رد: لاتظلموا الجاهلية بخبث الاستشراق
أخي المبدع حسن إبراهيم سمعون:
لفة هامة ما تفضلت بالكتابة عنه حول العصر الجاهلي ،وكيف غالينا في إطرائه أو ظلمه .
وفي رأيي أنه علينا التفريق تماماً بين مجموع الناس ، ولهم عاداتهم وثقافاتهم وممارساتهم اليومية والنظام الممارس في زمنهم ، وبين بيئات البدو والبيئات المتحضرة ،فنرى ،أن تلك الفترة، تُشابه ،في كثير من الوجوه ،حالنا اليوم !
فالعرب ،في زمننا ، يندرجون جميعاً تحت مجموعة ( العالم المتخلف ) ولطَّف المتحضرون اللفظ فأسمونا ( العالم النامي ) ،لافتقارنا إلى مظاهر وآليات العالم المتحضر ،رغم امتلاكنا عقول نيِّرة هاجرت إليهم وساهمت في إتمام صورة حضارة اليوم بآلياتها المعقَّدة ،مع بقاء النمط البدائي في مجمل النواحي عندنا .
فالجاهلية ( جاهلية ) في صورتها العامة مهما زيَّنا اللفظ:ظلم ،ونفوذ أثرياء كريه ، واحتكار ثروة، وعادات ثأر همجي ،وتبرير لكل فساد بتسميته باسم مغاير لطيف ،وأهلُ بدو لهم سيئ اعتقادات فاسدة ،وصفاتٌ أخرى كثيرة بدائية .
مع وجود منارات مضيئة توصوص في تلك العتمة المطبقة،نفخر كلنا بها ،فنتذكر أن هجرة المسلمين الأولى إلى الحبشة كانت عن طريق البحر،أي أنهم كانوا على دراية بالأنواء والطرق ،ونتذكرأن علم الأنساب يحمل في طياته :الشعر،والمَثَل ،والحكمة ،والأسطورة ،وأوَّليات المعرفة..وأشياء أخرى كثيرة ،يطول المقام في ذكرها.
وهذا يعني أنَّ العقل الجاهلي نمطان متباينان أشد التباين :نمط غارق في البدائية بمظاهرها كافة ،ونمط يحمل بذرة الخير لمجموع الناس.
مثل صورتنا اليوم .
وكل الخير لك ،وتستمر صحبة طيب الدرب .
|