رد: حوارنا الأدبي المفتوح مع الأديب الأستاذ خيري حمدان
الأديب العزيز عادل سلطاني، أهلا بك وبأسئلتك الزخمة كالعادة.
الإبداع في رأيي الخاص هروب إلى الأمام من أجل تجسيد القيمة في الواقع أو بشكل آخر هروب من أجل تشكيل واقع مغاير لواقع حقيقي صادم .. كيف تتشكل القيمة في مطلقها الإبداعي والوجودي لدى أديبنا المتميز على مستويي التجربة والممارسة؟
قد أختلف معك في بعض ما تفضّلت به أستاذ عادل، لأن الإبداع هو قفزة شجاعة نحو الأمام وليس هروبًا كما ذكرت، وإلا لكان الأدب مجرّد متعة، لأنّ الهرب هو ابتعاد عن المشاكل الآنية، القيمة المطلقة تتأتّى حين تتراكم التجربة ويصبح القلم قادرًا على تحسّس الواقع وتوقّع الحلول الممكنة، الأديب أخي العزيز عادل لا يقدر على حلّ المشاكل المعيشية والفكرية، لكنّه قادر على طرح الحلول الفكرية والإديولوجية، القائد الحقيقي هو القادر على اتخاذ القرار المصيري، لأنّ الأديب كما أسلفت يضع الكثير من الحلول وليس حلا واحدًا خوفًا من تحمّل مسؤولية الوقوع في مأساة إنسانية أو أخطاء مصيرية، لذا فإنّ الأديب ليس بالضرورة أن يكون قائدًا ميدانيًا لكنّه منبر ونبراس. سؤال في منتهى الجمال والأهمية.
كيف يرى مبدعنا ممارسة ظاهرة التجريب وإلى أي مدى كان أديبنا ناصا مجربا في أشكاله الأدبية المختلفة؟
الأدب الناجح يقوم على التجريب، أوّل رواية صغيرة كتبتها جاءت في سنّ مبكّرة للغاية، وهي من وحي الخيال، والآن حين أقرأ تلك الصفحات أضحك بملء فمي لأنّها بالطبع غير ناضجة، لكنّها تجربة جريئة للغاية. يمكن التجريب في المسرح أيضًا لأنّ النصّ يتفاعل مع رؤية المخرج أضف لذلك التأثيرات الصوتية والمرئية وما إلى ذلك. يمكن التجريب في الرواية بخلط المعايير التقليدية مثل الحوار والسرد والخروج عن المألوف بشأن مزج الأزمنة والأمكنة وما إلى ذلك. لكن النجاح يأتي حقيقة بعد تراكم التجربة والمعرفة. الأديب كالقارب يمكنه الإبحار لمسافات كبيرة، لكنّه يختلف عنه بشأن الفراغ الذي يتطلبه تجويف القارب كيلا يغرق، لا بدّ للأديب من نضح المعرفة وقراءة الآثار القديمة الثرية وما تجود به التجارب المعاصرة.
|