رد: ستون عاماً على النكبة والفلسطيني مشرد مشتت عن وطنه وبيته !!
[align=CENTER][table1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/9.gif');border:7px groove indigo;"][cell="filter:;"][align=right]
(1)
طفلة صغيرة كنت أقضي عطلاتي المدرسية وإجازاتي عند جدتي أجلس قربها ساعات طويلة وأنام بين أحضانها وهي تحكي لي ، تضحك تارة لذكرى وتنساب دموعها غزيرة حارة، ولطالما شاركتها الدموع والألم حتى تعودت اختلاط دموعي بدموعها فوق صفحات وجهي
حنين وذكريات وآلام مريرة حفرت على صفحات وجهها الفائق الجمال الأخاديد..
لم أر في العائلة كلها وجهاً أكلته التجاعيد كوجه جدتي ولا جلداً أحمراً تضج دماء فجيعة النكبة تحته كجلد عنقها وجيدها!!
كنت طفلة صغيرة وكنت أراها أمامي كتلة من الألم ونهراً من الأوجاع وخارطة للهموم والنكبات..
كانت تحكي لي عن شوارع حيفا وشاطئها وسفحها عروس المدن.. عن طفولتها وصباها وثوب عرسها وحتى عن قبر والدها..
عن دارها الكبير في شارع الخطيب الذي حمل اسم العائلة دوماً وعرف حتى عند الانكليز بـ " ستانتون الخطيب " وعن اشجار الحديقة الخلفية التي زرع فيها جدي غرسة شجرة مع مولد كل ولد من أولاده وعن الشجرة الكبيرة الوارفة التي كان غرسها والد جدي له حين مولده..
وتعود بها الذكريات لأيام طفولتها مع بدء توافد يهود أوروبا على فلسطين..
تحكي عن الفقر المدقع والصرّة التي كان يحملها اليهودي معلقة بعصا فوق كتفه..
عن ذلهم ومسكنتهم وطلب العون.. خائفون لاجئون جائعون يرجون المساعدة من العرب الطيبون ويطلبون الزاد والطعام..
من دول مختلفة ولغاتهم شتّى .
هكذا كانت البداية..
وهكذا دخل الثعابين والأفاعي يصنعون أوكارهم في وطن أهله مسالمون لايفهمون منطق الأفاعي..
تحكي لي عن الأموال التي بدأت تنهال وعن المستوطنة الألمانية..
تحكي لي عن الأواني والتحف والمصاغ التي ورثتها عن والدتها وجدتها جيلاً بعد جيل
تحكي لي عن مسجد جدي المتصل بممر بالدار وعباءته وصورة والده في صدر القاعة الكبرى..
تحكي لي عن طفولة أبي وحبوه تحت عريشة الدار، عن ملابس طفولته الأولى التي احتفظت بها في غرفة جانبية خصصت لحفظ الملابس والذكريات العزيزة.. عن مدرسته وأول يوم له فيها وعن أول دفتر تعلم الكتابة عليه..
تصف لي المكان وتسترجع وتطلب مني أن أصفه لها مجدداً حتى أعرف يوم أعود كما كانت تقول " كيف أستدل على كل شيء!!".
تحكي عن الثعابين التي هاجمت وانقلاب الحياة إلى جحيم..
عن القناصة والإرهاب الذي يحميه ويدربه ويسلحه الإنكليز
عن طفولة والدي نورالدين وعمي صلاح الدين ( بينهما عام) حين كانا يلاعبان القناصة الصهاينة فيصنعان زجاجات المولوتوف ( تملأ بالمحروقات وفي أعلاها تسد الزجاجة بقطعة قماش وفتيل قابل للاشتعال يدوياً ) ويمدان عصا من أحدى النوافذ في علية الدار ويعلقان لفّة جدي على طرف العصا ( طربوش ملفوف عليه قماش أبيض خاص برجال الدين)
ويراقبان حتى يطلق القناصة الصهاينة الرصاص على اللفة ( لظنهم أنها رأس الشيخ ) يرميان زجاجات المولوتوف على المكان الذي انطلق منه الرصاص.
كانت تخاف على حياتهما وتعنفهما ويضحك جدي لشجاعة أطفاله و وطنيتهما حين يترصدان الخطر ويواجهانه بما يستطيعان ويسألهما، ويأت الجواب البريئ:
" حتى يهرب القناصة ونحمي الأهل والجيران من خطرهم "
يتبع.....
( الرجاء الرجاء أن يحكي كلٌ ما عنده من حكايات عن أهله ومعارفه )
[/align][/cell][/table1][/align]
|