عرض مشاركة واحدة
قديم 07 / 09 / 2012, 28 : 12 PM   رقم المشاركة : [724]
هيام ضمره
كاتبة، تكتب القصة والمقالة والبحث الأدبي

 الصورة الرمزية هيام ضمره
 





هيام ضمره is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الأردن

رد: أين تذهب هذا المساء ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

صباحكم أنوار وبركة

بنسيم الرحمة، وعبير المغفرة، ونفحات الطاعة أقول لكم جميعاً.... جمعة مباركة

أتشوق مسلسل ما سيتحفنا به الزميل الطيب رشيد الميموني من عرض ثقافي لكتب أمين معلوف

فقد سعدت لأسلوب عرضه السخي وأتساءل أين أعضاء نور الأدب الطيبين مع هذا الحراك الثقافي الطيب.. كم سيكون تفاعلهم هنا عظيماً

بين يدي هذا الصباح ديوان شعر ( على أجنحة الجراح) للزميل الصديق والاعلامي العراقي محمد نصيف.. شاعر وطني حر جريء في اشتعالاته الوطنية

عاش بين ظهرانينا في الأردن قرابة العشر سنوات كان شقيقاً ومواطناً صالحاً في مشاعره الأصيلة وتصرفاته كأي مواطن أردني رغم أن العراق وبغداد تحيا في وجدانه كوطني حر

تعرض طفله ابن التاسعة للخطف في اليوم التالي لسفر زوجته إلى العراق قبل سنوات ثلاث لتضع مولودها بين أهلها.. إلا أن الله كان رحيماً بهذه الأسرة الطيبة، حين تم دفع فدية واسترجاع الطفل.. ففي ظروف الفوضى وغياب الأمن تنشط عصابات لا تأل وسعاً أن تدوس على انسانية الانسان مقابل حفنة من المال

لله درك العراق كم عانى أهله الجراح على تخوم الزمن.. وكم تخضب منه الثرى بدماء الأبرياء فتاريخه مليء بالألم والأنين

يقول شاعرنا محمد نصيف في مقدمة كتابه:
غالباً ما رسمتْ تأريخنا المصائب، لا سيما تلك التي تمخضتْ عن جراح أعارتنا دماءاها مدداً، خضبنا به سفر أيامنا العصيبة، وذكرياتنا الممزوجة بالألم والمرارة، والتي يضاعف الماضي قسوتها، حين يعرضها صوراً يتجلى فيها غدر الأقربين وكيد المعتدين، حيثما امتدت خنادق المواجهة من فلسطين حتى العراق

جاءت قصائده في الديوان تسجيلاً تأريخياً لهذه الجراح التي نزلت بأمة وطنه تباعاً، مصوراً عمقها وغورها ونزفها وارتجافها على نوازل غير عادية، حيث كان لزاماً على العراقيين أن يدوسوا على وجع كظيم ليواصلوا مسيرة الحياة حاملين رسالة الصبر لاعمار وطن رفع رسالة أمة بلواء معقود على سارية الصمود

دعونا نمر على قصائد الديوان وفضاءات ما جالت به من مواضيع لنخترق مشاعر شاعرنا وذاكرته الناهضة ونكشف عن جراحه وجراح وطنه حيث يتبدى في حرفه طعم المرارة لأن اليد التي جرحت للأسف هي اليد العراقية نفسها وهذا أقسى ما في القسوة نفسها

القصيدة التي افتتح بها الديوان ( عذراً أيها العرب) كانت بمثابة تعريف بالقضية العراقية
متى سيخلع ليل الحزن وجداني= كفى بدمعِ الأسى درباً لعنواني
ماذا أحدث عن أهلي وهو قممٌ= بغيرهم ما لهذا القلب من شان
ماذا سأحكي إذا حدثتُ عن وطني= وهو العراقُ الذي ما مثلهُ ثانِ
ما أطيب الليل إذ يرخي جدائلهُ= بكف دجلةَ مُلتفاً بشطآن

فيمر نصيِّف على أمجاد قومه وجمال وطنه حتى يدخل على جراحه ينكثها مختتماً قصيدته بقوله
تحمُّل الجرح بعضٌ من رسالتنا= لن يهزم الجرحُ فينا دفق إيمان
كنا الأباة ونبقى في مفاوزها= فرسان زحفٍ ورِثنا طبع فرسان
وسوف نصفحُ مهما ساءَ فعلكُمُ= نُبلاً نردّ الأذى منكم بإحسان

