عرض مشاركة واحدة
قديم 04 / 09 / 2012, 30 : 08 PM   رقم المشاركة : [713]
هيام ضمره
كاتبة، تكتب القصة والمقالة والبحث الأدبي

 الصورة الرمزية هيام ضمره
 





هيام ضمره is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الأردن

رد: أين تذهب هذا المساء ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

مساء الخير عزيزتي عروبة وشيماء ومساءاً جميلاً لجميع الأعضاء الكرام

الدكتور صلاح الدين محمد أبو الرب أديب متمرس ومتنوع يكتب المقالة اليومية والدراسة الأدبية والأبحاث العلمية والتاريخية والقصة والرواية والنثريات.. بالغ الذوق والدماثة، يُجمله تواضعه الجم وتلك الابتسامة التي لا تغادره

يمتلك أسلوباً جميلاً في السرد يتميز بالبساطة في غير هبوط. .وتنوعت قصصة بطولها وانسيابات أحداثها ومن ثم بفنياتها، منها ما اعتمد الرمزية ومنها ما اعتمد على الدهشة أو السرد الواقعي المعتمد على العقدة لكنه في خلالها كلها كان يتقن مفتاح القصة والانخراط بمتنها ومن ثم قفلها بمشهد يجعلك دهشاً

يستخدم لغة مفهومة ويسيرة لا تعقيد ولا تدني فيها، معتمداً في سردياته على الحدث ودهشة القفلة، يكتب بتماسك وتسلسل عذب

مجموعته القصصية الموسومة ب (أخبار بلا صوت) تحتوي على26 قصة قصيرة يضمهم غلافين سماويي اللون بحجم صغير يرغب المتلقي بالقراءة

تبدأ إثارة العرض عند د. صلاح منذ مطالعة الإهداء، وهو يجاهر بحيرته إلى من يهدي هذه المجموعة.. لتأتي هذه الحيرة تمهيداً ذكياً للاختيار الأخير

أإلى نفسه التي تتعبه كثيراً.. أم إلى أهل بيته الذين أتعبهم هو كثيراً.. أم إلى بني عشيرته وقومه الذين أتعبهم زمانهم.. لكنه وقد أدرك أن الجميع يعيش أزمة التعب استقر رأيه في نهاية المطاف على إهدائها للجميع بلا استثناء.. وبالخصوص إلى قارئ هذه الكلمات

ثم يمضي القاص أبو الرب بالقول إن أصعب ما في الكتابة في موضوع القصة القصيرة هو البداية وامتع ما فيها حين تنهيها.. وإن المساحة ما بين البداية والنهاية قد تأخذ من الورق بين صفحة إلى خمس صفحات ولكنها في زمن الإعداد قد تأخذ مجرد دقائق أو ساعات طوال وربما أيام لأنها في واقع الأمر هي حالة من المعاناة والتعايش.. قاصداً بذلك أنها حالة مخاض لا تتأتى لها السهولة كما يعتقد البعض، فنجاح القصة يبدأ منذ لحظة اختيار باب الولوج المناسب والطريقة التي يدار بها المفتاح في القفل، هي فنية لا بد من امتلاك ذائقة عالية في معرفة إدارتها

قرأ الدكتور صلاح الدين أبو الرب عدداً من قصص مجموعته أذكر منها .. أخبار بلا صوت - الكتكوت المجنون- صرخة- شهادة عليا- أم المهندس

وأختار أنا هنا قصة الكتكوت المجنون لأحدثكم بها لما فيها من رمزية عالية تعكس واقعاً ممكن اسقاطه على واقع زماننا الحالي وهو ذات الواقع الذي عايشته أقوام سابقة سادت في القوة وبسط السيادة ثم بادت وانتهى أمرها بالزوال النهائي لأنها تحولت إلى التآكل الذاتي بطريقة من الطرق لعل أقواها على الإطلاق تفشي الفساد العام لأنها طريقة من طرق التآكل الذاتي الذي يؤدي إلى الذوبان والتلاشي

وتروي القصة حكاية رجل ابتاع لطفله عدداً من الكتكيت الملونة، وأشرف على العناية بها نظافة وتغذية، وراح كل يوم يعثر على كتكوت جثة هامدة في زاوية الكرتونة، وعجب إذ ما توانى لحظة بواجب رعايتها والعناية بها، فاتخذ قرار مراقبتها حتى يعرف سبب الموت الفجائي الذي يأتي الكتاكيت الجميلة، ويكشف الغطاء عن السر الدفين، فلا مجال للاعتماد على التوقعات، فاكتشف وجود كتكوت لونه أحمر يمتلك نزعة عدوانية على سبيل التنمر على أقرانه الضعفاء، يمتلك شهية جيدة للأكل والغذاء، ويأخذ دور الأولوية في الراحة، مما يجعله نشيطاً متقاوياً متزعماً، فإذا ما استشعر الضعف في أحدها تقاوى عليه وراح ينقر ظهره ويلتهم ما يقطعه من لحمه ثم يتركه معذباً بالألم والضعف لمصير الموت المحقق، ويبدو أن أكل البروتين الحيواني زاد في شيطنته وعدوانيته، وظل على هذه الحالة حتى قضى على كل الكتاكيت والرجل يراقب مذهولاً ويظن في كل مرة أن الأمر لن يستمر حتى النهاية، تضخم حجم الكتكوت بالنسبة لبقية الكتاكيت مثلما تضخمت عدوانيته وازداد تنمراً كما ازداد غروراً الذي كان يعبر عنه بانتفاش الريش والصياح انتصاراً.. وحين مات آخر الكتاكيت وبقي الكتكوت الأحمر وحيداً لم يعد يجد من يمارس عليه جنونه العجيب، فانتكس وفقد شهيته للأكل وبدأ الملل ومن ثم الاحباط يسيطران علية، قلت شهيته للأكل وبدأ يهزل وتضعف صحته خاصة بعدما توقف عن أكل البروتين الحيواني الذي كان يمنحه الطاقة والرغبة في القتل، فصار ينقر بنفسه حتى يسيل منه الدم ويأكل شيئاً من لحمه فيما يعيش ذكرى الماضي التليد، إلى أن وجدوه نافقاً في صباح يوم وجسده مثخن بالجراح من أثار النقر

على هذه الصورة المختصرة كانت القصة من مبتدأها حتى منتهاها إنما خارج لون سرد الكاتب، وهو حال حكام طغوا وتجبروا وعاثوا فساداً في تمردهم وعدوانهم وظلمهم وحين لم يجدوا ما يطفئون به معاناة حب السلطة المتقاوية بدأوا يمارسون فسادهم الذاتي حتى قضى فسادهم عليهم وبذلك تآكلوا ذاتياً كما حصل مع الكتكوت المجنون

أرجو أن أكون متعتكم في سردي لحكاية الكتكوت المجنون وعرفتكم بالكاتب المجيد الدكتور صلاح الدين أبو الرب الأديب الذي يمنح نفسه ليس فقط التجريب وإنما يخوض التجربة بإجادة وإبداع

وإلى أمسية أخرى أكون فيها تعبأت بالخبر سأعود إليكم بإذن الله
هيام ضمره غير متصل   رد مع اقتباس