رؤيا جد حالم
مبارك ..صرتُ جدو !
ومثل كل الناس ، فرحتُ كثيرا بالقادم الجديد ( غسان ) ، وأحسستُ ، في الوقت نفسه ،بمعنى مرور الزمن ، وكيف نُسَلّم الراية لغيرنا كما استلمناها نحن ذات يوم ،( صار بعيدا )من غيرنا ! فتأخذني الرؤى والأحلام ! هاهو ذا ( غسان ) يكبر، وتصبح له شخصيته المميزة ، واهتمامه الثقافي الخاص ، فيقول وهو يبتسم ، ولا أتخيله غيرمبتسم: أريد طريقا أتفرد به ، بعيدا عنكم ، بشكل جديد ، يمزج الماضي الجميل بالحاضر الزاهر بالغد الواعد ، مشكّلا رؤى حالمة متماسكة ، تصوغ جِدّة في مختلف مسارات الحياة ! أريد أن أجمع بصيغة ما : صخب الريح وعطاءه ، وثورة البحر واستسلامه ، وطيب نسم الصبح وزمجرة غضب جنون رياح شتيّه ! بل أريد غنى واسعا كغنى عبد الرحمن بن عوف الزهري، أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وزهد أبي ذر الغفاري جُنْدب بن جُنادة: ابن عوف ، أحد الستة أهل الشورى،وأحد السابقين البدريين،وأحد الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام ، الرجل الطوال، الحسن الوجه ،الرقيق البشرة ، على جَنَأ فيه، الأبيض ،المُشْرَب بحُمْرة ، الذي أُصيب يوم أحد فهُتم ،وجُرح عشرين جراحة ،بعضها في رجله ، فعرج. والذي تصدق بشطر ماله أربعة آلاف دينار، وحمل على خمسمائة راحلة وخمسمائة فرس في سبيل الله ، ورغم ذلك لم يكن يُعرف من بين عبيده ، وأهل المدينة كلهم عِيالا عليه : ثلث يقرضهم ماله ،وثلث يقضي دينهم ، ويصل ثُلثا ! وبعد موته قُسم لكل امرأة من نسائه مئة ألف ، وخلّف ألف بعير ، وثلاثة آلاف شاة ، ومئة فرس ، وكان يزرع بالجُرْف ، وهو موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام ، على عشرين ناضحا ، وأعتق ثلاثين ألف بيت !وتوفي عام 32 هجرية عن خمس وسبعين سنة .
وأبي ذر، خامس خمسة في الإسلام، الآدم ، الضخم ،الجسيم ،الكثّ اللحية ، رأس الزهد والصدق والعلم والعمل ، على حِدّة فيه ! يمشي وحده ،ويموت وحده ، ويُحشر أمة لوحده ! كان يكتفي بقوت يومه ولا يدخر شيئا لشدة توكله على الله .وتوفي سنة 32 هجرية في نفس السنة التي توفي بها ابن عوف رضي الله عنهما.
بل أريد شجاعة خالد بن الوليد المخزومي ، سيف الله ، وفارس الإسلام ، وليث المشاهد، ابن أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث، الذي لم يبق في جسمه قِيد شبر إلا وعليه طابع الشهداء ، وتوفي على فراشه ، فلا قرّت أعين الجبناء ! وتوفي سنة 21 هجرية رضي الله عنه .
بل أريد أن أكون صادق القول ، أمين الحديث ، كغسان بن الأغر النهشلي ،
وغسان بن بُرْزِين الطُهَوي ، وغسان بن الفضل السجستاني .
وبثقة محببة تردد :قرأ لي جدي أن الغسّان تعني حدّة الشباب وطراوته وحُسْنه ونعمته ، فنقول : كان ذلك في غَيْسان شبابه ،أي في أوله وفتائه ونعمته ، ويقال:لست من غَسّانه وغَيْسانه أي: لست من رجاله أو من ضَرْبه ، أي شكله ومثله . والغسّاني من الرجال : الجميل جدا ، كأنه غصن في حسن قامته .
بل أريد أن أكون كما أنا :ابن أبي (أنس حومد) الأديب الرقيق، وأمي الرائعة لين ، مطلق المحبة والود والحنان!
وأفتح عيني جيدا ، وأخال أنني أسمع بكاء رضيع ، في مكان ما قريب ، فأصيح عاليا : لينو ، سونة يطلب طعاما ! محاشي ساخنة لو سمحت !
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|