رد: أين تذهب هذا المساء ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مساءكم أمسيات عابقة بالشعر
شتان بين مساء اليوم ومساء أمس.. بالأمس كان المساء مزهراً بربيع الحرف النابض.. واليوم يهمد قمر المساء لسجال الأحداث
مساء الأمس انطلق فيه صوت الشعر عبر فضاءات شاسعة تعلن عن ولادة ديوانين لشاعرين وصحافيين في مكانين مختلفين رغم أن كليهما من أسرة صحيفة واحدة
تقاسمنا الزمن والمكان، أو هما بالأحرى تقاسما اهتمامنا
ففي حين أطلق الشاعر عمر أبو الهيجاء ديوانه الجديد "الضحى والضحية" وقدم له الدراسة النقدية الأستاذ الدكتور ثابت الطاهر
فقد قدم في الجانب الآخر "الأستاذ الدكتور سلطان المعاني" دراسة نقدية بقيمة عالية لديوان الشاعر جلال البرجس " رذاذ على نافدة الذاكرة" وجاء تقديم مدير الأمسية الروائي والمسرحي "هزاع البراري" بمثابة اطلالة نقدية مرادفة عززت القيمة في محتوى الديوان الذي اعتمد في غالبية قصائده توصيفاً للمكان الذي ارتبط بذاكرة الشاعر منذ دخوله عالم المدينة العاصمة شاباً صغيراً فبدت له وهو القادم من بطن المنطقة الصحراوية الجنوبية، عالماً زاخراً بالمثيرات فالتقطت عيناه مشاهد اشتهرت بها مظاهر قاع المدينة أو وسطها كما اعتدنا تسميته، كمثل بائع الفستق السوداني المحمص على الفحم في مدخل سوق الصاغة، ومطعم هاشم الشعبي، ونابليون عمان، ومنطقة اللويبدة المنطقة الأقدم في مناطق عمان الفاخرة بأبنيتها التي باتت تشكل تراثاً معمارياً مرتبطاً بتاريخ عمان
ونابليون عمان هو شخصية شابة لطيف الطلعة طويل القامة أنيق الملبس، ولباسه عبارة عن زي نابليون الأنيق والنظيف، يظل يتجول في شوارع عمان باعتداد القائد دونما مبالغة، صامتاً مسالماً لا يتبادل حديثاً مع أحد ولا يثيره شيء، وليس هناك من يعلم حقيقة هذا الشاب أو قصته الأصلية أو السبب وراء اصراره على ارتداء هذا الزي الثمين والأنيق والنظيف والتجول فيه في شوارع المدينة مما يدل على أنه ابن أسرة ميسورة حتى استطاعت الحصول له على عدد من من أطقم هذا الزي.. ظل هذا الشاب مظهراً من مظاهر المدينة ورغم أنه أصبح اليوم متقدماً بالعمر لكنه ما زال يقوم بجولته المعتادة بالزي اياه
لقد اعتدنا أن يسعى الروائي على توصيف المكان واظهاره على واقعيته خلال أحداث الرواية، فيكون المكان حاضراً بقوة مؤرخاً في زمنه .. ومثل ذلك فعل شعراء الوزن العامودي ، وكان شعراء عصر الجاهلية وصدر الاسلام يستخدمون أسلوب اظهار المكان في استهلالتهم الشعرية ثم ينتقلون إلى موضوع القصيدة ، والشاعر البرجس عمد على تأكيد المكان الجغرافي في قصائده النثرية امتدادا لهذا التراث
كل التحية لمغامري الرحلات البرية والجبلية وتمنياتي لهم بأمسية هادئة لا صوت فيها يعلو على صوت خرير المياة تطلق العنان لابداع خارق
|