أستاذي الفاضل أيها الجار الصالح نظرا لأهمية هذا الكتاب وصعوبة استيعاب مفرداته ومعانيه أرجو منكم المساعدة في توضيح وتفسير بعض المعاني ومن شاء من أساتذتنا الكرام.. وجزاكم الله عنا خيرا وسوف أنقل صفحة صفحة إلى آخر الكتاب إن وافقتم على ذلك
أسرار البلاغة
في علم البيان
تأليف
الإمام عبد القاهر الجرجاني
باسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الكتاب
الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان فله الحمد أن علم ، والشكر على ما أنعم ، ومنه الصلاة والتسليم ، على نبيه الرؤوف الرحيم ، الذي جاء بتوحيد اللغة والدين ، وجعل الحكمة في الأميين ، فكانوا بذلك أئمة وكانوا هم الوارثين.
الإنسان يمتاز بالعلم ، وإنما العلم بالتعلم ، والتعلم باللغة، واللغات تتفاضل في حقيقتها وجوهرها بالبيان، وهي تأدية المعاني التي تقوم بالنفس تامة على وجه يكون أقرب إلى القبول وأدعى إلى التأثير . وفي صورتها وأجراس كلمها بعذوبة النطق ، وسهولة اللفظ والإلقاء ، والخفة على السمع . وإن للغة العربية من هذه المميزات الميزان الراجح ، والجواد القارح ، يعرف ذلك من أخذها بحق ، وحرى فيها على عرق ، فكان من مفرداتها على علم ، وضرب في أساليبها بسهم ، ومن آية ذلك لغير العارف ، أن أولئك الشراذم والأوزاع من أهلها قد حملوها إلى الأمم التي كان للغاتها في العلوم قدم ، ولم يحملوهم عليها بالإلزام ، ولا بالتعليم العام . وكان من أمرها مع هذا أن نسخت بطبيعتها لغة المصريين من مصرهم ، والرومانيين من شامهم ، واستعلت على الفارسية العذبة في مهدها وموطنها ، وامتد شعاعها في الأندلس في غربي أوربة بعد ما طاف ساحل أفريقيا الشمالي ، وإلى جدار الصين من الشرق – كل ذلك في زمن قريب لم يعرف في التاريخ مثله للغة أخرى من لغة الفاتحين الذين يتخذون كل الوسائل لنشر لغاتهم ، وتعميمها بالتعليم العام ، وضروب الترغيب الترغيب والترهيب.
كانت لغة أميين وثنيين جاهليين ، فظهر فيها أكمل الأديان، فكانت له أكمل مظهر ، وتجلى لها العلم فكانت له خير مجلى ، وصارت بذلك لغة الدين والشريعة ، وعلوم العقل والطبيعة، ولكن عدت على أهلها عواد كونية ، وطرأت عليها أمراض اجتماعية ، فضعف فيهم كل مقوم من مقومات الأمم الحية. ومن تلك المقومات الحقيقية اللغة فقد فسدت مقوماتها في الألستة، والتوى طريق تعليمها في المدارس، حتى كادت تكون من اللغات الدوارس .
ظهر ضعف اللغة في القرن الخامس ، وكانت في ريعان شبابها ، وأوج عزها وشرفها ، وكان أول مرض ألم بها الوقوف عتد ظواهر قوانين النحو، ومدلول الألفاظ المفردة ، والجمل المركبة، والإنصراف عن معاني الأساليب ، ومغازي التركيب ، وعدم الإحتفال بتصريف القول ومناحيه ، وضروب التجوز والكناية فيه – وهذا ما بعث عزيمة الشيخ عبد القاهر الجرجاني إمام علوم اللغة في عصره، إلى تدوين علم البلاغة ، ووضع قوانين للمعاني والبيان ، كما وضعت قوانين النحو عند ظهور الخطأ في الإعراب فوضع هذا الكتاب في البيان ، ومن فاتحته يتنسم القارئ أن دولة الألفاظ كانت قد تحكمت في عصره واستبدت على المعاني ، وأنه يحاول بكتابه تأييد المعاني ونصرها ، وتعزيز جانبها وشد أسرها .
كتب قبل عبد القاهر في مسائل من البيان بعض البلغاء كالجاحظ وابن دريد وقدامة الكاتب ، ولكنهم لم يبلغوا فيما بنوه أن جعلوه فنا مرفوع القواعد مفتح الأبواب كما فعل عبد القاهر من بعدهم ، فهو واضع علم البلاغة كما صرح به بعض علمائها. وإن لم يذكر له هذه المنقبة المؤرخون الذين رأينا ترجمة في كتبهم ، حتى أن ابن خلدون الذي تصدى دون القوم للإلمام بتاريخ الفنون أهمل ذكره، وزعم أن الذي هذب الفن بعد أولئك الذين كتبوا في مسائل متفرقة منه هو السكاكي ، وما كان السكاكي إلا عيالا على عبد القاهر، تلا تلوه ، وأخذ عنه مع المخالفة في شيء من الترتيب والتبويب ولكنه لم يسلم من التكلف في بعض عبارته، والتعقيد في بعض منازعه ، فإذا جاز لنا أن نقول : إنه فاق لتأخره بالترتيب المعلوم، وبما حرره من الحدود والرسوم . فإننا لا ننسى من فضل المتقدم سلامة عبارته، وصفاء دباجته ، وغوصه على أسرار الكلام ، ووضع دررها في أبدع نظام.
كان السكاكي وسطا بين عبد القاهر الذي جمع في البلاغة بين العلم والعمل وأضرابه من البلغاء العاملين ، وبين المتكلفين من المتأخريت الذين سلكوا بالبيان مسلك العلوم النظرية ، وفسروا اصطلاحاته كما يفسرون المفردات اللغوية ، ثم تنافسوا في الإختصار والإيجاز ، حتى صارت كتب البيان أشبه بالمعميات والألغاز ، فضاعت حدوده بتلك الحدود ، ودرست رسومه بتلك الرسوم ، وكان من أثر فساد اللغة اختيار هذه الكتب التي ملكت العجمة عليها أمرها ، على الكتب التي إلى العلم الصحيح بمعانيها، وتهدى إليك الذوق السليم بأساليبها ومناحيها ، فكادت كتب عبد القاهر تمحى وتنسخ، وهذا هو حظ العلم النافع إذا ألقى إلى الأمة في طور التدلي والضعف ، فمثل عبد القاهر في أسرار بلاغته ودلائل إعجازه ، كمثل ابن خلدون في مقدمته والسلطان سليمان العثماني في قوانينه.
الوقوف عند ظواهر النحو:
مدلول الألفاظ المفردة:
الجمل المركبة:
عدم الإحتفال بتصريف القول ومناحيه:
الإنصراف عن معاني الأساليب:
مغازي التركيب:
ضروب التجوز والكناية:
مرفوع القواعد:
تمحى وتنسخ:
تطبع وتنسخ:
قوانين السلطان سليمان العثماني:
ولكم جزيل الشكر سيدي