عرض مشاركة واحدة
قديم 03 / 09 / 2012, 13 : 06 PM   رقم المشاركة : [29]
منجية بن صالح
كاتب نور أدبي مشارك

 الصورة الرمزية منجية بن صالح
 





منجية بن صالح is on a distinguished road

رد: الشرق الأوسط الجديد وتفتيت العالم العربي ليس قدراً محتوماً / ندوة تحتاج أقلامكم


الربيع العربي

يقال في أوساط النخبة المثقة أن الربيع العربي هو مؤامرة غربية صيغت بايد عربية و أقول من يسكنه فكر المؤامرة فلا يمكن أن يكون تحليله للحدث إلا من خلالها لأنها النظارة التي يرى من خلال سوادها هزيمة نفسه أمام نفسه و أمام الحاكم و كل سلطة خارجية.....فتراه يحني لها قباعته على المستوى الفكري و العملي حتى و إن انتقدها ظاهرية ليجعل من نفسه بطلا و مناضلا لكن عند الشدة تجده أول من يستسلم للأمر الواقع و يرتمي بين أحضانه و يخدمه طائعا خاضعا و محاولا إقناع نفسه و غيره بمصداقية ما يقوم به و تجده أول من يقبل الواقع و ينظِّر له فهو يعتقد جازما أنه ليس هناك أحسن مما كان و الشاهد على ذلك ما يحدث في سوريا و فلول النظام السابق في مصر و تونس و محاولاتهم البائسة لاسترجاع نظام فاسد انبطح و بغى و خان طوال عقود
تغيير الوضع الفاسد الذي يحتل الوطن من المحيط إلى الخليج يستوجب علينا أن ننطلق من الأفراد لنشكل مجموعات تُحرر الوطن الصغير ليعم التغيير الوطن الكبير و هذا المبدأ ينطبق على الكل بما فيهم القضية الأم فلسطين فلا يستطيع الأولاد تحرير أمهم حتى يحرروا أنفسهم و لا تستطيع الأم تحرير أولادها حتى تتحرر من نفسها و تحرر أرضها هي جدلية الوجود التي تتداخل لتتكثف الجهود و تصبوا إلى هدف واحد تتوحد حوله و لا تحيد عنه

فمن يتمسك بنظرية المؤامرة و يقدم الربيع العربي على هذا الأساس أقول له أنه

- إنه يروج لفكر الهزيمة و الانبطاح الذي يسكنه وهو غير قادر على التخلص منه
- انه من أنصار التنظير العقيم و الذي لا يعترف بجدوى الفكر في استنباط أدوات العمل القادرة على تغيير الوضع كمن ينتظر رغيفا ينزل عليه من السماء
- أنه غير قادر على تفكيك منظومة الهزيمة التي تسكنه و التي يروج لها بكل طاقته السلبية و أنه لا يمكن أن يكون إيجابيا مع نفسه و لا مع غيره
- و بالتالي فهو غير قادر على الاعتراف بقدرة الإنسان على التغير لأنه يلغي العقل الحي المفكر و طاقة الشعوب على الحركة فكل فكر ميت لا يمكن أن ينتج عملا مثمرا بل تراه يزرع الخراب أينما حل
هذا ما يريد الغرب أن نصدقه و مع الأسف الشديد هناك من النخبة من يصدق و يدافع عن فكر المؤامرة .... هم يغتالوننا بأيدينا فنراهم يروجون أخبارا من الممكن أن تكون صحيح و مفادها أن المخابرات الأمريكية كانت تحضر للربيع العربي وهي من تدخلت لإثارة الشعوب لأنها أرادت أن تغير وجه العالم العربي ما أبلهنا عندما نصدق هذا الكلام و ما أغبانا

لا أحد ينكر أن الحروب الصليبية مازالت متواصلة على الوطن العربي و أن العدو مازال يستنبط طرقا و أساليب خبيثة و لا أخلاقية لمحاربتنا فقد كان يستعمل السلاح لإبادتنا ماديا و احتلال الأرض بعدها وجد ذلك غير مجد و مكلف فغير أساليبه وهو يحتل الآن الفكر العربي لأنه رمى سلاحه المقاوم و استسلم للعدو و أعتبره صديق وقبل اليد التي تغتال فكره بعد أن تسممه و تشل قدرته على التفكير و الحركة ليستورد منها الفكر و السلعة و يبقى أمام التلفزيون و الحسوب يتحاور مع منظومتها الفكرية و يستقبل ما تبثه من أخبار و تيارات فكرية و نظريات مدروسة لتدجن العقل العربي ليجد الإنسان نفسه مستسلما للراحة و الإستجمام لماذا يفكر بينما الآخر يفكر مكانه و يخدمه ماديا و يقدم له المعونات المالية و اللوجستية فما عليه إلا أن يفتح آبار البترول و يغدق على هذه الغانية التي تبسطه و يسكره جمالها و حضارتها و رقي فكرها و تقدمها التكنولوجي.... سيدة العالم أميركا و أذيالها ؟ هذا هو وضعنا و مع الأسف الشديد إن لم نتحرر منه فلنقرأ على قبور الأموات الأحياء سورة الفاتحة

