عرض مشاركة واحدة
قديم 18 / 12 / 2012, 10 : 08 PM   رقم المشاركة : [3]
محمد سعيد عدنان أبوشعر
قسم اللغة العربية ( مشرف سابقاً في نور الأدب)

 الصورة الرمزية محمد سعيد عدنان أبوشعر
 





محمد سعيد عدنان أبوشعر is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

رد: الجماليّة المنسيّة في لغتنا العربية - في النحو -

الأسماء المبنية وشبهها بالحروف


مِن الأسماء المبنيّة ما لا يكون كهيئة الاسم، بل تكون أقربَ إلى الحروف منها إلى الأسماء، كـ (ما ، مَن) الموصوليّتين، وهي رغم ظاهرها هذا أسماءٌ معرفةٌ، وهي ليست نكرةً، وإنما مُبْهَمة، أي لا تفيد معنىً مستقلاً بذاتها، ويحتاج أغلبها إلى ما يرتبط به ليؤدي المعنى المطلوب، فالاسمُ الموصول مثلاً يحتاج إلى جملة الصلة لإيضاح المرادِ من ذكره.
نحو: اِلتقيتُ بمن درَّسني مادةَ التاريخ: جملة (درّسني) هي جملة صلة الموصول.
لاحظِ المرونةَ التي يتيحها لنا استخدامُ الاسمِ الموصول، فنحن لو شئنا وضْعَ اسمٍ مفردٍ محلَّه لقلنا: التقيت بمُدَرِّسِ مادة التاريخ. لكنَّ الاسمَ المفردَ لم يُتِحْ لنا إضافةَ ضمير ياء المتكلم كما وفَّرها لنا الفعلُ الماضي (درّسَني) مسبوقاً بالاسم الموصول (من) لذا فهو لم يقدم المعنى المطلوب بشكل كامل.

الفعل الماضي (اِلتقيت) مبدوء بألف مكسورة، ونسمي هذه الألفَ همزةَ وصلٍ، لأنها تُنطَق كالهمزة في أول الكلام لكنها تسقطُ في دَرْجِه (أي في السياق: جرب واسبقها بالواو أو الفاء العاطفتين فهنا من الخطأ أن تبقِيَ على لفظ الهمزة، وهو الفارقُ بينها وبين همزة القطع التي لا تسقط في درج الكلام.

لاحظْ أهميةَ كتابةِ الشدة في هذا المثال: كيف تلفظ كلمة (التقى)؟ هي بهذا الشكل تحتمل أن تكون اسماً معرفاً بـ (ال)، وتحتمل أن تكون فعلاً ماضياً، لكن التاءَ في حالة الاسم مشددةٌ كونَ اللام في (ال) التعريف شمسيّةً (التُّقَى)، وإسقاطُ الشدة في الكتابة يُظهِر الفعل الماضيَ كانطباع أولٍ لدى قراءة الكلمة (اِلْتقى) والذي قد لا يكون هو المرادَ منها.

عندما تتشابه الأسماء المبنية مع الحروف في ظاهرها، يتساءل البعض: كيف التمييزُ بينهما؟ إنّ ما يميّز الاسمَ عن الحرف هو محلُّه من الإعراب، فالحروفُ دائماً مبنيةٌ لا محل لها من الإعراب، وكلمة (الحروف) لا تعني أن تكون هذه الحروف مؤلَّفةً من حرف واحد كما في أبسطها (واو العطف - لام الجر - وغيرها) فـ (هل) الاستفهامية مثلاً حرفٌ لا اسمٌ؛ لأنها إذا تصدَّرَت الجملة فالجواب عن استفهامها يكون بأحد حروف الجواب (لا - نعم)، أي لا يمكن وَضْعُ اسمٍ صريح في جوابها كما في جواب أسماء الاستفهام كـ (متى)، فتقول: متى عطلتُك الأسبوعية؟ والإجابة: يومُ الجمعة.
ومِثلُ هذا نجده في أدوات الشّرط التي تنقسم إلى أحرف وأسماء، فعندما تقول: (ما تفعلْ من خير يُؤجِرْكَ اللهُ عليه): فإن (ما) الشرطية هنا تدل على اسم هو (الفعلُ أو العملُ)، وهذا يختلف عن قولك: (إِنْ تفعلْ خيراً يؤجرْك الله عليه) فمن الصعب تأويل اسمٍ محلَّ إنْ الشرطية، لذا اعتُبِرت حرفَ شرط هي و (إذما) وبقيةُ أدوات الشرط أسماء.
وعلى هذا قِسْ كلَّ الحروف العاملة أو غير العاملة التي نشير إلى مجموعِ كِلَيْهما بـ (حروف المعاني).


محمد سعيد عدنان أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس