رد: ولات حين مناص
وإن الله عالم ما في النفس البشرية وما يمكن أن ترتكبه تجاه بعضها البعض.. ولأن الأسرة هي مدماك الأساس في البناء الاجتماعي فقد بين الله حقوق وواجبات الإنسان، وخص يالأساس حقوق الأضعف، إمعاناً بتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوضيح العلاقة بين أفراد الأسرة
ولم يوصي رب العالمين الوالدين على أبنائهم إلا بالرحمة وحسن التربية، لأن مشاعر الأمومة والأبوة فطرية تجاه الأبناء.... وإنما وصى الأبناء بالوالدين للطبيعة الأنانية عند الأبناء، فالعقوق رغم كراهته ونذالته فهو متوقع الحدوث، إنما تخلي أحد الوالدين عن الأبناء هو الأمر الغريب لأنه يناقض الفطرة التي فطرها الله في البشر، لذلك أكثر الله في كتابه الكريم التوصية ببر الوالدين..بل ربط الله الإيمان به وبكتابه وبنبيه ببر الوالدين......
لكن والحق يقال: هل الوالد أو الأم ذلك الذي ينجب من صلبه أم ذلك المربي حسب مقتضيات الحق والفطرة السوية..؟
هنا تكمن الرسالة لتعزيز الدور الأبوي.. ودور الأبناء تجاه الوالدين
أنت سيدي رشيد الميموني قدمت هنا قصة في منتهى الروعة حملت رسالة أدبية موجهه وهو ما يحسب لك ولأدبك.. حيث للأدب وظيفة كما له فنيات عرض ولا يطغى أي منهم على الآخر.. وأعتقد أن مثل هذا الإبداع يجب أن يلاقي عقول مفكرة تحاور فيه وتلقي الإضاءات على جوانبه
قصتي " أرجوك أبي" لاقت ردود فعل رائعة ممن تشابهت قصة حياتهم مع هذا الواقع وما أكثرها، واستلمت رسائل مطولة تستحق أن تدخل في الأدبيات الاجتماعية.. بل إن البعض دخل معي بحواريات رائعة استفدنا منها الطرفين.. حوارات أخذت صفة العلنية، وأخرى كانت تأتيني على إيميلي الشخصي لخصوصيتها الاجتماعية، ما يعني يا أستاذي الرشيد أن المجتمع بأمس الحاجة لتلمس قضاياه المسكوت عنها، خاصة حين يكون السكوت انتصاراً لجهة على جهة، ما يعني تزويراً للحقائق وإمعاناً في تردي القيم
في هذا الزمان الذي عولم كل شيء، راحت القيم الأصيلة تتلوث بفكر دخيل على مجتمعنا، فكر أريد له أن يفتت عضد العلاقات الاجتماعية، ونفقد قيمنا الأصيلة التي تربينا عليها
في الزمن الماضي قلما وجدنا إبناً عاقاً أم أحد والدين متسحباً.. بل قلما وجدنا أسر يعتاش التفكك الأسري فيها على سلامة نفسية الأبناء وإصابتهم بالأمراض النفسية
والتجارب التي أجريت على الحيوانات (وانظر أني أذكر الحيوانت لتقس الأمر على واقع البشر الذين يملكون العقل والاحساس والمشاعر) وجد أن الحيوان الذي لا يتلقى رعاية أم أو أب ينمو ضعيف البنية بعيدا عن طبيعة جنسه
فكم هو الإنسان مسكين لأنه بطبعه ظلوماً، قد تبعده أشياء سخيفة عن دوره وعن واجبه وحتى عن إنسانيته، فيمعن بأذى من حوله مما ينعكس أذاً على نفسه
فاتقوا الله يا أيها الوالدين واستعينوا بالرحمة في رعاية الأبناء حتى تنالوا بقدر العطاء الذي تعطون.. ففاقد الشيء لا يعطيه وتغيب العطاء يفقده الحق الطبيعي في التلقي
فكما تدين تدان، وكما تعطي تتلقى.. فارحموا أبناءكم ليرحموكم.. ولا تتركوا الأمور معلقة وتذكروا أن الله أوصى الأبناء بالوالدين لأن صفة التقصير والعقوق ممكنة فيهم
استوعبوا أبناءكم ليستوعبوا مكبركم، واتركوا فيهم خصال تحميهم من السقوط في مغبة إغضاب الله، والانقلاب عليكم كوالدين
دمت سيدي وقد منحتنا قصة رائعة مسكوبة باتقان ولغة رائعة
بارك الله بقلمك ومنحك مزيدا من الألق
|