لروح الغالية أمي رحمها الله
وتـَصمُتُ نَبْضةُ الثـَّدي المـُعلـَّقِ في فـَمي
وتـَنْداحُ الحِـكايةُ دَمـعة ً
تـُرْوى على كـَـفَـنٍ يَلفُّ بَياضُهُ
حُضْنًا يُنادي للطـُّفولةِ في دَمي
أهابُ اليُتْمَ في شيخوخَتي
والطـِّفلُ مَبـْغومٌ بقـلبيَ حائرٌ
أَحَـقًا لنْ أراكِ حَبيبتي حتـِّى الحِسابْ ؟
فَـتبسَّمَ الطـَّيفُ المُسجَّى هاتِـفًا:
لا تـَبكِ يا ولدي.. فأنتَ الفَجـرُ مَـرهونٌ..
بموتِ الشَّمسِ في طـَقـسِِ الغِـيابْ
لا تـَبكِ يا ولدي فأنتَ بـَقـيَّـتي
وانْـسِغْ إلى الأحفادِ أُغـنيتي ..
لِصَونِ الخُـبـْزِ في مَهْـدِ السَّلامْ
سأطوفُ في عَيْنيكَ دِفئـًا حالمـًا
قابَ الوِسادةِ كي تـَنامْ
لا تـَبكِ يا ولدي فـَـفيكَ تـَضوّعي
والعِـطرُ عِـلـَّتهُ بتـَقـطيرِ الخـُزامْ
وأتوقُ للحُـضْنِ الدَّفيءِ يـَضُمُّني
وتـَقوُّسِ الصَّدر ِالحـَنونِ وخِصْلـَةِ الشَّعـرِ التي
تـَغـفو على وجهيْ هُـنَيْهاتٍ وتـَصحو للدُّعاءْ:
يا رَبُّ مِنْ أمٍّ تـَقـَطـَّعَ قـَلبـُها
اشفِ الصَّغيرَ وخُـذْ لروحيَ إنْ تـَشاءْ
وكـفـُّكِ يَسكبُ البَـركاتِ مِلحـًا في الرَّغـيفِ..
بـِسرِّ بَسْملةٍ تـُباركُ..
عَـزمَ سكينٍ تـَجوبُ الأرضَ تـَنْـتـَزعُ العِشاءْ
لِتـَسدَّ أشداقَ الصِّغارِ بفَـيضِ مَجْـناها..
(بمِقـْليْ)* الهُنـْدُباءْ
شُقوقُ الكفِّ مَلمُسها يَـهزُّ العَرشَ مِـن أنثى..
يُزيِّنُها العَفافُ بلـُقْـمةٍ ولسانـُها
بالحَمدِ للرَّحمنِ يا أولادُ يَحفـَظها لنا
يا رازقَ الدّيدانِ في الجُلمودِ والطـَّيرِ المُسبِّحِ في السِّماءْ
ارزقْ صِغارَ العالمينَ ومَـوطني
واحْم ِالتـُّرابَ مُباركـًا يا ذا العَطاءْ!
وحُسْنُ صَبيّةٍ يَـذوي على التـَّنورِ راضية ً..
تُـحاورُ صَمتـَها جاروشة ٌ
شَهـِدتْ مَعَ الحَـبَّاتِ رحْلـَة َ عُـمْرِها
(والجِـرنُ)** يَحْـدو للمِدَقـَّةِ نـَغمة ً
(شِهْ شِهْ)*** تـُبادلـُهُ الغِــناءْ
ولـَـثـْغةُ مَولدي الأولى.. تـَزفُّ نِهايتي
وتحتَ مَـداسكِ الجنـَّاتُ يا أمِّي..
فكيفَ أبوحُ بالشَّرقِ المُـذكـَّرِ والعَـنيدْ ؟
والنـّونُ تـَتـْبعُ فاعلا ً
في مِلـْـكَةِ الجَـرِّ المُعلـَّقِ في إضافةِ ما يُريدْ
وقـَصيدتي الأنثى وأحرُفُ عِـلـَّـتي
وثـَديُ الأبجديَّةِ جَـرَّةٌ حُـبْـلى..
يُلبِّي حـَبلـُها السِّرّيُ أمشاجَ القَـصيدْ
ويُمازجُ البازلتَ في عِشقٍ فـَريدْ
أنتِ التـُّرابُ ورِقـْعةُ الطِّـينِ المُخصَّبِ للوليدْ
أمَّاهُ نـَعْشُكِ عائـــدٌ
يَهوى التـُّرابَ وللتـُّرابِ مَـآلهُ
ليُغازلَ المِسمارَ في نـَقشٍ جَـديدْ
وأنا وشِعريَ عاجِـزانِ عَـن الوَفا
فلـْيَـنْحنِ التـَّاريخُ في تَـأبينها
وليَرفع ِالوطنُ الصَّلاةَ معَ النـَّشيدْ
* إناء من الفخار يستخدم للطبخ على الحطب
** مكعب من البازلت فيه نقرة , يستخدم لدق الحبوب , واللحوم
*** شهْ شهْ , لفظة ترددها من تدق بالجرن, بشكل إيقاعي مع كل ضربة , وعلى الأغلب هي لإخراج الزفير .