يعجز التذمر والازدحام والفشل والألم مجتمعين عن تشويه عشقي للمطر، حين يتناثر البشر يمنة ويسرة، مفسحين طريقاً لمتعة الخيال، ومع إيقاعات الهطول، بحرٌ من الماء يملأ الصورة أمامي، يغسل كل البشاعة، يمحو آثارها، ويطفو الجمال على السطح، ويدعوني لأعانقه، وأتمايل على تموجاته الهادئة، إنه أنت.
وجّهَني إليك شوقي، خبأته في بريد مختوم، مرسلاً إياه مع ساعي غرام يهرول متأخراً، أيقظه البرد، يحلم بحضن دافئ. إن كان حياؤك قد حبس عني همسات الرغبة، فأطلق سراح حنينك إلى قلبي، وداوني ببلسم ربيعك، فقد لدغني الخريف بقسوته.
مما أشعل قلبي، فاستشاط شوقاً، كوى بالحنين ضلوعي، بريدُ قلب عاشق لطالما غفا على قلبي، واستقر بين جوانحي، يبَلسِم الجراح في جو ماطر، يملأ القلب بالبهجة، داعياً للاحتفال باتحاد القلوب.
مشيت، ومشيت وما زلت، تحت أمطار الحب معك، أنت لم تتركني هنيهة، أنت في كل قطرة تغسل مقلتي، تنساب مداعبة وجنتي، بلمسة حانية تغازل روحي.. إنها أنت.
يتكالب ضدي الألم والزمان والمكان والواجب والازدحام في تحالف دنيء، ليحبسوني عن لقائك، ليمنعوا عني دفء أحضانك تحت المطر، ليحرمونا من الاغتسال سوياً.. أيدينا متشابكة، أرواحنا متعانقة، أشتاقك وأشتاق رؤياك، باسماً.. صامتاً.. لا فرق، ما أردت إلا الاحتفال، عرفت السماء مقصدي، فبكت فرحاً... لكني هُزمت.
إن كنت قد هزمت، فإنني أعلن هزيمتي أمامك.. ساكناً قلبي، ترنو برأسك الحاني إلى كتفي، بنظرة تملأ الأرض حباً، تشبعني عشقاً، ويد تمسح عن قلبي حزن البعد، أنِ اغفُ في فؤادي، قرير العين أبداً.
يمضي قسم من الزمان، أعيشه تائهاً حيران، بلا هدف.. بلا سراج، تقتحم بحضورك سجن حياتي الفارغة، لتبعث فيها روحاً من نور عينيك، وتنشلني من ضياع محتوم.
الحب يربو، نسقيه المشاعرَ، ونبني الذكريات، ونبتسم للقادم، حين سيغمر سحر العشق الأجواء.
محتفلاً بقلبك، يلملم مشاعرَ بين حناياه، ناءت فيما مضى قلوبٌ بحملها، رافضاً أن يلبس حلة جديدة، في عيد المطر، فحلته قد ارتداها منذ عرفك، تزداد بهاءً، نوراً، روعةً يوماً بعد يوم، ليختال بها أمام العالم كله، ذاك قلبي.