دور المثقف في التوعية و التحسيس

سأنطلق من الربيع العربي و الذي أعتبره النقطة المضيئة الوحيدة في هذه العتمة
الثورة على الظلم و الإستبداد أطاحت برأس النظام السياسي لكن هذ الهرم الفرعوني و الذي استغرق سنوات في البناء له قاعدة عريضة موجودة و متغلغلة في فكر ما نسميه نخبة مُدَّعُو الثقافة وفي الفكر الشعبي البسيط لأن فرعون له بطانة تمسك بأوتاد حكمه و تناصر فكره و تدعمه فمن غيرها لا يكون له وجود
هذه القاعدة لا يمكن أن تكون فاعلة في وضعها الحالي نراها تتخبط بعد الثورة فهم أيتام نظام فاسد كغريق يريد النجاة و لا يعرف السباحة فكلما تخبط أكثر كلما أشرف على الهلاك على مستوى المجتمع يحدث ذلك فوضى عارمة و انفلات أمني و اجتماعي و سياسي و اقتصادي

باسم الحرية و الديمقراطية و مصطلحات مستوردة نرى أن الباطل قد أريد به حق فلا يمكن أن يستقيم فتراه يهدم و لا يبني شيئا بل يترك الخراب ورائه........ كيف نعالج الأمر؟
لابد أن نكون واعين بذلك و نقوم بثورة فكرية تساند السياسية و التي لم تستند إلى فكر معين بل كانت تلقائية شعبية هزت أركان الحكم لأن الشعب وصل إلى درجة الإشباع و الإرتواء الغير مسبوق من كاس الطغيان و الفساد فلقد ثار بالفطرة ووجد نفسه بعدها لا يملك آليات التسيير و التحكم في المسار السياسي و الإجتماعي و الإقتصادي هنا نجد الغرب يركض ليقدم لنا المعونة على جميع المستويات ....... يجب أن نكون واعين بهذا الشرك فما خسره الغرب عند سقوط رأس الهرم يحاول أن يسترجعه من القاعدة الموجودة على الأرض والتي ستكون وفية لولي نعمتها بتنفيذ أمر سيد سيدها و خدمته على الأرض و تطبيق تعليماته بحذافرها فهو يعرف مدى جشعها و سيغدق عليها من الأموال ما لا يحصى و لا يعد حتى لا ينقصها شيء

كان الغرب يعطي تعليماته لرئيس الدولة ليصبح هو بعد الثورة رأس الهرم و يعطي التعليمات مباشرة لرأس أحزاب تقول أنها معارضة باسم الحرية و الديمقراطية و العالم المتحضر ليجد الشعب نفسه بين تيارات متداخلة فلا يستطيع بعدها التفريق بين كوعه و بوعه يصيبه الإحباط بين متطلبات الحياة اليومية و السياسية و التشغيل و.....و....و يتدخل الغرب ليقدم له فتات موائده المسمومة
الحل الوحيد هو أن نكون واعين بما يحدث لنا و لا نستكين و لا نهدأ و نستنبط أساليب للمقاومة على الأرض و نسخر كل طاقتنا الفكرية وهو ما أسميه الفكر المقاوم لقد انقضى زمن المقاومة بالسلاح فلا بد من مقارعة الفكر بالفكر و ليس بالسلاح حتى لا نساهم في نشر (الإرهاب) هذا السلاح الذي يخوفوننا به ليضربوا قدرتنا على الدفاع عن النفس

هنا ياتي دور المثقف و الذي يصبح أخطر على العدو من المقاوم بالسلاح لأنه يحلل فكره و يجعله يتحلل و يفقده عناصر قوته و التي تكمن في خفاء حقيقته
عندما نجسد المشكلة تجسيدا سليما و نشخص ما أراد العدو خداعنا به فإن الحل يصبح متاحا و تسديد السلاح يكون قاتلا هكذا نخرج من منطق الإرهاب المادي إلى منطق الإرهاب المعنوى و الذي يقول فيه تعالى في سورة الأنفال الآية 60

وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ

كلمة الحق هي رباط الخيل الذي يسابق الريح و يترك العدو يتخبط في نظرياته و جهله بأمة اقرأ و قدرتها على صرع عدوها و إلغاء فكره من على أرض العروبة و الإسلام
فالصراخ من المحيط إلى الخليج وراء ذئب المؤامرة يجعل العالم يقول يا أمة ضحكت من جهلها الأمم و يجعل الراعي ممسوخ الهوية غارقا في جب التخلف ينتظر ساعة تخسف به الأرض و تلفظه الشعوب الأخرى بعد أن خسفت به أرض فكره و أصبح عقيما عديم الجدوى

الإنسان أرض حاملة لفكر و تاريخ و عطاء و تراث و حضارة و دين فإن لم يحرر كل هذه المكونات التي تسكنه من براثن الفكر الغربي الاستعماري الغاصب بقي مستعبدا ماديا على أرض وطنه و معنويا على أرض فكره

مع التحية و الشكر و التقدير



منجية بن صالح غير متصل   رد مع اقتباس