رد: حوارنا الأدبي المفتوح مع الأديب الأستاذ خيري حمدان
السؤال الثاني الذي طرحته السيّدة الأديبة هدى نور الخطيب: (القصّ بشكل عام، ماذا يشكل في عالمك الأدبي؟؟..)
كنت أعتبر القصّ في المراحل الأولى من انطلاقتي الأدبية المجال الأهمّ والأوسع، لأنّ كتابة القصّة لا تتطلب الجهد والوقت والتركيز الذي تحتاجه الرواية. وقد استخدمت بعض الأحداث الشخصية من مشوار الحياة كي أنقله بشكل قصصيّ، ثمّ بدأت أحوّل الأفكار والمواقف إلى قصص. في الآونة الأخيرة قمت بالتركيز على الهدف الإستراتيجي المرتقب من القصّ، ولم يعد الكمّ والغزارة في السرد يحتلّ مكانة الصدارة، لذا قمت بدراسة مسبقة للأبعاد النفسية والاجتماعية للقصّ المعنيّ. استشرت محامي على سبيل في قصّة "المعذرة - رفعت الجلسة"، لمعرفة رأي القانون فيما إذا كان بالإمكان رفع دعوة قضائية ضدّ نفسي، وبحثت في تفاصيل الموت الرحيم في قصّة "الطريق إلى دنيتاس"، دفعني لذلك اختيار توأم في بروكسل لاختيار الموت لأنّهم كانوا معرّضين للعمى في فترة لاحقة. كما ترون فإن القصّة هي محاولة بحث عن الأمل، وبالأحرى التذكير بوجود بوادر لموت الأمل. القصّ في عالمي الأدبي كان حقيقة مقدّمة للعمل الروائيّ، وأعتقد بأنّ القصّ ساعدني إلى حدّ كبير لخوض التجربة الروائية بنجاح مع روايتي الأولى شجرة التوت وأحياء في مملكة السرطان. القصّ كذلك هو البحيرة التي يمكن أن يسبح في أنحائها الأديب دون الخوف من الغرق، لكن هناك دوّامات مائية خطرة يجب تجنّبها لأنّها قد تؤدي إلى غرق غير متوقّع. المقصود بذلك على سبيل المثال، نقل أفكار غير مدروسة وغير سويّة للقرّاء قد تساهم في التركيب السلبيّ لشخصياتهم، كالفهم الخاطئ للحريات وما إلى ذلك.
الشاعر والأديب العزيز عادل سلطاني، لقد أكرمتني بهذا الحضور البهيّ وأشكرك كلّ الشكر على هذه الأسئلة القيّمة. لكن - ألا ترى يا صديقي بأنّ الإجابة على هذه الأسئلة تحتاج لمئات الصفحات؟ على أيّة حال، لقد أضفت هذه الأسئلة بعدًا عميقًا ومتميّزًا لهذا اللقاء. وسأبذل جهدي للردّ على كافّة أسئلتك. بوركت وبورك قلمك النابض بالحياة.
|