عرض مشاركة واحدة
قديم 11 / 05 / 2012, 09 : 01 AM   رقم المشاركة : [1]
رهف عدنان أبوشعر
مجازة في آداب اللغة الانكليزية ، تكتب أدب الأطفال
 





رهف عدنان أبوشعر is a glorious beacon of lightرهف عدنان أبوشعر is a glorious beacon of lightرهف عدنان أبوشعر is a glorious beacon of lightرهف عدنان أبوشعر is a glorious beacon of lightرهف عدنان أبوشعر is a glorious beacon of light

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

أمٌّ في باطن الأرض-سلسلة شيء صغير يتكلم/ رهف عدنان أبوشعر

أمٌّ في باطن الأرض

( أرجو الانتباه إلى عدم ظهور هذه الأسطر لأنها للمساعدة في أثناء الرسم ، هذه الحلقة هي عن (البذرة) حيث يجب أن تظهر في أثناء هطول المطر، منتفخة العينين من طول النوم و في ثياب النوم أيضاً، ويفضل أن يبدو الرشيم (الجنين) في بطنها أو أن تبدو بطنها منتفخة على الأٌقل، وهي تحمل طوال الوقت (أنبوب صمغ لاصق) لأنه جزء من شخصيتها، وسيتبين ذلك أثناء القراءة.. شكراً لكم).

وأخيراً أتيتِ لتوقظيني بعد عشر سنوات من النوم يا حبات المطر؟؟ ما كان عليك أن توقظيني متأخرة هكذا، فما الذي سيقوله عني أصدقائي الجدد و أنا على هذه الهيئة الشعثة؟؟
عذراً يا أصدقائي، لقد كانت نومة طويلة و مشبعة حقاً ، ولكن لا تستغربوا لأن النوم الطويل هو من عاداتنا التي نشتهر بها نحن بذور النبات.
و أنت أيها المطر الصديق.. أتعلم؟ لقد تعلمت في أثناء تلك السنوات الطويلة الشيء الكثير عني و أخواتي من البذور.. تعلمت أننا نمتلك القوة و الصبر و سر الحياة أيضاً لأن في داخلنا أجنّة النبات التي تسمّى بالرُشَيم، و يا لها من أجنّة قوية حقاً، لقد تحمّلتْ معنا ظروف المناخ القاسية من الحر و الصقيع و الريح العاتية دون أن يصاب غلافها بسوء، ودون أن يطال الفساد جذيرها و سويقها و محفظتها الغذائية التي زودها الله تعالى بها.. لم ينلها عفن أو حتى ضمور، بل بقيت ثابتة على حالها بفضل الله.
جبال هائلة كانت قد استسلمت للرياح الشديدة التي نحتتها و غيّرتْ من أشكالها ، لكنني بقيت - والرشيم بداخلي - صامدة تحت الأرض دون يأس، و دون استسلام إلا للنوم العميق.
هكذا هي حالنا نحن البذور يا أحبتي ، إننا متشابهون في الأحوال رغم اختلافنا في النوع و الحجم ، فمن جوزة الهند الكبيرة - التي هي بذرة لا ثمرة- إلى بذار تتناهى في صغرها لتكون أشبه بالغبار.
وكلنا على اختلافنا أمهات رائعات لأننا نحتضن في داخلنا تلك الأجنّة النباتية القادرة على اختزان الحياة عشرات من السنين قبل أن تتحول إلى نوع من أنواع النبات، فانظروا مثلاً إلى بذار العدس اليابسة يا أحبتي كيف ينمو منها سوَيق أخضر و جُذير أبيض إذا ما وضعت فقط على قطعة قطن مبللة بالماء، فيا سبحان الله!
و أنت يا صديقي المطر المنهمر، لقد أغرقتنا بكرمك! تمهل قليلاً كي أستطيع إخبار أصدقائي عن أسفاري في الماضي السحيق قبل رقادي الطويل ، وكيف أنني و قريباتي من البذور رحّالة من الطراز الأول نجوب الأرض بحراً و براً و جواً .
هذا صحيح يا أحبتي، فقد وهب الله تعالى بعضنا أجنحة صغيرة جداً تقدر على حملنا عبر قارات بأكملها مئات من الكيلومترات بمساعدة الرياح الصديقة كي نستقر في الأراضي الرطبة ونخرج أشجاراً بارعة الجمال.
أما تلك البذور التي يكسوها زغب كزغب الصوف فهي الطائرة لمسافات محدودة قصيرة فحسب لا كتلك المجنّحة المسافرة عبر القارات.
ومن قريباتي من لها غلاف عازل كي يحمي الرشيم بداخلها من التلف، لأنها مصممة على السفر عبر السيول و الأنهار إلى مسافات بعيدة.
ومنا من لها أشواك تلتصق بأجسام بعض الحيوانات، فتنقلها بلطف من مكان إلى آخر، وللبعض الآخر مادة لاصقة كهذه التي أحملها معي طوال الوقت، والتي مكنتني في أحد الأيام من الالتصاق بقدم الطائر المهاجر، فسافرت معه من بلدي إلى هذا البلاد البعيدة.
إننا عائلة مشهورة بالاعتماد على النفس ، حيث يمكن لبعضنا مد الجذور في أعماق الأرض لمسافة تزيد على سبعة عشر متراً في سبيل البحث عن الرطوبة و التقاط الماء، فسبحان من خلقنا فأبدع!
حياة طويلة طويلة.. عشتها بحلوها و مرّها، و حلّها و ترحالها، تعلمت فيها الكثير و اكتسبت فيها كثيراً من الأصدقاء.. و الآن قد آن أوانك أيها الماء المنهمر كي تقوم بعملك، و تنعش الحياة في داخل صديقاتك من البذور العطشى، كي تتحول إلى عشب أخضر أو شجر مثمر أو....
انظروا يا أحبتي.. لقد حانت أجمل اللحظات في حياتي ، فقد تحولت أخيراً إلى زهرة فواحة.. اذكروا قصتي و انشروها بين إخوانكم ، و انتظروني في العدد القادم كي أعرفكم إلى قريبتي البذرة المباركة التي نامت آلافاً من السنين ثم استيقظت بعدها لتعانق شمس الحياة من جديد.
البذرة

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
رهف عدنان أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس