن التعامل بين المثقفين يكون على أساس الإحترام المتبادل حول الخصوصيات الثقافية و للديانات و التوجهات السياسية لبعضنا البعض فما يوحدنا هو فكر و منطق و الذي يمكن أن نختلف حولهما لكن لا يمكن بحال من الأحوال أن أهاجم المسيحي و أقول له أن الراهب الفلاني قام بالفعل الفلاني و لا أن اسمح له أن يقول لي الشيخ الفلاني أفتى ......
لأقول في النهاية أن لكل منا مرجعيته الدينية و التي لا يمكن أن نختلف حولها الإختلاف في الٍراي لا يكون إلا حول فكر يعتمد تحليلا منطقيا يمكن أن يكون سليم أو خاطيء و لايجب بأي شكل من الأشكال أن نتعرض للمرجعيات الدينية مهما كانت في النصوص الأدبية

عندما بدأت كتابة هذا المقال حددت مرجعيتي لأكون واضحة لأن مشكلتنا الأساسية هي في عدم تحديد المرجعية و الأخذ من كل شاردة واردة على حسب مزاج الكاتب و هذا إن كان مريحا للناقد فهو يدخل المتلقي في فوضى تعيق تفكيره أكثر مما تقدم له شيئا مفيدا
مع تحياتي و جزيل شكري لرحابة صدوركم








منجية بن صالح غير متصل   رد مع اقتباس