في قصيدة "الذئب يبتسم" ينطلق الشاعر مصوراً عجيب ما يحدث من شأن العرب تجاه أبطال سطروا وطنية عابقة بالكرامة إلا أن جزاءهم من السلطة كان مخيباً للأمال ورافعا أمام العيون مئة سؤال وسؤال.. فالقصيدة تناولت قصة سليمان خاطر الجندي المصري الذي قتل سبعة من الصهاينة في سيناء 5/10/1985 فحكم عليه بالمؤبد ثم تمت تصفيته داخل السجن كمدخل لتصوير حال عرب نسوا واجبهم تجاه وطن سلب وقدس احتلت

واه على أمتي من شرِّ ما صنعوا= لم ينجُ من حقدهم قدسٌ ولا حرمُ
نامت جحافلهم والضيمُ يخنقنا= فأغفلت همّ من في دارهم ظلمُوا
تستنجد العرب قدسٌ دونما أملٍ= كالشاةِ صارخةً والذئبُ يبتسمُ

وفي قصيدة ( خطاب إلى امرأة جريحة) والحروب أشد ما تصيب في أساها وجراحها المرأة، فقد تلمست روح هذا الشاعر جراح المرأة الأم والزوجة وحتى المناضلة

قبل أن ترحل من جرحك أسراب الدماءْ
قد نسينا زمناً معنى الإباء
وخبرنا في المساءات مواويل الشقاء
قبل أن تُدمي الشظايا معصميكْ
قد أصابت عنفوان الصابرين
سلبت منا بقايا الكبرياء
رسمت في كلّ بيتٍ من بلادي
صورةً تفضحُ وجه البربرية
ووجوه الوارثين النسل من بيت البغاء
لا تخافي الجرح
إن كان به بعضُ اعتصار
وتباهي في جرحك رمزاً وافتخار
إن في الآلام ذكرى
سوف تُروى لمحبّ
ذب شوقاً في عذابات انتظار
اسمعيني حلوتي
لا تحزني
إن في الجرح دليلاً
كيف جارَ المعتدون
كيف يلغون وجودي
ثم يسبون النساء

ولست بتاركتكم قبل أن أقرأ لكم جزء من قصيدة الشاعر لإبنه المخطوف، وكان يلقي بالقصيدة من على منصة الشعر في عمان حين كان أهله في بغداد يعقدون صفقة فداء إبنه (خطّاب)، ورن هاتفه الخلوي خلال تلك اللحظة ليأتيه خبر تسلم (خطّاب) سليماً معافى، ولكم أن تتخيلوا هذه اللحظات عليه شخصياً وعلى الجمهور الذي كنت أنا بينه، لقد هب الجمهور مكبراً وسط دموع الفرح، وأعاد الشاعر محمد نصيِّف بعد تماسكه إلقاء القصيدة بصوت مفعم بالفرح، فيما الدموع كانت تفيض في المآقي.. وأنى بعد تكاثر الجراح من أن يظل الحزن العراقي يئن على وتر الناي

كم يسألني أصحابك عنك يا ولدي
هل يأتي معنا كي يلعبَ خطّاب
وتجيبُ الدمعةُ..
يعثُر في أسوار الحزن جوابْ
خطف الباغون حبيبي خطّابْ
آه.. لو كنتم أبصرتم بسمتهُ
أو عينيه السابحتينِ بحقلِ الوردِ
وفيض النورِ لأدركتم
أن الباغين أرادوا
حرق الوردِ، وإطفاء الشمس
هل فقدتْ بغداد العقل..؟!
لتنزع من قلبي الحب
وتخطفَ من عيني النور
وأنا في الغربة مذهولٌ
تفصلني عنها الأميالْ
ماذا أصنعُ والحزنُ القاتلُ يربكني..؟
لا أدري والأمواجُ الغضبى تسرق عمري
وأنا مكتوف فوق الشاطئ
أرقبُ صيحات غرقى
وأصابعَ من بين الموج
تفتش عن طوق نجاة
وأنا لا أملك فوق شواطي الغربة غير دعاء
أركضْ، أركضْ
فوراءك غولٌ مشحوذُ الناب
يفتش عن أي صبي
كي ينفثَ في دمه الحقد


مع خالص تحيتي لكل المارين والمتفاعلين
هيام ضمره غير متصل   رد مع اقتباس