[align=justify]
تحياتي..
لا أناقش كثيرا من الأمور لسبب بسيط إدراكي أننا للأسف لا نجيد ثقافة الاختلاف واحترام اختلاف وجهات النظر ولا نفصل بين الرأي وصاحب الرأي وحتى لا أخسر من أحبهم إنسانياً ولهم مكانة كبيرة عندي لكني بالطبع حين أُحشر لن أزيف نفسي وضميري أو أتزلف، ولهذا أختار للندوات والحوارات ما يمكننا أن نخوض فيه دون أن يتحول لأزمة ومشكلة.
الطائفية آفة الآفات في العالم كله ومعظم من يتصفون بالطائفية هم أشخاص غير متدينين.
ما هي الطائفية وكيف تعرف أن إنسان ما طائفي متعصب؟؟
قاعدة النفي كثيراً ما تكون دليل إثبات
أذكر فيما أذكر وكنت في سن المراهقة نقاش دار بيني وبين شخص حول مفردة يستعملها الناس في طرابلس - لبنان، عند أي حديث سلبي عام فيقولون لمن يحدثونه: " البعيد كذا " على سبيل المثال: " من يفعل كذا هو إنسان مراوغ او منافق إلخ.. " فيقولون: البعيد أو بعيد عنك من يفعل إلخ..والقصد منها أني لا أعنيك وبعيد فكري عن وصمك فيا أشير إليه أو تقييمي السلبي لا أعنيك به.
طلب مني شخص حين كنت أتحدث عن بعض الآفات أن أقول " البعيد "
وكنت مصرة ألا أقولها وأنها مجرد لعب على الألفاظ تحمل الرياء ودليل سوء نية يؤكده النفي من خلال المفردة، واختلفنا حول المفردة اختلافاً شديداً
كان رأيي أني حين أدرج مفردة "البعيد " وكأني أقول للشخص رأيت فيك هذه السلبيات التي أتحدث عنها ولهذا أتدارك بمفردة البعيد للتمويه.....
حين يقول لي شخص ما أنه غير متعصب ولا طائفي مرة أصدقه وحين يكرر تأكيده أوقن بدوري أنه طائفي متعصب، ولهذا يكثر النفي وكثرة الإشارة دليل إدانة.
إذا درسنا الشخصية الطائفية حسب تعريف علم النفس فسنجد أن الشخص الطائفي هو إنسان متعصب لطائفته ويتهمك بالطائفية إن لم تتنصل من طائفتك
العصبية الطائفية مثل كل تشعبات العنصرية مرض فتاك ومعدي وإن يكن قالبه الدين فهو خير دليل على ضعف الإيمان والبعد عن رحمة الله، فالله سبحانه وتعالى محبة ومن يحب الله وتنعم روحه بأنوار ملكوته لا يعرف الكراهية ويحترم إنسانية الإنسان لأن كل إنسان هو آية من آيات الله سبحانه.
نحن كمسلمين نعاني جداً في هذا الزمن من التعصب الموجه ضدنا ومن ثقافة هذه العصبية عند الحكومات والأفراد خصوصاً منذ أحد عشرة سنة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر.
بمجرد أن تكون مسلماً متمسكاً بدينك وصلاتك وصيامك فأنت موصوم بأنك إرهابي ومتخلف وخطر على أتباع الطوائف الأخرى وأنه لو فك لجامك فستأكل الناس
قتيلك مجرم متخلف وقاتلك ضحية متحضر.
صك البراءة من الإرهاب والتطرف يمنح لك بقدر ما تبتعد عن دينك وأخلاقياته وقيمه وبقدر ما تحلل الحرام وتحرم الحلال على نفسك...
( ألا يشبه هذا نهر الدجال؟ )
سمعنا ونسمع أحياناً في صكوك براءة أشخاص من الإرهاب والتخلف والتعصب:
الرجل بعيد عن التطرف ويسخر من الدين ومن كل ذلك التخلف
ويقال في تبرئته على سبيل المثال
- يشرب الخمر
- لا يصلي ولا يصوم
- لا يذهب أبداً إلى المسجد
- يسهر ويرقص
- يسخر من الدين والمتدينين
هذه الصفات وغيرها باتت تعتبر اليوم مثالب وصفات حميدة تنقي صاحبها من تهمة الإرهاب والتخلف والهمجية إلخ..
هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد أن كل العادات والأنماط والمعتقدات الغريبة عند ديانات أخرى تحترم ولا يتدخل بها أحد رغم غرابة وشواذ بعضها وسخافتها وحتى عند أكثر الأمم التي توصف بالتحضر
على سبيل المثال لا الحصر
المرشح الجمهوري لرئاسة أميركا " رومني " ينتمي لطائفة المورمن، وهؤلاء يؤمنون بتعدد الزوجات ومتشددون جداً في طعامهم وملبسهم ونهج حياتهم ، ومع هذا الاختلاف البيّن بينهم وبين عموم المجتمع الأميركي وثقافته لا يهتم أحد بهذا الاختلاف أو يسلط الضوء عليه
بل يوجد في أميركا ما يعرف بديانة " عبادة الشيطان " وطقوسها في احتساء الدماء الحية (غالبيته برضى الضحية ودون أن يصل للقتل وبإحداث شق صغير في أحد الأوردة بالعنق) وهذا كله يندرج تحت بند حرية الرأي والمعتقد.
ولكن من جهة أخرى ألا يوجد مظاهر شاذة ساهمت بالإساءة لسمعة المسلمين وزادت من وتيرة الطائفية تجاههم؟؟
هل نستطيع أن ننكر أن هناك من خطفوا الإسلام وشوهوه وقزموه وضيقوه وادعوه لأنفسهم وحولوه إلى شماعة يعلقون عليها جهلهم وعاداتهم ومفاهيمهم التي لا تمت إلى الإسلام وتاريخه العريق بصلة؟؟
ولكن هل هذا يعني أن نسقط البعض على الكل وألم تكن هذه الفرق الشاذة المتشددة مخترقة منذ وجدت وألا تستغلها الحكومات تحديداً، وألا تعتبر هذه الفرق دليل واضح لاستهداف الإسلام والإساءة له؟؟؟
ونعود للطائفية موضوع حوارنا الأساسي
كيف ترى الطائفية وكيف تعرّفها؟؟
كيف تتصدى للطائفية وكيف تنجو من سمومها؟؟
ما السبيل لأن ننجو بأنفسنا ومجتمعاتنا من هذا المرض المعدي الفتاك؟
بانتظار مساهماتكم القيمة البناءة تفضلوا بقبول فائق آيات احترامي
[/align]