عرض مشاركة واحدة
قديم 18 / 02 / 2013, 40 : 09 PM   رقم المشاركة : [117]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

رد: حوارنا الأدبي المفتوح مع الأديب الأستاذ خيري حمدان


اسمحوا لي بأن أقدّم مقطعًا من دراسة أعددتا ولم تنشر بعد كإهداء لنور الأدب، علمًا بأنّ قرّاء نور الأدب هم أول قرّائي ما يشرفني هذا بالطبع، عسى أن أكون بهذا قد قدمت بعض الفائدة للإعلاميين. مع خالص مودّتي.


الفصل الأول
تحدث

الصمت هو عدوّ الإعلام، لا تسكت إذا كان قدرك الوقوف أمام الميكرفون أو عدسة الكاميرا. السكوت تجارة خاسرة في دوامة الكلام وصراع الأفكار علنيًا. اقرأ ذاتك جيدًا، قرّر إذا كان لسانك طيّعًا وانطلق. كانت هذه النصائح حزمة متواضعة من سيل النصائح التي تلقيتها من أحد رجال الإعلام، كانت نصائحه بالغة الأهمية ومفيدة إلى حدّ بعيد. تذكرته في بروكسل لاحقًا حين التحقت للعمل في إحدى القنوات العربية. في البداية كان عملي في غرفة الأخبار للتدقيق والكتابة، وكنت أجلس خلف الكاميرا لأراقب أداء المذيعين وتقديم المساعدة قدر الإمكان. أحد الزملاء المذيعين كان يحسن الابتسام، وكانت ابتسامته للحقّ شديدة الجاذبية. إثر الحرب التي أعلنتها إسرائيل ضدّ غزة، كانت الصور والأفلام التي تصوّر العدوان قاسية ومؤلمة، وأذكر بأن الزميل قرأ الخبر المفجع ولم يكن يعلم بأن هناك فيلم وثائقي قصير يتبع الخبر مباشرة (كانت الأخبار مسجلة وليست مباشرة وحيّة)، أنهى الزميل وصلته بابتسامة جذّابة كالعادة، لكن بعد تركيب الفيلم المروع جاءت ابتسامته كأنها مستهزئة وحاقدة. هو بالطبع شعر بالحرج الشديد، لأنه لم يكن يقصد ذلك. لكن لا بدّ أحيانًا من التخلي عن الإيماءات المهنية الآلية، خاصة حين نتحدث عن كارثة أو مأساة، بغض النظر إذا كان هناك صورًا أم أن الخبر لا يتعدى الإلقاء.

راقبت الكاميرا وجلست لأكثر من مرة خلفها، شاهدت الهدف المحدد في العدسة، المذيع أو الضيف، كنت أعرف بأن الوقت يمرّ وسرعان ما يبدأ برنامجي الجديد "أوراق ثقافية"، ولا بدّ من أن معاناتي مع الكاميرا ستبدأ لأن للعدسة حضورها الثقيل والقويّ، فهي تمتصّ كالمغناطيس الكثير من الطاقة، تشعر بعد التصوير وكأنك قمت بحرث حقل كبير من الأراضي.

شربت كأسًا من الماء أتبعتها بكأسين، لكن حلقي ما يزال جافًا. كانوا قد طلبوا منّي القيام بقراءة تقرير أمام الميكرفون في غرفة منعزلة دون الكاميرا بالطبع. أخذت نفسًا عميقًا وأخذت أقرأ بهدوء ووضوح. حاولت أن تكون لغتي سليمة ومفهومة، وقفت عند النقاط وتمهلت عند الفواصل، توحدت مع التقرير بالكامل. أنهيته مرّة واحدة، لم أتعثر ولم أردّد بعض الجمل والكلمات. أردت أن أنتهي منه بسرعة ولكن بحذر دون الحاجة للشعور بأنني في سباق ما. بعد أن أنهيت التسجيل، رفعت مخرجة الصوت البلجيكية إبهامها عاليًا مبتسمة، أدركت بأن الامتحان القصير انتهى على خير. عدت إلى غرفة الأخبار. سألني مدير غرفة الأخبار: لماذا لم تقرأ التقرير؟ أخبرته بأنني قد انتهيت. ابتسم ولم يزد على ما قاله وانتظرت مخرجة الصوت لتحضر التسجيل ليتم وصله بالخبر المصوّر. نسيت المسألة بالكامل، بعد ساعة سمعت صوتي يُدمج مع الخبر. سأل المذيع قائلاً: هل استخدمتم أحد كوادر قناة الجزيرة. استغرب المخرج ما قاله المذيع وقال: بالطبع لا. لدينا كوادرنا ولا نتعامل مع قنوات تلفزة أخرى. قال المذيع: من صاحب الصوت؟ قال المخرج: إنه الأستاذ خيري! كانت تلك العبارات أكبر تكريم بالنسبة لي وتصريحًا لدخول عالم التلفزة. أدركت بأن نبرة الصوت وطبقاته مناسبة ومقبولة بل وممتازة، وسرعان ما أخذ يطلبني الكثير من الزملاء للقيام بعمليات الدوبلاج لبرامجهم المختلفة. كان ذلك بمثابة تصريح للمضيّ في هذا الطريق حتى النهاية.

يجب على الإعلامي أن يحدّق في ذاته، أن يعمل على اكتشاف مواهبه التي قد تكون غامضة حتى بالنسبة إليه. إذا كان العمل في الراديو فعليه أن يحسن أداء صوته ويدرس طبقاته وإمكانياته، من الممكن اللجوء إلى مختصين عند الضرورة. أعتقد بأن الإعلامي يجب أن يعرف نقاط القوة لديه والتركيز عليها وإظهارها لتصبح مصاحبة له وعلامة مميزة. أما إذا كان يعاني من نقص خلقيّ ما فعليه أن يذكره ولا يخشى البوح به لأنه سيتمكن بهذا من اكتساب تعاطف الجمهور بكافة أطيافه. المشاهد يرغب في أن يكون جزءًا من الحدث والبرنامج الذي يتفاعل أمامه، حاول كإعلاميّ أن تدمجه في أجواء موضوعك المطروح وبرنامج حلقتك أو الريبورتاج المطلوب منك كإعلامي تنفيذه.
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس