17 / 06 / 2012, 17 : 09 PM
|
رقم المشاركة : [3]
|
شاعرة و رسامة و كاتبة
|
رد: الإسراء والمعراج - معجزة - وهل تم بالروح أم بالروح والجسد ( حوار مفتوح )
[frame="15 75"]
* المعراج في القرآن والحديث:
في كتاب الله سورتان تتحدثان عن المعراج:
السورة الأولى هي سورة "الإسراء"، وقد أشارت إلى القسم الأوّل من سفر الرسول (ص) (أي أشارت لإسراءه (ص) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) وقد أُستتبع الإسراء بالمعراج.
السورة الثّانية التي أشارت للمعراج هي سورة "النجم" التي تحدثت عنهُ في ستِ آيات هي: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى {13} عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى {14} عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى {15} إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى {16} مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى {17} لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى {18}﴾.(النجم/13-18)
قوله تعالى: ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾ هو إثبات آخر لصحة هذا القول.
في الكتب الإسلامية المعروفة هُناك عدد كبير جدّاً من الأحاديث والرّوايات التي جاءت حول قضية المعراج، حتى أنَّ الكثير من علماء الإسلام يذهب إلى "تواتر" حديث المعراج أو اشتهاره.
* تاريخ وقوع المعراج:
هناك اختلافات بين المؤرّخين المسلمين حول تاريخ وقوع المعراج، إذ يقول البعض: أنّه حصل في السنة العاشرة للبعثة في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب، والبعض يقول: إنَّه عرج به (ص) في (17) رمضان من السنة الثّانية عشرة للبعثة المباركة. وبعض ثالث قال: إنَّ المعراج وقع في أوائل البعثة.
ولكن في كل الأحوال، فإنَّ الاختلاف في تأريخ وقوع المعراج لا ينفي أصل الحادثة.
من المفيد أيضاً أن نذكر أنَّ عقيدة المعراج لا تقتصر على المسلمين، بل هناك ما يشابهها في الأديان الأخرى، بل إنّا نرى في المسيحية أكثر ممّا قيل في معراج النّبي (ص)، إذ يقول أولئك كما في الباب السادس من إنجيل "مرقس" والباب (24) من إنجيل "لوقا" والباب (21) من إنجيل (يوحنّا) أنّ عيسى بعد أن صُلب وقتل ودفن نهض من مدفنه وعاش بين الناس أربعين يوماً قبل أن يعرج إلى السماء ليبقى هناك في عروجٍ دائم! ونستفيد من مؤدّى بعض الرّوايات أنّ بعض الأنبياء السابقين عُرِجَ بهم إلى السماء أيضاً.
* طلاقة القدرة الإلهية :
فقد أسرى المليكُ المقتدر بعبده- صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام بمكة المكرمة حتى سدرة المنتهى، وأراه من آياته الكبرى، ثم رجَع به إلى مكانه.. كل هذا في بعض ليلة، فيا لها من قدرة طليقة هائلة تتلاشي أمامها حواجز الزمان والمكان، ولا يحدها حدٌّ ولا يعجزها شيءٌ مهما كان ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْفَيَكُونُ﴾ (يس: 82)، فما أحوجَنا إلى أن نعمِّق في قلوبنا الإيمانَ بهذه القدرة الطليقة، إذًا لازددنا ثقةً بالله- عز وجل- ويقينًا فيه، وأملاً في انقشاع غمم هذا الواقع المرير الذي نحياه!!..
* مكانة النبي- صلى الله عليه وسلم - :
لقد أظهرت رحلةُ الإسراء والمعراج فضلَ الرسول- صلى الله عليه وسلم- على أهل السماوات والأرض جميعًا، وأكدت مكانته بينهم، فمَن مِن البشر اختصه اللهتعالى بمثل هذه الكرامة؟! ثم انظروا إلى هذا المشهد النادر العجيب؛ حيث اجتمع خيرة الخلق من النبيين والمرسلين في المسجد الأقصى- بقدرة الله تعالى- ووقفوا جميعًا فيأدبهم صامتين ينتظرون مَن يقدِّمه الأمين جبريل- بأمر الله- لإمامتهم، فإذا هو رسولالله- صلى الله عليه وسلم- ولِمَ لا وهو صاحب الرسالة الخاتمة الشاملة الكاملةوالقرآن العظيم المصدِّق لما بين يديه من الكتاب والمهيمِن عليه.
وإذا ظهر بهذا الموقف فضلُه كذلك على الأرض، فقد ظهر بعد قليلٍ فضلُه كذلك على أهل السماء، حين وقف سيد الملائكة جبريل عند موضعٍ ما مِن مرتقاه مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قائلاً: ﴿وَمَامِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾(الصافَّات: 164)، ثم يرقَى رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم- فوق ذلك ليحلَّ في القدس الأعلى حيث الأنوار والتجليات والفيوضات التي لا يحيط بها عقل بشر ولا يعلم كنهَها إلا الله تعالى، فهذا هو رسولنا رسول أمة الإسلام نفخر به و تفخر الدنيا به، نملأ قلوبنا بحبه ،
* مكانة الصلاة :
لقد اتسمت رحلة الإسراء والمعراج بطابع الإعجاز، وغلب عليهاقصد التشريف لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فإذا كان فيها مِن تشريعٍ فهو إذًاتشريعٌ له تميزُه وخصوصيتُه، وهذا ما كان في شأن الصلاة التي انفردت دون سائرالتشريع بفرضها بعد استدعاء صاحب الرسالة- صلى الله عليه وسلم- إلى حضرة القدسالأعلى ليرجع بها إلى أمته هديةً غاليةً تعيد دائمًا تلك الذكرى العظيمة- ذكرىالمعراج- حيث تعرج الأرواح فيها إلى ذي الملكوت والجبروت عز وجل.
وهكذا اكتسبت الصلاة خصائصَها المعروفة، فهي إحدى قواعدالإسلام وأسسه، بل هي عموده، وهي الفارقة بين المسلم وغيره، وهي آخر ما وصَّى بهرسولُ الله- صلى الله عليه وسلم- أمتَه، فالصلاةَ الصلاةَ يا مسلمون، اقدروهاقدرها، وحافظوا عليها، وأقيموها بحقها في أول وقتها، .
* مكانة الخلق :
لقد أراد الله تعالى بهذه الرحلة المباركة أن يُريَ حبيبَه ومصطفاه- صلى الله عليه وسلم- من آياته الكبرى، فتُرى ما هي تلك الآيات؟! إنها آياتُ الكون العظيم العجيب، ومعها آياتٌ لا تقل عنها عظمةً وعجبًا.. تصور تجسيد ما ينبغي وما لا ينبغي من القيم والأخلاق، ومن ثَمَّ ندرك أهمية الأخلاق في ديننا الحنيف؛ حتى كأنَّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد اقتصرت مهمته وانحصرت رسالته في إطارها وذلك قوله- صلى الله عليه وسلم-: "إنما بعثت لأتمممكارم الأخلاق"، وقد تربَّع- صلى الله عليه وسلم- على القمة في باب الخُلُق حتى نال هذه الشهادة الكبرى من ربه- عز وجل-: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلىخُلُقٍ عَظِيمٍ﴾(القلم: 4)، فالأخلاقَ الأخلاقَ يا قومنا، ما أشدَّ حاجتِنا إلى بنائها والتشبث بها:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هُمو ذهبتأخلاقهم ذهبوا * سنة التداول :
لقد كانت رحلة الإسراء والمعراج إيذانًا بتحول القيادةالروحية من أمة بني إسرائيل إلى هذه الأمة الوسط الشاهدة على الأمم، وقد تسلَّمقائدها وقدوتها- صلى الله عليه وسلم- الراية في عقر دارها وفي رمز مسجدها (المسجد الأقصى)؛ بإمامته- صلى الله عليه وسلم- للأنبياء جميعًا فيه.
ولا عجب فإنَّ بني إسرائيل كانوا أولى الناس باستشعار فضل ربهم عليهم، فكان الواجب عليهم أن يخلصوا توحيده وعبادته وطاعته فكانوا على النقيض تمامًا من ذلك؛ حيث عبدوا العجلَ وقالوا على الله تعالى قولاً عظيمًا وعاثوا في الأرض فسادًا، ألم ندرك مغزى قوله تعالى بعد آية الإسراء مباشرةً ﴿وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِيإِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً(2) ذُرِّيَّةَ مَنْحَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا(3) وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّعُلُوًّا كَبِيرًا(4)﴾(الإسراء)، وعلى ذلك فمقومات القيادة الروحية تكون في التمسك بأهداب التوحيد وبمظاهر الصلاح (للذات)، والحرص على الإصلاح (للغير)،
﴿فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَلِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً﴾(فاطر: من الآية 43).
* مكانة الأقصى ( المسجدالأقصى ) :
لم يشأ الله تعالى أن يعرج بنبيه- صلى الله عليه وسلم- منحيث هو ولكن شاء أن يُسري به إلى المسجد الأقصى المبارك ليلفت أنظار المسلمين إليهفي مرحلة مبكرة من عمر الدعوة؛ لعلمه- تعالى- أنه سيكون محور صراع طويل مرير، وساحةمواجهة بين الحق والباطل، وليفوز المسجد الأقصى بهذه الألقاب الدالة على شرفهقداسته فهو: (ثاني المسجدين، ومنتهى الإسراء، ومبتدئ المعراج) ثم نال مزيدًا منالفضل فكان القبلة الأولى وظلَّ لستة عشر شهرًا تتجه إليه وجوه المسلمين وقلوبهم و صلاتهم ودعواتهم، وكان أحد المساجد الثلاثة التي لا تُشدُّ الرحال إلاإليها.
هذا هو أقصانا، وبحمد الله فإنَّ مكانته هذهلا تكاد تخفى على أحد منا نحن المسلمين، ومن ثَمَّ ظلت الأجيال تلو الأجيال تحمل أمانة الدفاع عن المسجد المبارك، والذود عنه ، والحيلولة بينه وبين أعدائه، وتخليصهمن أيدي المغتصبين، فكان التحرير الأول في خلافة عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- وظلتالأمة تعض على المسجد الأقصى بالنواجذ إلى أنَّ أصابها من الضعف ما أصابها، فوقع المسجد أسيرًا في أيدي الصليبيين، ثَمَّ كان التحرير على يد صلاح الدين الأيوبيومعه ثُلةٌّ من المرابطين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
وما أن سقطت الخلافة الإسلامية وضاعت هيبة المسلمين فيالعالم حتى طمع الأعداء مرةً أخرى في المسجد الأقصى المبارك، فجاءت سلسلة الهزائمالتي مُنيت بها أمتنا في عام 1948م ثمَّ عام 1967م حيث عاد الأقصى أسيرًا في أيدي الصهاينة ..
***
.و اليوم يحق لنا أن نفاخر بأننا مسلمين ما دامت ليلة الإسراء و المعراج خاصتنا ..
***
سيدة النور ... هدى الخطيب
أشكر طرحك المميّز ..
هي مجرّد مشاركة بسيطة رغم أنّي أعلم أنّ حادثة الإسراء و المعراج تقبل الكلام الكثير و الجدال أيضا ..
لذلك لم أرغب في خوض غمار التكهّن ففي الموضوع خلافات كثيرة و هي خاصة بذوي الشأن و أهل العلم و الدين و الفقهاء ممن لهم اطلاع واسع و قراءات و بحوث و دراسات ..
سرني جدا قراءة موضوعك .. و قد صوتّ انطلاقا من معرفتي القليلة .. و أتمنى أن أستفيد اكثر من خلال نافذتك هذه ..
تقبل عظيم احترامي و مودتي .. [/frame]
|
|
|
|