عرض مشاركة واحدة
قديم 17 / 04 / 2012, 25 : 09 PM   رقم المشاركة : [6]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

:more61: رد: ناي عند عتبة دارك

اقتباس
 مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميساء البشيتي
مساء الورد
مرور للسلام وللقراءة مجدداً
نشتاق إلى هذه الحروف إنها أجمل من عزف الناي
شكرا لك أستاذي خيري ودمت بألف خير .



كانت مصرة على إبقائها عند مشارف الحياة، كانت تعرف بأنهم سينقلونها على حين غفلة دون علم الآخرين لمصيرها المحتوم. كانت تعرف بأنها لن تجدها في أحد الصباحات في غرفتها، لن ترى وجهها بعد اللحظة، ستغيب الفتاة الصغيرة التي أرضعتها ذات يوم قبل عقدين من الزمان. تدرك جيدًا بأنه يستحيل مساعدتها، يستحيل تهريبها خارج حدود القرية. هناك حالات عديدة من القهر لكن الموت واحد. هي تعاني من حالات القهر المستمرة كل يوم ولا تدري كيف ومتى تحين ساعة الموت الأخيرة. كان بودها أن تحلّ محلّ ابنتها لتلقى مصيرها أو تتمكن من مرافقتها في طريقها نحو النهاية. كانت تسترق السمع إلى أقل الحراك في البيت في أثناء الليل، بل كانت تتمنى لو ينفق الوالد الراقد إلى جانبها. تُرى هل يمتلك الشجاعة لقتلها؟ تُرى، كيف سيفعل ذلك؟ طعنًا حتى الموت أو بإطلاق رصاصة في الرأس، أم تعليقها على حبل المشنقة؟

ربما حان الوقت لوضع نقطة النهاية لهذه الحكاية البائسة التي ابتدأت بعرس، وستنتهي بمأتم صامت برضا ومباركة الجميع. سمعت المسكينة صوت حراك مشبوه في المنزل، أدركت بأن أباها قرر القيام بتنفيذ ما كان قد عزم القيام به. قفزت من السرير كالملدوغة، كانت ترغب في قتل جميع الأحياء في المنزل، جميع الرجال. ذهلت حين رأتها محمولة على كتف أبيها. أمسكت بقدميه وبقيت متعلقة بهما طويلاً. - أريد أن أودعها، دعني أعانقها بحق الله يا رجل. كان وجهه مبتلا بالدمع الغزير، لكنه أنزلها عن كتفه وتركهها في أحضان أمها المقهورة. استمر العناق طويلاً ما بين المرأتين. كانت صفية في حالة من الذهول والضعف الشديد. لاحت منها نظرة إلى والدتها، حاولت أن تمسح الدمع عن وجه أمها، وفي وهلة من الجنون كانت تهتزّ مجددًا على كتف والدها صامتة مستسلمة.

كان الجو معتمًا، لا قمر لا حياة في الخارج، هواء شديد يحاول إعاقة عملية الإعدام المؤجلة. مضى بها نحو الحقول، كان قد وضع فوق جسدها ملاءة بيضاء. الطريق كانت تبدو دون نهاية، وحيدان يسيران كل إلى مصيره. هي نحو الموت، هو نحو تأنيب الضمير ومعاناة لن تنتهي حتى يبلغ أجله وينتهي حضوره الفيزيائي على وجه المعمورة.
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس