عرض مشاركة واحدة
قديم 15 / 04 / 2012, 18 : 10 PM   رقم المشاركة : [30]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

رد: (( لا تحيا إلا بالعناق ! ))

ما أريده منك يا ولدي فقط أن تفتح لي عقلك ، مجرد بقائك هنا يعني أنك فتحت قلبك !
نحن البشر يا سيدي نشبه الأشجار إلى حد كبير ، حين اعتدنا الجلوس هنا تحتها تعلمت
و" وإلزا " منها أشياء كثيرة لم نكن نعرفها من قبل ،التأمل قد جعلنا نلاحظ أشياء لم
تكن لتخطر لنا ونحن في سلك العمل ، كنا إذا جلسنا لنرتاح قليلا ، نفكر بأشغالنا
وهمومنا كسائر البشر .. أما ومنذ أن تقاعدنا وقمنا بالتطوع بهذا العمل ،
وبعد مرور سنوات أصبحنا اكثر إدراكا لواقعنا الجديد ، لم يعد ما يشغلنا سوى يومنا
والتفكير في قضاء ما تبقى لنا من أيام طالت أم قصرت . لقد تركتنا الأحلام إلى غير عودة !

في صغرنا وعز شبابنا كنا نتزاحم ، نتنافس على كل شيء ، نتزاحم من اجل لقمة العيش
في الشوارع والوظائف والعمل .. نتنافس كما في الرياضة وأشياء أخرى اكثر او أقل أهمية ،
نتفاخر بتنافس ربما على كم خسرنا على طاولة القمار ،على شرب أكبر عدد من كؤوس الخمر ،
على أكبر مساحة في قلوب النساء ويا ليتنا نسعى نحو قلوب نساءنا فكم وكم صرفت
على العطور والبخور وربما دفعها الحسد نحو التعلق بأوهام " النفاثات في العقد " !
الأشجار يا ولدي هكذا حين تزرع ، تتسارع جذورها لتحتل أكبر مساحة من الأرض
لتستحوذ الكمية التي تحتاجها من الماء والغذاء تتصارع جذورها تحت القشرة الرقيقة من التراب ؟
ربما ، تتزاحم ، تتقاتل في الظلام ،ربما ؛ ولكنها لا تأخذ أكثر من حاجتها ..!
tنحن لم نرى ولم نسمع عن جذور عابرة للقارات ولم تعرف أن جذرا قتل جذر شجرة أخرى لتعيش !
ربما تتصارع .. لكنها تكتفي بحاجتها !
يا للمفارقة إنها تبدو مسالمة فوق الأرض .. تبدو جميلة وارفة الظلال ، يلجئ إليها عشرات وربما مئات
المخلوقات ، تطعمهم ، تؤنسهم ، تأويهم ، تنعشهم ، وتدفئهم إن قطعوا من أغصانها والفروع ،
وكل ذلك بالمجان . وهي كلما كبرت ، كلما اقتربت من أختها لتعيش إلى جانبها بسلام ، ووئام ؛
على عكسنا نحن البشر تماما فنحن نتصارع فوق التراب ، ونعيش تحته بسلام ! "

كان " العجوز " يتحدث بلهجة شاعرية يا بيرنا ، ولا يجد صعوبة في التحدث
بالإنكليزية التي تعلمها باكرا واحسنها عند اختلاطه بالسواح ،.. وكنت أنا ، أصارحك
مدهوشا ثم زادت دهشتي حين واصل كلامه وقال :


" معظم الناس لا تدرك حركة الأشجار ولا يلاحظون مدى تلاحمها وتعاضدها ..
حتى أن العملاقة منها تفسح المجال لبزرتها كي تنمو وتكبر إلى جانبها وبحمايتها !
كلما كبرت وامتدت فروعها وتفرعت أغصانها تكتشف حاجتها للتعاضد من أجل تلك الحماية
من هوج العواصف والرياح .. تظلل بعضها بعضا حتى لا تقتلها حرارة الشمس الحارقة .
تتشابك لتحيا ، تتعانق لتحيا ؛ ونحن تعلمنا العناق منها ، فلا نستغرب !
لا تشكك بعواطفنا إن وجدتنا في عناق ما بين وقت وآخر
فذلك من أجل أن نستمر ونحيا ، من أجل أن تمشي بنا عجلة الحياة
نعانق بعضنا لنشعر بوجودنا ، بوجود أشخاص آخرين إلى جانبنا
ولا نفكر في شيء غير الأمل في يوم آخر جديد يمر ونحن أصحاء .
صمت قليلا ثم نظر إلي وسألني :

" هل جربت عناق شخص آخر دون التفكير بشيء آخر ؟!"
كنت أستمع وكان ذلك العجوز ينظر إلي وكأنه يريد الدخول إلى عقلي
ليعرف مدى قدرته على الاستيعاب !
لم يتوقف عند هذا الحد بل وقف وأشار إليّ بالاقتراب فاقتربت؛ اقترب
مني و فاجأني بأن رفع يديه وضمني إلى صدره برقة وحنان ثم ابتعد قليلا وقال :
" هل شعرت بشيء مختلف ؟ "
حملق في عيناي ثم أردف قائلا :
" أنت لم تشعر بقيمة عناقي لك لأنك تعجبت وتساءلت وكنت قلقا !
تجرد الآن من أي تفكير سلبي ، أترك نفسك لتسترخي ، تخيل أنك
غصن شجرة تحركها نسمات هواء صيفية ،
اجعل من جسدك شراعا يستقبل رياح الحب حين تعانق أحدا
اتركه يموج بسفينة إحساسك .. اغمض عينيك وعانقني من جديد " !

فعلت ذلك يا بيرنا وحضنته كما لم أحضن أحدا من قبل . استرخيت وهو يطبطب
بكفا يديه المرتجفتان على ظهري ويمسحه برفق كأنه يمسح عينه
وجدت نفسي أبادله العناق كما يفعل ، طبطبت على ظهره ثم تركني وابتعد فشعرت إني مسحور!
سيفاجئك القول ، أن رفيقته العجوز اقتربت مني وهي تبتسم رافعة يديها واحتضنتني
كما رضيعها .. ضمتني برفق وحنان ، طبطبت على ظهري قبلتي على خدي ونظرت إلى
بهدوء واطمئنان ، تحدثت بلغتها وهي تبتسم وعينيها الغائرتان تنطقان بأشياء
أحسستها ولا أستطيع وصفها بل لا وصف شعوري ، لا استطيع أبدا .

اجتاحه دفق من حنين ، وقف دون تردد ، فتح ذراعيه واقترب من بيرنا ،
حين رأته لم تتردد، فتحت ذراعيها واحتضنا بعضهما البعض
بحنان متبادل ، طبطب كل منهما على ظهر الآخر وتركا جسميهما يتمايلان
كأغصان شجرة ويموجان كمركب سقط شراعه
أعينهما مغمضة في زمن مرّ كالسحر الذي يطير بالأنفس الولهى
لم يوقف عناقهما سوى هاتف الغرفة حين رنّ مستعجلا افاقهما من حلم رائع .
حين قالت بيرنا ألو شهقت بصوت عال قالت :
" أين انتم .. ؟ أنا لم أنم قلقا عليك "
كان وليد ينظر إليها بشغف واهتمام ، لاحظ وجهها وقد كسته الحمرة
وهي تتحدث وتستدير به ذات اليمين وذات الشمال .. أخفضت صوتها وصارت
تتحدث بهمس حين يأتي دورها في الكلام .. كانت تستمع أكثر مما تتكلم ،
تهزّ رأسها بهدوء ،أنهت حديثها بكلمة واحدة رددتها مرات ومرات " لا، لا " .
استدارت وقالت : " هم بانتظارنا في مطعم الفندق ، هل أنت جوعان ؟ "
توقيع رأفت العزي
 "
كل ومضة نور في وسط الظلمة تدفع السائرين إلى الأمام خطوة !
وكل تصويب لمسيرة النضال على الطريق تقدم للنجاح فرصة !
" !!
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس