تحياتي أخي الغالي أستاذ تيسير
حمداً لله على عودتك لنا سالماً وعساك الآن بألف خير كما نحب ونتمنى..
كنت مصممة ألا أخوض في هذا الموضوع لا من بعيد ولا من قريب لأنه موجع ومحبط من الطرفين ومؤلم بالنسبة لي على الجهتين..
الموضوع اليوم مؤلم لأن ما حصل تخطى الخلاف السياسي وخلاف الفرقاء
أصغي وأثق بالدكتور سليم الحص ودائماً أجده صوت العقل والمنطق نبض لبنان العربي والصوت السياسي السنيّ المعتدل في بلد الطوائف.
لا خلاف على العميل المتصهين سمير جعجع وكلنا نعرف أنه شتّان بين المرحوم كمال جنبلاط وابنه (ولهذا وغيره دائماً كان عندي تحفظ على هذا الفريق) كما أرفض رفضاً قاطعاً منطق العداء والفصل بين التوأمين سوريا ولبنان وكلنا حرصنا ونحرص على المقاومة..
ماحصل للأسف لم يكن بين فريق شباط وفريق آذار أو بمعنى آخر موالاة ومعارضة، فلا أحد تعرض لسمير جعجع والمناطق المسيحية
ولا أحد تعرض لوليد جنبلاط والطائفة الدرزية
نعم نحرص على المقاومة لكننا نرفض أن تتحول المقاومة بالتعاون مع حركة أمل فجأة إلى شيعة يسفكون دماء السنّة في لبنان كما يحصل في العراق
نرفض أن يهان أكبر مقام سني في لبنان وينهمر الرصاص على دار الإفتاء وبداخله المفتي
نرفض أن يعتدى على دار المقاصد الإسلامية ودور الأيتام الإسلامية
نرفض أن تدك المستوصفات والجمعيات الخيرية الإسلامية
نرفض أن تقصف جنازة فقط لأنها جنازة سنّي ويقع قتلى ممن كانوا يسيرون خلف النعش
نرفض أن نتحول في لبنان أيضاً إلى سنة وشيعة
نرفض أن يهان ويذل المسلم السنيّ في لبنان من المسلم الشيعي ويستبيح المسلم دم المسلم
نرفض ما يجري الآن في طرابلس أكبر معقل للمسلمين السنة في لبنان
نرفض تخوين كل أهل السنة في لبنان واعتبارهم عملاء وهم العروبيون على مدى أجيال، هم من كانوا منذ النكبة العربية الفلسطينية يتطوع شبابهم فدائيون بلا تردد وهم من خاضوا حرباً أهلية طاحنة دفاعاً عن المقاومة الفلسطينية وإيقاف العمالة لإسرائيل ويوم غادر الفلسطينيون لبنان إلى تونس ودّعوهم بالدموع والنحيب وخرجوا جميعاً حتى من القرى النائية في ذلك الوداع الذي يشهده التاريخ لهم وكأن قلوبهم تنتزع منهم، وتفخر بيروت السنية بأن منها كان أول استشهادي فجّر نفسه في وسط بيروت ليقتل مجموعة من الصهاينة أيام الاجتياح الإسرائيلي، وكانوا دوماً القلب المحب والحضن الدافئ لكل عربي
يوجعني إلى أبعد حد أن أتصل بأولاد عمي الصغار الأيتام أكثر من عشر مرات وأجدهم لا يتوقفون عن البكاء من شدة الخوف والذعر من أصوات الرصاص وقد قضوا ثلاثتهم ليلتهم مع والدتهم متكورون في مغطس الحمّام
أرفض أن نودع في مونتريال صديقات وعائلات ومعارف منذ يومين، من يحملون الجنسية الكندية منهم وصلوا فرنسا وعادوا على التو إلى كندا في رحلة شاقة ومن كانوا يحملون فيزا زيارة يتولاهم الله الآن في تركيا
وأولاً وأخيراً لأننا نحب المقاومة فنحن حقاً نشعر بألم لا يطاق
وتفضل أخي الغالي بقبول فائق آيات تقديري واحترامي