رد: ((( هل الشعر والنقد وجها حراك ثقافي منشود ؟ ))) إشكال مطروح للنقاش
لم نعتد أن نتحدث عن أنفسنا ، فمن باب اللياقة أن تترك غيرك يتحدث عنك.
لكنني اليوم ، أجد نفسي مدفوعا ، من بابة المشاركة ، أن أتحدث عن تجربتي الأولى في (نور الأدب ) مع النقد ، وتلقي الآخر له .
بداية ، كان الأمر حذرا ، خشيت أن يأخذ النقد باب الجدال والنقاش العقيم ، فتضيع بصخب ذلك أي فائدة مرجوة .
لكنني فوجئت بالانضباط الذي كنت أرجوه ، والشكل الأمثل الذي كنت أطلبه .
فقد لفت انتباهي،قبل فترة غير بعيدة ، قصة ابنتي فتحية عبد الرحمن ( قد نلتقي ) ، فرأيت فيها قلما واعدا ، وخيرا كثيرا ، وبقراءة عجلى فاتني صواب قراءة بعض العبارات، فظننت أنه خطأ يجب أن تنتبه إليه ابنتي ليكتمل جمال النص . وعندما ردت علي هي وأديبنا تميم رياض، بشكل رصين راق ، أعدت قراءة النص ثانية ، فانفتحت آفاق كثيرة أخذتني إلى حاق المعنى المنشود..
ومثل ذلك تجربتي مع المشاكس أبدا ، الشاعر الرقيق عبد الكريم سمعون في ( لأنك لأني ).وإنما كتبت هذا الكلام ، لأصل إلى هذه النتيجة الأولى :
النص الأدبي عصارة جهد ليل وأرق وتعب وساعات دمع وآفاق متعة روح، فحرام أن يكسر النقد أجنحة أشواقه ، فيكون غالبا ومغلوبا ، هدفه إثبات عزم الطرف الأقوى، لإرضاء غرور الذات ! فنخسر بذلك إضاءته المتميزة للوصول إلى جمال متعة النص ، ومعرفة سر آلياته .
فالنقد طريقة ذكية تضئ عتمة مجاهل النصوص ، وتزيح سجف عسر العبارة، وكم هو صعب ، كان ، فهمنا لإبداع أبي تمام و شيخ المعرة أبي العلاء لولا اضاءات جلة محبيهما لمرامي كلامهما ورحب آفاقهما .
*** ***
وقد بقي في النفس شئ :
يظن ، خاطئا بعض شبابنا ، أن قواعد اللغة أسر وقيد ثقيل ، ويتناسوا أن هدف الكلام الإفهام ، والإفهام لايكون إلا بآليات محددة ، رأسها صواب اللغة ، لئلا يختلط الكلام وتتشابك العبارة .
ويظن بعضهم أن حداثة الشعر انفلات أعمى من كل قالب يقيد جموح الخيال ، وهذا صحيح بجزئيته ، لكن يبقى الشعر شعر : مشاعر وفيض أحاسيس ،يأخذ نمطا معينا ، سنخه وهج روح وموسيقى حلم . وإلا كان كلاما باردا لا حياة فيه .
ومثله القصة القصيرة جدا ، فالقصة ليست مجرد كلام ، بل هي تكثيف ذكي لأم الحدث وعينه ، بصياغة شاعرية عبقرية .
فالحداثة ليست سهولة أو إفراط رمزية تعقيد ، بل هي قرب هاجس نفس .
وتجربتي الممتعة الثانية كانت مع شعر ابنتي
|