رد: الجماليّة المنسيّة في لغتنا العربية - في النحو -
تثنية الأسماء والأفعال - الأفعال الخمسة
تمتاز اللغة العربية بقدرتها على تثنية الأسماء والصفات والأفعال كذلك، بينما تحتاج أغلبُ اللغات إلى ذكر العدد (اثنين) قبل الاسم للدلالة على كونه مثنّىً، ومنها ما لا يقبل التثنية أساساً خصوصاً في الصفات.
تُراعَى في التثنية مواقعُ الاسم في الجملة من حيث كونُه مرفوعاً أو منصوباً أو مجروراً. ويُؤتى بضمير التثنية (ألف الاثنين) متصلاً مع الأفعال الماضية والمضارعة والأمر.
يُثنّى الاسم والصفة بإضافة الألف والنون إلى آخره رفعاً، والياء والنون نصباً وجرّاً. والنون هي إضافةٌ شكليّةٌ لا علاقةَ لها بالتثنية وإنما تدل على التنوين في الحالة الأصلية للاسم وهي الإفراد والتنكير (أي كونه مفرداً وغير معرف بـ ال)، فنقول: اجتمعت بصديقَيْنِ لأخي. وتحذَف هذه النون إذا وقع المثنّى اسماً مضافاً (أي الاسم الذي يسبق المضاف إليه)، فنقول: اجتمعت بصديقَيْ أخي.
تثنّى الأفعال عندما يكون فاعلُها مثنّىً غيرَ صريح، أي ضميرَ تثنية، فلا يجوز قولنا: ذهبا التلميذان إلى المدرسة: فالفاعل هنا هو ألف الاثنين الضمير المتصل بالفعل، بينما الاسم المرفوعُ (التلميذان) اسمٌ مثنّىً صريح، وقد يجوز هذا القول على اعتبار الاسم المرفوع بدلاً من الضمير، وهو قليل الاستعمال.
يصح قولنا: التلميذان ذهبا إلى المدرسة.
ويصح قولنا: ذهب التلميذان إلى المدرسة.
الفعل الماضي يحتفظ بحركة بنائه الأصلية (الفتحة) عند اتصاله بألف الاثنين، لأن الألفَ في اللغة العربية تُلزِمُ أن يتحرّك الحرفُ الذي يسبقها بالفتحة حصراً.
يقبل الفعل المضارع ألف الاثنين، ولكونه مضارعاً (مشابِهاً) للاسم فيظهر في آخره نونٌ كما هي حال الاسم المثنّى، وتظهر هذه النون كذلك عند اتصال الفعل المضارع بـ (واو الجماعة) و (ياء المؤنثة المخاطَبة)، وينتج من ذلك خمسُ صيغٍ تدعَى (الأفعالَ الخمسة)، يوضحها لنا الفعل (يفعلُ):
يفعلون : (تدلّ الواو على جماعة الذكور الغائبين): هم يفعلون.
تفعلون : (تدل الواو على جماعة المخاطَبين): أنتم تفعلون.
تفعلين : (تدل الياء على المفردة المؤنثة المخاطبة): أنتِ تفعلين.
تفعلان : (تدل الألف على المثنى المذكر أو المؤنث المخاطَبَين أو على المثنى المؤنث الغائبتَين): أنتما تفعلان (مثنى مخاطَب مذكر ومؤنث)، هما تفعلان (مثنى مؤنث غائب).
يفعلان : (تدل الألف على المثنى المذكر الغائبَين): هما يفعلان.
وإن اختلافَ هذه الدلالاتِ ناتجٌ عن تغيُّر العلاقة بين أحرف المضارَعة (التي تأتي في أول الفعل المضارع ولا تدخل في بنيته الأصلية وهي مجموعة في كلمة أَنَيْتُ) وبين الضمير المتصل بالفعل، وقد استعملنا ثلاثةً فقط من أحرف المضارَعة في الأفعال الخمسة، إذ إن النون بمجيئها في أول الفعل المضارع تلزِم أن يكون فاعله جماعة المتكلمين (نحن)، وهو في هذه الحالة لا يخضع لقاعدة الأفعال الخمسة، فنقول: نحبُّ العلمَ ونحترمُ العلماءَ.
لاحظْ كذلك من هذه الصِّيَغ أننا إذا أردنا استخدام الفعل المضارع للمفردة المؤنثة الغائبة فنقول: هي تفعَل (مجرداً من الضمير المتصل)، وتتشابه هذه الحالة مع استعمال الفعل للمفرد المذكر المخاطَب فنقول: أنتَ تفعل. والسِّياق هو الحَكَم في التمييز بينهما إذا خلا الكلامُ من دلالاتٍ أخرى.
وإذا أردنا استخدام الفعل المضارع لجماعة الإناث فنستعمل نون النسوة فنقول: هُنَّ يفعلْنَ (للغائبات)، و أنْتُنَّ تفعلْنَ (للمخاطَبات). وقد أشرت آنفاً إلى التحول الذي يصيب الفعل المضارع هنا.
الأفعال الخمسة ترفَع بثُبوت النون وتنصَب وتجزَم بحذفها، والأوفق هنا أن نقول إن علامة نصبها وجزمها حذفُ النون: فإن ما يُذكر متصلاً بالباء هو العلة لا العلامة، وهذا من الأخطاء الشائعة في الإعراب والتي قد تُقبَل في حالة الرفع فيجوز قولنا: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، لأنه لا سببَ نحوياً لرفعه سوى أنه فعل مضارع. أما في النصب مثلا كما في: طلبتُ منكِ أن تشربي الدواء: نقول في إعراب (تشربي): فعل مضارع منصوب بـ (أنْ) وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة.
يُثنّى فعلُ الأمر بصيغة واحدة هي (اِفعَلا) للمذكر والمؤنث المخاطَبَين، وفعل الأمر لا يكون فاعله إلا مخاطَباً (مذكراً ومؤنثاً ومفرداً ومثنىً وجماعةً) إذ إننا لا نتوجه بالأمر للغائب أو المتكلم. وقد تأتي همزة الوصل أولَ فعل الأمر (الثلاثي) مضمومةً، والقاعدة في ذلك سهلة أذكرها لاحقاً إن شاء الله.
|