همزة الوصل في أمر الثلاثي المجرد
لسنا دائماً بحاجة إلى كتب القواعد لوضع بعض المساعدات اللغوية البسيطة، يكفي القليلُ من التأمل وإمعانِ النظر لصياغة الهدف بشكل مفهوم، وأحب أن أقدم لكم تجربةً شخصيّةً كدليل على هذا القول:
فعلُ الأمر في اللغة العربية يرتكز على همزة الوصل في أغلب حالات صياغته، باستثناء حالاتٍ كما في الأمر من وزن (أَفْعَلَ) كـ (أخْرَجَ ==> أَخْرِجْ) و من وزن (فَعَلَ) معتلِّ الوسط بالألف كـ (عادَ ==> عُدْ).
حركة همزة الوصل هذه لا يمكن أن تكون الفتحةَ بأي حال، ففتحها يحوِّلها فوراً إلى همزة قطع، فهي إما أن تأتي مضمومة أو مكسورة، فكيف يتم تحديدها؟
للحقيقة قد أشغلني هذا الموضوع فترةً من الزمن، فأنا لم أقرأ عنه في أيٍّ من الكتب التدريسية التي مررْتُ عليها، لكن بعد التأمل علمْتُ أنه يعتمد بشكل كلِّيٍّ على حركة عين الفعل الماضي أو المضارع، قد يكون هذا معروفاً لدى علماء الصرف والنحو، لكنّ العبرةَ في تعلّمِ طريقةٍ سليمة ومنهجيةٍ للتفكير، فاللغة العربية ليست رموزاً تصْعُب قراءتها ولا ألغازاً يستعصي علينا فهمها.
لنتأملْ في حركات عين الأفعال الثلاثية في اللغة العربية:
تقبل العين (الحرف الأوسط) في الأفعال العربية جميع الحركات، والغالبية العظمى من الأفعال تكون في إحدى هذه الحالات:
إما أن يكون مفتوح العين في الماضي والمضارع معاً كـ (قرَأ ==> يقرَأ)، أو مفتوحاً في الماضي مكسوراً في المضارع (سرَق ==> يسرِق)، أو بالعكس (علِم ==> يعلَم)، أو مفتوحاً في الماضي مضموماً في المضارع ( نظَر ==> ينظُر).
لمعرفة حركة همزة الوصل في فعل الأمر، ننظر في صيغتَي الماضي والمضارع من الفعل، إذا كانت حركة العين في أحدهما ضمةً تكون الهمزة مضمومةً كذلك كما في ( نظَر ينظُر ==> اُنظُرْ)، وإذا كانت حركة العين في أحدهما كسرةً تكون الهمزة مكسورةً كما في (علِم يعلَم ==> اِعْلَمْ ، نطَق ينطِق ==> اِنْطِقْ)، وإذا كانت العينُ مفتوحةً في الصيغتين فإنها تتحرك بالكسرة وجوباً كما في (قرَأ يقرَأ ==> اِقْرَأْ ، منَع يمنَع ==> اِمْنَع).
إذا لم يكن الفعل ثلاثياً كـ (استفعَلَ ، انفعَلَ ، افتعَلَ) فتكون همزة الوصل في الأمر مكسورةً دائماً لأن العين في المضارع منها جميعاً مكسورة (يستفعِل ، ينفعِل ، يفتعِل)، فنقول: (اِسْتَخْرِجْ ، اِنْصَرِفْ ، اِسْتَمِعْ).
بالنسبة لعين الفعل في صيغة الأمر فهي تماثل حركة العين في صيغة المضارع، فنقول (غضِبَ، يغضَبُ، اِغْضَبْ).